بعد أن خذلتهم دور النشر المحلّية.. قصص 3 أدباء شباب لمع نجمهم خارج مصر
الكثير من المواهب الشبابية في مصر لا تجد من يرعاها، خاصة في مجال الكتابة والأدب الذي يخفت بريقه رويدا رويدا في العقود الأخيرة، بعد أن كان الأدباء المصريون ذو مسمع بين عواصم العالم.
اتجاهات الناشرين فقدت بصلتها ربما، لتنصرف عن المواهب الحقيقية، وتلهث وراء السطحية يخطفها إلى هذا المسار بريق «مشاهير السوشيال ميديا». في التقرير التالي تحدثنا مع ثلاثة روائيين بينهم فتاة حصدت جائزة دولية وشابان نشرا أعمالهما في الخارج بعد أن رفضتهم جميعا دور نشر مصرية.
آية عبد الرحمن.. و«أيام برائحة عطرك»
في عام 2014 فازت رواية «أيام برائحة عطرك» للروائية آية عبد الرحمن بالمركز الأول لجائزة الشارقة للرواية. يبدو أن الحظ ابتسم أخيرا لتلك الصحفية الشابة. لكن بعد عامين من حصد الجائزة لا توجد دار نشر مصرية واحدة تقبل الرواية.
وبعد رحلة شاقة مع 12 دار نشر مصرية؛ وجدت «آية» أخيرا في إحدى دور النشر اللبنانية مخرجا. لنشر روايتها.
تحكي تجربتها لـ«شبابيك»: «دور النشر عندها مشكلة كبيرة في التواصل عبر الإيميل، لما بتحاول تتواصل مع الدار شخصيا بيقولوا لك ابعت الرواية على الإيميل، لكنه مش بيتشاف.. ولو جه رد، بيكون بالرفض وبعبارة غامضة جدا وهي أن الكتاب لا يلائم المعايير».
لا يبدو أن السبب هو شيء يتعلق بالسياسة، فـ«أيام برائحة عطرك» تتطرق بعض الشيء إلى أحداث ثورة الخامس والعشرين من يناير، لكن «عبد الرحمن» تؤكد أن التجاهل والرفض حدث مع روايات أخرى ومجموعات قصصية بعيدة كل البعد عن السياسة.
«مأساوي» كلمة اختارتها الروائية الشابة لتعبر بها عن وضع الشباب الموهوب في مصر، والذي لديه بالفعل مشاريع أدبية ذات قيمة، بعيدا عن «هراء» الكتب والروايات السطحية و«المبتذلة» التي يمتلئ بها السوق.
تقول آية: «الشباب الموهوب فعلا، أعماله مش بتشوف النور لأن دور النشر الكبيرة توقفت عن رعاية المواهب، ودور النشر المتوسطة بتكون عايزة كاتب مشهور جاهز أو كاتب كلامه سهل ويقدر السوق المصري يفهمه، أما دور النشر الصغيرة فالكاتب بالنسبة لها مش أكتر من محفظة فلوس».
ما تحتاجه «آية» وأمثالها هو أن تفتح دور النشر الكبيرة أبوابها للموهوبين.. في رأيها، فدار النشر لا يجب أن يقتصر دورها على الجانب التجاري فهي كيان تجاري عليه مسئولية أدبية.
«آية عبد الرحمن» الآن على وشك أن ترى روايتها الأولى النور مع إحدى دور النشر اللبنانية، لكنها لا تراه أفضل الحلول«بالطريقة دي كل المواهب الحقيقية هتهاجر من البلد، غير أن أسعار الكتب دي لما تنزل في مصر هتكون مرتفعة جدا بسبب أزمة الدولار».
بيزنس الكتب.. شباب الكتاب يحكون معاناتهم مع دور النشر
معتز حسانين.. و«صانع الأحلام»
معتز حسانين، كاتب شاب ومؤلف «صانع الأحلام» رغم أن روايته كانت جديرة بأن توافق عليها دار نشر كبرى مثل «نهضة مصر»، لكن قبل ذلك كانت معاناة كاتب موهوب وشروط ظالمة.
في عالم 2012 كان «معتز» على موعد مع إنهاء أول رواية له، ليعرضها على ستة من دور النشر الكبرى.. ولا مجيب.
يحكي لـ«شبابيك»: «دار النشر بتحدد لك 3 شهور للرد، لكن بتمر الشهور ومفيش غير التجاهل التام أو الرفض دون إبداء الأسباب».
لم يكن أمامه إلا عرض روايته على دور النشر الصغيرة التي اشترطت عليه تحمل نصف تكلفة النشر وهو المبدأ الذي يرفضه بشدة.. يقول: «دار النشر الصغيرة تتعامل مع الكتاب كبيزنس، تقبض ثمنه في البداية وبعدين ميهتمش بتوزيع الكتاب وانتشاره».
أخيرا ردت دار «نهضة مصر» على «معتز» وقبلت نشر العمل ولكن بشروط مجحفة، تتضمن امتلاك حقوق الملكية الفكرية لمدة عشر سنوات.. «نحن دار نشر كبيرة وإما أن تقبل بشروطنا أو تذهب لغيرنا».. كان هذا هو ردهم النهائي.
يتابع «معتز» حكايته مع «شبابيك»: «اضطريت أقبل بالشرط لأن نشر أول كتاب لي مع دار نشر كبيرة كان حلم بالنسبة لي. بعد كدا اتفاجئت أن التوزيع داخل مصر سيء جدا، ومش بيهتموا بتوزيع الكتاب في المكتبات الكبرى اللي بتجذب الشباب زي ديوان والشروق وألف؛ رغم أن توزيع الدار جيد خارج مصر؛ بالإضافة لأن مفيش أي ضمان في العقد لحقوق الكاتب المالية».
«تجربة قاسية»، بدأ مؤلف «صانع الأحلام» يفكر في الاتجاه لدور النشر الأجنبية.. يقول لـ«شبابيك»: «دور النشر الأجنبية تحترم الكاتب وتهتم بدعمه معنويا، ترد عليه في خلال 24 ساعة، وتتحمس لعمله الأدبي طالما هو موهوب فعلا، حتى الرفض يكون بأسباب مقنعة دون أي تجاهل».
جمهور وفلوس.. طلاب يروون معاناتهم مع دور النشر
أحمد المهدي.. و«ريم»
ترفض بعض دور النشر رعاية الكتاب الموهوبين ويتحججون بأن أعمالهم قد تكون «ثقيلة» على الجمهور ولن تجد انتشارا، لكن أحمد المهدي، الذي يكتب روايات خاصة بفئة اليافعين والمراهقين؛ لم يجد له مخرجا هو الآخر إلا مع دار نشر إماراتية.
الرحلة نفسها من التجاهل والمماطلة والرفض من دور النشر الكبرى، كان على «المهدي» أن يخوضها أيضا.. في النهاية كانت رواية «ريم» محظوظة بعض الشيء، بعد أن وجدت لها فرصة مع إحدى دور النشر الجديدة وهي دار «كنزي».
لا يوجد كثير من الوقت لإضاعته؛ فقد اتجه مؤلف «ريم» لتغيير المسار سريعا، وعرض روايته التالية على دار «كلمات» الإماراتية التي تحمست للعمل كثيرا.
يحكي «المهدي» لـ«شبابيك» قليلا عن دار «كلمات»: هي في الأساس دار نشر للأطفال وبدأت مؤخرا الاهتمام بكتب اليافعين والمراهقين.
الإمارات واحدة من دول الخليج التي بدأت تعطي اهتماما خاصا بكتب المراهقين. وهي الفئة التي تهتم بها الدول المتقدمة بشكل خاص؛ حتى خصصت جائزة لهذه الروايات وهي «جائزة» الشارقة لأدب الطفل.
يقول «المهدي»: «في أمريكا هناك اهتمام كبير جدا بكتب المراهقين وهي الفئة من 12 سنة لـ18 سنة واللي بسموها (Young Adults) وده اللي بيفسر ليه قصص زي هاري بوتر وألعاب الجوع لها انتشار كبير جدا».
تنمي روايات الفانتازيا خيال المراهقين وتؤهلهم لحب القراءة عندما يصلوا لمرحلة الشباب.. يتابع «المهدي»: «مجموعة زي أدهم صبري اللي كلنا تربينا عليها، كانت بتعلق الأطفال والمراهقين ببطل مصري خارق.. وهو بالتأكيد شيء أفضل كثيرا من أن يتعلقوا بالأبطال الخارقة الأمريكية أو الأوروبية».
يفسر «مهدي» عدم اهتمام دور النشر المصرية بكتب المراهقين.. «الموضوع أولا وأخيرا هو بيزنس، كتب الأطفال مربحة لأن الآباء بيشتروا لأطفالهم كتب وقصص كتيرة، وكتب الشباب السطحية برده مربحة. وفي النص بيتظلم المراهقين اللي مش بقدروا يدفعوا تكلفة الكتب المرتفعة».
«هجرة المواهب» يبدو أنها تتجلى بشدة في قصة «أحمد المهدي» الذي يتواصل حاليا مع إحدى دور النشر الأمريكية لنشر رواياته.