الحركة النسائية في مصر.. من دعم المرأة حتى الانقلاب عليها
طالبت الحركة النسوية في بداية ظهورها بأمريكا في القرن التاسع عشر، بحق المرأة في التعليم واختيار الزواج والمساواة السياسية مع الرجل.
إلا أنه ومع مرور الوقت تبدلت برأي كثيرين مبادئ الحركة النسوية في مصر وخارجها وانحرفت عن مسارها، وارتبطت بمطالب مجتمعية صادمة يعتبرها البعض متطرفة.
مثال: بتصفح سريع منك لمواقع التواصل الاجتماعي فيس بوك وتويتر وتطبيق ask بالأخص، تلحظ أن نظرة بعض البنات في العلاقة بشريكهن سواء (الزوج، أو الخاطب) تبدّلت لتصل في بعض الأحيان للندية وإثبات الذات، وليست علاقة تشاركية قائمة على التكامل والود.
بداية القصة في أمريكا
في القرن التاسع عشر كانت العنصرية ضد السود والعنف ضد المرأة يسودان في المجتمع الأمريكي، وقبل ذلك بقليل وتحديدا في نهاية القرن الثامن عشر عقب الاستقلال عن بريطانيا، ظهرت دعوات في الولايات المتحدة تطالب بالحريات والمساواة.
ومن ضمن حركات التحرر برزت نداءات للمساواة في الحقوق والحماية القانونية بين الرجل والمرأة، ولم تعرف نفسها تلك الحركات بأسماء محددة، كما أن مصطلح «فيمينست» لم يكن يعرف طريقه في الظهور بعد.
الكاتبة الأمريكية النسوية «ريبيكا والكر» تقول إن الحركة مرت بثلاث موجات: الأولى في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، والثانية في الستينيات والسبعينيات من القرن العشرين، والثالثة منذ 1990 وحتى الآن.
الموجة الأولى
نادت بالمساوة بين الرجل والمرأة في ثلاثة مبادئ أساسية فقط، هي الحق في الزواج، فلا تتزوج المرأة دون إرادتها، والحق في التملك، فلم تكن المرأة في المجتمع الغربي إذ ذاك قادرة على امتلاك أي شيء، قطعة أرض أو منزل، والحق في التصويت بالانتخابات.
ووفقا لموقع «gender.cawater» فقد اقتصرت هذه الموجة على الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.
الموجة الثانية
مع بداية الستينيات ونهاية السبعينيات، أُطلق على هؤلاء النساء كلمة «سافرجست» أو «Suffragette» والتي تعني النساء المطالبات بحقوق التصويت؛ فتلك الموجة قد توسعت في الحملات والحركات التي تحاول تحقيق المبادئ التي رسختها الموجة الأولى.
«Suffragette» هو اسم لفيلم أيضا يتناول تاريخ الحركة النسوية في تلك الفترة ببريطانيا؛ من إنتاج عام 2015.
وظهرت كلمة «فيميسنت» في منتصف الأربعينيات من القرن الماضي، وفقا لـ«gender.cawater».
الموجة الثالثة
الموجه الثالثة من الحركات النسوية ظهرت في بداية القرن العشرين، ردا على فشل الموجة الثانية بسبب الحملات المضادة التي ترفض أن تُعطى المرأة حقوقها.
ورغم تركيزها أكثر على الحقوق القانونية للنساء، لكن هذه الموجة توسعت ورسخت للمطالب النسوية التي تنادي بها حتى الآن لتشمل حق المرأة في السلامة الجسدية والحق في الرعاية الإنجابية، وحماية الفتيات من العنف المنزلي والتحرش الجنسي والاغتصاب، والحكم الذاتي؛ جنبا إلى جنب مع محاربة ما يعرف بكراهية النساء أو الحط من شأنهن، وكذلك الحق في الإجهاض وتناول وسائل منع الحمل.
الحركة النسوية في مصر. إلى أين؟
في الوقت الذي كانت فيه نساء الغرب يناضلن لنيل حرياتهن؛ كانت النساء في مصر يفعلن الشيء نفسه.
كانت نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين هي الفترة التي شهدت دعوات كل من: ملك حفني ناصف، هدى شعراوي وصفية زغلول لتحرير المرأة.
وفي دراسة أعدتها الأستاذة المساعد بكلية آداب جامعة القاهرة، الدكتورة هالة كمال، بالتعاون مع مؤسسة «المرأة والذاكرة»، فقد مرت الحركة النسوية في مصر بثلاث موجات هي الأخرى.
الموجة الأولى، وحق التعليم
لم تختلف مطالب الحركة النسوية في مصر عن الغرب في ظاهرها كثيرا، لكنها كانت أكثر ارتباطا بالمجتمع المصري؛ فجاءت أهم مطالبها بالحق في تعليم الفتيات ورفع سن الزواج حتى 16 عاما، والحق في العمل المهني والسياسي. كما دعت الحركة إلى خلع غطاء الوجه عن الفتيات.
استمرت تلك الموجة حتى منتصف القرن العشرين؛ غير أنها ركزت بشكل أساسي على تعليم البنات في المدارس وجعل التعليم الابتدائي وحتى الثانوي إجباريا لهن، وكذلك إتاحة حرية التعليم الجامعي لمن أرادت، وبالأخص تعليم الفتيات الطب.
كما طالبت الحركة بالمساواة بين الرجال والنساء في الحقوق السياسية.
أبسطهالك.. «فيمينزم» أو «نسوية».. يعني إيه؟
الموجة الثانية، والحقوق السياسية
بدأت منذ السبعينيات وحتى الثمانينيات من القرن الماضي، واتسمت بالمزج بين حقوق المرأة والحريات السياسية.
كما شهدت التركيز على القضايا الاجتماعية للمرأة، مثل مناهضة الختان وقهر المرأة نفسيا وممارسة السلطة الذكورية عليها.
تقول «كمال» في مقالها أن هذه الموجة اتسمت بنشاط نسوية كبير، أضربت فيه رائدات الحركة النسوية عن الطعام أو تم حبسهن بسبب آرائهن السياسية، مثلما حدث مع درية شفيق ونوال السعداوي.
الموجة الثالثة، والأحوال الشخصية
بدأت في أواخر الثمانينيات وحتى ثورة الخامس والعشرين من يناير وهي الفترة التي شهدت تطورا في قوانين الأحوال الشخصية المتعلقة بالمرأة، والخاصة بعقود الزواج والخلع وغيرها.
الحركة النسوية بعد الثورة
كان لمشاركة النساء الفعالة في ثورة الخامس والعشرين من يناير دور في تحدد مطالب «الفيمينست» بالتركيز على الحقوق السياسية ومشاركة المرأة في البرلمان، كذلك وضعت ضمن أولوياتها مناهضة العنف الجنسي والجسدي ضد المرأة.
تغير في المطالب
الفترة التي تلت ثورة يناير شهدت تطورا نسبيا في حرية التعبير. مواقع التواصل الاجتماعي أيضا فتحت الباب واسعا أمام بعض الحركات النسوية للظهور بشكل أكبر.
ومن خلال «فيس بوك» انتشرت تلك الحركات التي تدافع عن حقوق النساء باعتبارهن فئة مهمشة.
لكن مواقع التواصل الاجتماعي أيضا أظهرت جانبا من الحركات النسوية التي طالبت بأشياء بدت صادمة للمجتمع.
وإذا كانت الحركة النسوية تهاجم على طول الخط، إذ يعتبرها المجتمع أنها مرادف للانحلال، غير أن هذه الموجة اختلفت عن غيرها، فقد أظهرت مواقع التواصل الاجتماعي مزيدا من الهجوم، باعتبار أن كلمة «فيمينست» رمزا لحركة تكره الرجال وتفضل المرأة على الرجل أو تتطرف في مطالبها بالمساواة.
أحد هذه المطالب التي أثارت جدلا بمواقع التواصل الاجتماعي، هو دعوة بعض الصفحات النسوية إلى حرية المرأة في إزالة الشعر الزائد عن الجسم من عدمه.
وإليكم بعض التعليقات على المقال:
الحريات الشخصية وحقوق المرأة
نائبة مجلس النواب ورئيسة جبهة المرأة العربية، منى منير تقول لـ«شبابيك»: «نحن في مجتمع ذكوري لا شك، ولا نستطيع أن ننكر هذا، وعدد النسويات المدافعات عن حقوق المرأة قليل للغاية، ولسن متواجدات في الواقع بدرجة تجعل إنكار حقوق المرأة قضية رأي عام».
في رأيها فالهجوم على «الفيمينست» ليس أكثر من ظاهرة. تقول: «المدافعة عن قضايا حقوق المرأة لا يجب أن تنفضل عن المجتمع، أنا نائبة عن الشعب كله وإن كنت متخصصة في قضايا المرأة الطفل».
لكن «منير» تؤكد أن حقوق المرأة إذا تعارضت مع التقاليد فإنها بالطبع ستلاقي هجوما شديدا من المجتمع. تضرب نائبة مجلس النواب مثالا: «عندما تقرر إحدى الفتيات خلع الحجاب، نجد تجاهها هجوما عنيفا من المجتمع وفي النهاية يقولون «هو ده اللي بناخده من حقوق المرأة».. لا يستطيع المجتمع بعد التفرقة بين حقوق المرأة التي نص عليها الدستور وبين أن يتدخل في حياة الناس.. في النهاية التقاليد هي التي تدفع الناس للهجوم.
لعل الحادثة الأقرب والتي أثارت الكثير من الجدل هو هاشتاج «Single Mother» الذي يدعم حق فتاة تدعى «هدير مكاوي» في نسب طفلها الذي أنجبته بزواج عرفي.
أثار الهاشتاج الكثير من الجدل واعتبره البعض دعوة للانحلال الأخلاقي.
لكن قضية هدير وجدت العديد من المؤيدين كذلك:
سيبك من الخناقة.. ما لا يعرفه المصريون عن الـ«Single Mother»
الجهل سبب الهجوم
السمعة السيئة التي التصقت بكلمة «فيمينست» تحملها رئيسة المركز المصري لحقوق المرأة، الدكتورة نهاد أبو قمصان إلى عاملين، أولهما الجهل.
تقول لـ«شبابيك»: «وضع المرأة في مصر ليس جيدا بالمرة. الحركة النسوية تدافع عن فئة مهمشة تعاني من أعلى نسبة تحرش وبطالة وعنف منزلي وطلاق يدمر البيوت».
في رأيها فالهجوم على «الفيمنست» واعتباره مرادفا للانحلال الأخلاقي أو التطرف يأتي ضمن حملات إعلامية ممنهجة.
ترى أبو القمصان أن حركة النساء في عام 1920 أقوى بمراحل، وذات تأثير مما هي عليه الآن.
وماذا عن المطالب الصادمة؟
وتضيف بأن الحركة النسوية غير مسئولة عن أي شخص يجهل عن ماذا تدافع وبم تطالب وليست مسئولة أيضا عن مجتمع لا يقدر الحريات.
تتابع رئيسة المركز المصري: «من يدعو للانحلال سيستخدم الفيمينست كـ«شماعة» لرغباته، كمن يستخدم الدين كستار لتلبية رغباته أيضا».
ترفض أبو القمصان تحمل المرأة لمسئولية أي تجاوزات وحدها، وتستشهد بحالة هدير مكاوي، فترى أن الأب والأم يتحملان مسئولية ميلاد هذا الطفل بدون زواج رسمي.
وكانت «أبو قمصان» قد ذكرت في تصريحات سابقة أن «قرار الإنجاب هو قرار مشترك بين الرجل والمرأة، وكان على هدير أن تناضل حتى تقنع زوجها بالإنجاب، إذا كانت هناك زواج من الأساس».