تدخل الأهل في حياة الزوجين صح ولا غلط؟
كثيرا ما نسمع عن حالات طلاق يتسبب فيها الأهل بتدخلهم في حياة الزوجين أو تحريض أحدهما على الآخر بدافع ظاهري يغلب عليه ممارسة سلطة الآباء على الأبناء.
فهل صحيح أن يتدخل الأهل في تفاصيل حياة الزوجين، أم يجب إقصائهم تماما، أم أن هناك حدودا للتدخل ينبغي عدم تجاوزها.
من خلال الحديث مع بعض الأزواج نخبركم بالمشاكل التي قد تنتج عن تدخل الأهل في حياة الشريكين.
التحريض وسيطرة نظرية التآمر
أسماء يوسف اعتبرت أهل زوجها يحرضون ضدها والسبب في ذلك أن طريقة نصح الأهل لأحد الزوجين حين يقع في مشكلة مع الطرف الآخر قد تكون مضرة لاستقرار حياتهما، وينتج عنها شعور أحد الزوجين بالنفور من أهل الطرف الآخر، وربما يفهم النصح على أنه تحريض يفسد علاقة الزواج.
تنمو نظرية التآمر في تفكير أسماء حين يعود زوجها من زيارة أهله.
لما جوزك يرجع من الشغل.. المفروض تستقبليه كده
تحكي لشبابيك عن تغير زوجها حين يعود من زيارة أهله وينتقد أمور يكون قد تغافل عنها في السابق، تقول: «عرفت إن مامته وأخته، دايما يحرضوه عليا، ونقده ليا، بيكون بسبب رأيهم، خصوصا لما يشتكي لهم مني، أو يحكي لهم عني، لدرجة اني بقيت اكره اروحلهم، هم دايما شايفين انه كان يستاهل واحده أحسن مني، وكانوا مضايقين من حبه لي، ومكنوش راضيين عن جوازنا خصوصا اني مكنتش بزورهم أيام خطوبتي».
استشاري العلاقات الأسرية الدكتور عمرو عادل، يقول إن الأهل في كثير من الأحيان يتدخلون لنصح أبنائهم كنوع من تصفية الحسابات، مثلما حدث مع «أسماء» لتغافلها عنهم أثناء فترة الخطوبة ووصول الأم لشعور بأن الزوجة استأثرت بابنها.
التهيؤات والانطباعات في غير محلها
الوضع لايختلف مع بعض الرجال. ينزعجون عند زيارة الزوجة لأهلها ويشعرون بالتحريض ضدهم، خاصة إذا تغير طباع الزوجة بعد عودتها من الزيارة، كما حدث مع أميرة عيسى، التي تخاصم زوجها مع والدتها.
تقول أميرة: «جوزي مقاطع مامتي بقاله سنتين، لأنه حاطط في دماغه إنها بتحرضني عليه، على الرغم إن دا مش حقيقة خالص، وهي طيبه جدا، بس هو عنده اعتقاد إن كل الحموات بتكره جوز بنتها، وبتحرضها عليه.. أنا بين نارين إني أرضي ماما أو اجي عليها وارضيه».
ويرجع الدكتور عمرو عادل التصرف المشار إليه، لمعتقدات سابقة لدى بعض الرجال بأن أم الزوجة هي العدو اللدود له، بحكم أنه أخذ ابنتها منها، أو أن ابنتها تحبه أكثر منها، وهذا ما يجعله يبتعد عن التعامل معها.
لـ«أميرة» نصيحة من استشاري العلاقات الأسرية بضرورة التحدث لزوجها عن والدتها، وسرد مميزاتها، وتقدّر تخوّفه مع بداية فترة الزواج.
وينصح عمرو عادل الأهل عموما بضرورة ترك ابنتهم تتعامل مع زوجها طالما رضيت بأسلوب وشكل التعامل والبعد عن مقارنتها بأخريات، فكلُ أدرى بظروفه الخاصة.
إزاي تفتحي صندوق أسرار جوزك؟.. لو سره مش معاكي
تصدير المشاكل وحجب المحاسن
تفضل سها عادل عدم تصدير المشاكل الخاصة بين الزوجين للأهل، لأجل عدم تأثرهم بالخلافات، تقول: «لما بزعل من جوزي، مش بحكي لحد من أهلي، عشان ميشيلوش منه، لأن اللي بينا هيعدى وهيتنسي والدنيا هتمشي، زي ماهو بيزعلني، بيراضيني، لكن الأهل مبينسوش ومش هيعرفوا غير الوحش، ومش هينسوا اللي عمله».
الأهل في بعض الأحيان ينحازون للطرف التابع لهم، خاصة «الزوجة» حين تأتي وتحكي لهم بانفعال وعاطفة تمنعهم من التفكير.
الأهل لا يطلعون على لحظات التسامح والود بين الزوجين بقدر اطلاعهم على الخلافات.
عايزة جوزك يساعدك في المطبخ.. طبقي الخطة دي
التعامل بعاطفة
يؤكد استشاري العلاقات الأسرية على أن تجاهل سماع الأهل للطرف الآخر قد يفاقم الأمر بين الزوجين، لأن المشكلة الصغيرة قد تتضخم حين تحكيها «الزوجة مثلا» ولا تخبرهم بكل شيء وبالتالي يتحاملون على الزوج.
تحذير!
يحذر عمرو عادل الزوجين من صنفين من الأمهات، وهما:
أم الزوجة التي تردد: «سيبك منه، بكره اجوزك سيد سيده، انتي اصلا تستاهلي واحد غير دا».
وأم الزوج التي تتصرف بطريقة: «طلقها وألف واحدة تتمناك، هي اصلا كانت تحلم بضفرك».
لو عايز ترضي حماتك.. النصائح دي هتفيدك وربنا يعينك
عناد الأم
أحمد محمود طلّق زوجته بسبب تدخل أمه في حياتهما، يقول: «مراتي كانت حامل، ومامتها عاوزاها تكشف عند دكتور راجل، وانا مبكشفش مراتي غير على دكتورة ست، ومامتها فضلت تضغط عليها، لحد ما سابت البيت، معتمدة على إنها حامل، واني هسمع كلامها، وأمها وأهلها سخنوها عليا، في الفترة دي تعبت، وحاولت ارجعها البيت، ونحل المشكلة بهدوء، بس هي مشيت ورا كلام مامتها، واطلقنا».
غالبية حالات الطلاق التي يتعرض لها خبراء العلاقات الأسرية، يكون سببها الرئيسي تدخل الأم بشكل مباشر وعميق في تفاصيل حياة الزوجين والتحكم فيها، ويحكي عمرو عادل لـ«شبابيك» عن حالة فتاة انصاعت لكلام امها بالطلاق من زوجها التي عاشت معه قصة حب قديمة، وهي الآن نادمة على الانفصال وتحمل مشاعر كره لأمها.
ينصح متخصصون في العلاقات الأسرية الأهل بالتوازن في التعامل مع أبنائهم المتزوجون، بعدم التدخل العميق في حياتهم الخاصة، ولا البعد والجفاء. ينبغي التوازن والتعامل كحاضنة وحائط صد يُجمّع الشريكين ولا يفرقهما.
وينصح الدكتور عمرو عادل الزوجين بالتعامل مع الأهل وبالبر بهما، لكن هناك حدودا يجب الإلتزام بها في التعامل نجملها في السطور التالية:
- أهمية الاتفاق بين الزوجين على عدم إدخال الأهل في تفاصيل الحياة الزوجية.
- التعامل مع الأهل بتقدير واحترام، وذكر الجوانب الإيجابية في الحياة التي تظهر أن الطرفان يعيشان في راحة ورفاهية، دون الخوض في تفاصيل.
- احترام كلا من الزوجين للآخر في حضوره، وغيابه أيضا، وعدم التحدث عنه بالسوء أمام الأهل، وعدم السماح لهم بالتحدث عنه بسوء.
- يجب توطيد العلاقة مع أهل الطرف الآخر، لأن استمرار الحياة الزوجية مرتبط بهذه العلاقة، خاصة علاقة الأم بزوجة ابنها والعكس.
- العلاقة الزوجية علاقة مقدسة ، فما يحدث بين الزوجين لايحدث بين الأم وبنتها، لذا فهناك مساحة من الخصوصية لايجب أن تتعدى حدود البيت.
- لايجب تدخل الأهل من تلقاء أنفسهم، إلا إذا لجأ إليهم الزوجين.
التحكيم المثالي
ويميل استشاري العلاقات الأسرية إلى الاحتكام في الخلاف بين الزوجين إلى شخص حكيم يحمل مشاعر محايدة من الطرفين ويرغب في حل المشاكل لا تفاقمها.