بين الأساتذة والطلاب.. هل الكليات المتخصصة جديرة بحراسة اللغة العربية؟

بين الأساتذة والطلاب.. هل الكليات المتخصصة جديرة بحراسة اللغة العربية؟

أحاديث كثيرة من علماء ومتخصصين حول أهمية اللغة العربية وعالميتها وآليات الحفاظ عليها، وكيف يمكن أن يساهم الأفراد والمؤسسات في الحفاظ على الهوية العربية ولغة الضاد.

ويفترض من الكليات المتخصصة في تدريس اللغة، ككليات اللغة العربية بالأزهر، ودار العلوم وأقسام اللغة بكليات الآداب والتربية، أن تقوم بدور الحارس الذي يحفظ العربية من الاندثار بتخريج أجيال قادرة على ذلك.

فهل تقوم هذه المؤسسات الجامعية بهذا الدور؟ وما هي آليات التعامل بين الطالب والمدرس، وما هو المستوى اللغوي للملتحق بتخصصات اللغة في الجامعة؟ وهل خريجو تخصصات اللغة العربية على قدر مسئولية حمل الأمانة؟

في هذا التقرير ناقشنا أساتذة متخصصين وطلابا بجامعات الأزهر والقاهرة والمنصورة وبني سويف، للوقوف على وضع اللغة العربية في الجامعات المصرية.

مستويات الطلاب

يرى أستاذ البلاغة بكلية اللغة العربية جامعة الأزهر فرع القاهرة، محمود شعبان، أن الكلية تحاول الحفاظ على اللغة العربية من خلال ربط الطلاب بالتراث العربي والإسلامي، معتبرا أن مستويات الطلاب تُقاس بما تفرزه الثانوية الأزهرية من مستويات.

وأشار إلى أن الكثيرين ممن التحقوا بكلية اللغة العربية ليس من دوافعهم حب اللغة وإنما أجبروا على ذلك بحسب التنسيق، لافتا إلى أن المنظومة التعليمة في أساسها تحتاج للتعافي مما هي فيه.

وأرجع الأستاذ بقسم اللغة العربية كلية الآداب جامعة بني سويف، محمد عبد الفتاح، تدهور اللغة العربية بين الطلاب إلى تدهور التعليم في المراحل الأساسية، مشيرا إلى أن الطلاب الوافدين من خارج مصر أكثر إجادة للعربية الفصحى من المصريين باعتبار أن الكلية مفروضة عليهم بسبب التنسيق.

شرح المناهج

ولفت «شعبان» إلى أن شرح المناهج داخل قاعات المحاضرات في الغالب يكون بالعربية الفصحى، إلا في بعض حالات التبسيط والتوضيح في عدد من النقاط لتسهيل الفهم على الطلاب.

وأكد أن الدراسة في كلية اللغة العربية بها شق تطبيقي لتعويد لسان الطالب على النطق السليم والإعراب الصحيح وكذلك تطبيقات على أسئلة من أبيات الشعر ونصوص القرآن، وأن نظام الامتحانات به أسئلة تطبيقية ومعرفية تقيس مستوى فهم الطالب للغة وليس حفظها.

وجاء كلام «شعبان» متفقا مع ما قاله الأستاذ بجامعة بني سويف، محمد البربري، بأن عددا من أعضاء هيئة التدريس يضطرون للشرح بالعامية، مؤكدا: «مفيش حاجه اسمها فصحى وعامية، اللغة العامية دي علم ومن الظواهر الحديثة».

واختلف رئيس قسم اللغويات بجامعة الأزهر، الدكتور محمد المليجي، مع من يستخدم العامية في قاعات المحاضرات، مشددا على أنه يجب على من اعتبرهم «حرّاس اللغة» أن يدرّسوا باستخدام الفصحى حتى تعود العربية لمكانتها وهيمنتها، ولترسيخ صفة الانتماء لدى الطلاب.

وأشار إلى أنه يجب تفعيل التطبيق العملي في المحاضرات، لأنه دون التطبيق لن يعود الشرح بالنفع على الطلاب، وحفظ القواعد دون تطبيق يجعل دراسة اللغة العربية لا فائدة لها.

كفاءة الخريجين

أكد الأستاذ بكلية التربية جامعة أسيوط، الدكتور عبد الرحيم فتحي، أن الدراسات التي أجريت أكدت ضعف مستويات نسبة كبيرة من خريجي تخصصات اللغة، و من يريد تطوير نفسه يلجأ للتدريب على اللغة الوظيفية، والتي تختلف عن المناهج الجامعية التي تعتمد على النحو التقعيدي.

وأضاف: «لو فضلت حبيس الكتب ومبطبقش اللي بتعلمه عمري ما هطلع متمكن في اللغة».

وعن اختلاف مستوى الخريجين في الوقت الحالي عمن سبقوهم من أعلام اللغة فيما مضى، يرى أستاذ البلاغة بجامعة الأزهر محمود شعبان، أن ذلك يرجع إلى عدم وجود نظام محدد للقبول بالكليات، والتي تتمثل في مجموع التنسيق والاختبارات التي تحدد مستوى الطلاب.

امتحانات القبول وخيانة الوطن

تأسست جامعة الأزهر قديما على ثلاث كليات، أصول الدين والدعوة وكلية الشريعة وكلية اللغة العربية، وتعتبر هذه الكليات أساس تخريج علماء الأزهر، لكنها في الوقت الحالي تستقبل طلاب الثانوية الحاصلين على درجات ضعيفة، وهو ما يعتبره الكثيرون عاملا من عوامل ضعف خريجي الكليات الشرعية.

«من لم يجتاز اختبار القبول بالكلية يوجه للتعليم الفني» هكذا يرى «شعبان»، موضحا «يتم تعليمهم مهنة أو حرفة تخدم المجتمع لأن الطالب إذا التحق بمجال لا يجيده أو يريده يعد ذلك خيانة للوطن.

اهتمام الكلية بالطلاب

واعتبر رئيس قسم اللغويات بكلية اللغة العربية بالأزهر أن «نظام التعليم الآن غير صحيح نحن في وادٍ والعالم في واد، نحن نستخدم نظام تلقيني كله حفظ القواعد بدون فهم، والطالب لا يستطع التفوّه بجمله كاملة صحيحة».

من ناحية أخرى، يرى عدد من الطلاب أن اهتمام الكلية بالطلاب يقل عاما بعد عام، ما دفع الكثير لعدم حضور المحاضرات.

يقول حسن محمد، طالب بالفرقة الثالثة بكلية اللغة العربية بالقاهرة، إن مستوى طلاب الكلية ضعيف جدا ويظهر ذلك في نسب الرسوب كل عام، لافتا إلى أن الفرقة من الممكن أن يكون عددها 1000 طالب لا ينجح منهم سوى 200 فقط.

وأضاف أن الكثير من الطلاب غير مهتمين بالتمكّن من دراسة اللغة، وهو ما ينعكس على نسب الحضور الضعيفة، مستثنيا عدد من الطلاب الذين يعملون على تطوير أنفسهم في هذا المجال.

ونفى محمود إبراهيم، طالب الفرقة الثانية بذات الكلية، وجود تطبيقات عملية تساعد الطلاب على فهم المناهج بطريقة سهلة، في حين أكد أن عددا من أعضاء هيئة التدريس يشرحون بالعامية لإيصال المعلومة للطلاب.

أساسيات اللغة

وفي قسم اللغة العربية بكلية الآداب جامعة المنصورة، يقول طلاب إن أعضاء هيئة التدريس يتعاملون معهم على أنهم متمكنين من أساسيات اللغة، مضيفين أن غالبية الطلاب لم يتم تأسيسهم بشكل جيد في مراحل التعليم الأساسية وهو ما يجعلهم غير مؤهلين للدراسة بالقسم والتمكن من علومه.

تقول طالبة جامعة المنصورة خديجة أشرف إن عددا من الأستاذة يتخذون اللغة من منطلق «شحن وتفريغ»، مجسدة طريقة الشرح في قاعات المحاضرات «في دكاترة بتدخل المحاضرة تسمع اللي حافظينه وخلاص»، واستشهدت بأحد المواقف «طالبة وقفت تسأل دكتور في حاجة في النحو قاللها هي كده زي ما أنا قولتها واقعدي».

واتفق طلاب بجامعة المنصورة مع نُظراء لهم بكليات اللغة، من عدم وجود تدريبات عملية على النطق والإعراب، وهو ما ينعكس على ضعف مستوى خريجي أقسام وكليات اللغة العربية بسبب نظام الحفظ المعتمد.

التأسيس في مرحلة الجامعة

على النقيض، يؤكد طلاب بقسم اللغة العربية بجامعة المنصورة أن وكيل الكلية وأستاذ النحو والصرف، الدكتور محمود سليمان الجعيدي، من أكثر أعضاء هيئة التدريس حرصا على اللغة ومصلحة الطلاب، «بيبدأ معانا من الصفر ويأسسنا صح ويحببنا في المجال».

وتشير الطالبة بقسم اللغة العربية في كلية الآداب آية محمد، إلى أن التنسيق «حدفْنا» على قسم اللغة العربية، لكنه مع استمرار الدراسة تحولت المناهج إلى شغف تجعل الكثيرين يحصرون على التمكن من اللغة العربية.

 

عبدالله الشافعي

عبدالله الشافعي

صحفي مصري متخصص في الملف الطلابي بموقع شبابيك، حاصل على كلية الإعلام ومتابع لأخبار الأقاليم، مقيم في محافظة الجيزة.