أمور لا تُغتفر في بلادهم.. لهذه الأسباب أُقيل هؤلاء الرؤساء
بتهم ولأسباب ربما نعتاد على مشاهدتها في عالمنا العربي دون اكتراث، يُقال ويستقيل رؤساء دول أخرى ارتضت طرق الديمقراطية ودولة القانون.
في هذه الدول الاتهام والإدانة وحدهما كفيلان بإسقاط الرئيس دون حراك شعبي. من إندونسيا وفنزويلا إلى الولايات المتحدة الأمريكية سنتعرف معا على رؤساء تركوا مناصبهم لأسباب تبدأ من انتشار البطالة وانهيار قيمة العملة المحلية، حتى استغلال النفوذ والفضائح السياسية.
رئيسة كوريا الجنوبية واستغلال النفوذ
كان الجمعة الموافق 10 مارس 2017 ، هو اليوم الذي كتب نهاية رئيسة كوريا الجنوبية «بارك جوين».
كان البرلمان الكوري هو من أصدر قرارا بعزل «جوين» ثم أيدته المحكمة الدستورية، وخرجت تظاهرات في الشوارع مؤيدة لقرار عزلها.
القصة تعود لشهور طويلة، عندما بدأ الشعب الكوري في تنظيم تظاهرات تطالب بإسقاط الرئيسة المنتخبة، بعد فضيحة فساد أثريت علنا على الرأي العام، كما تذكر وكالة «يونهاب» الكورية.
وكانت تلك الفضيحة المدوية بسبب أن الرئيسة الكورية تركت المجال لصديقتها المقربة «تشوي سون سيل» للتدخل في شئون الدولة وفرض نفوذها دون صفة رسمية.
وتحت تهمة استغلال النفوذ، مارست الرئيسة وصديقتها استخدام الأموال العامة لأغراض شخصية، مثل تدريب الفروسية الخاص بابنة «تشوي»، وتسريب وثائق حكومية سرية، وإجبار الشركات على التبرع بأموال لصالح مؤسسات تسيطر عليها صديقة الرئيسة، وذلك وفقا للتحقيقات التي أجريت معهما، كما نشرتها شبكة «بي بي سي».
وبإقالة الرئيسة الكورية تسقط عنها الحصانة وتصبح جاهزة للمحاكمة بتهمة الفساد.
رئيس جواتيمالا وتلقي الرشاوى
في أواخر العام 2015 كانت قد صدرت مذكرة توقيف من النائب العام لرئيس جواتيمالا «أوتو بريز» وكذلك أمر بالاعتقال، بعد أن جرده البرلمان من الحصانة، ومنعه القضاء من مغادرة البلاد.
لكن رئيس جواتيمالا كان الأسرع إلى تقديم استقالته بعد صدور هذه القرارات، وبعد اتهامة بزعامة شبكة واسعة من الفساد.
وكان القضاء قد حاصر «بريز» بالتسجيلات والأدلة التي تثبت بأنه كان يقود شبكة فساد داخل نظام الجمارك، وكان يسمح بإعفاء بعض الواردات من الرسوم مقابل تلقي رشاوي، كما يذكرة تقرير «فرانس 24».
ورغم أن فترة «بريز» كانت الولاية الأخيرة له، ولم يكن ليسمح له القانون بالترشح لفترة ثانية، إلا أن المحتجون قد ملئوا الشوارع مطالبين برحيله وعدم إكمال ما تبقى من ولايته.
لم ينتهِ فساد «بريز» عند حدود تلقي الرشاوى، بل عرف عهده أعلى معدلات للجريمة والفقر في ذلك البلد الصغير.
شعب جواتيمالا الذي عانى حروبا أهلية لسنوات طويلة يتظاهر الآن أيضا ضد الرئيس الحالي «جيمي موراليس» بعد أن تراجعت شعبيته كثيرا بسبب اعتقال نجله وشقيقه في تهم فساد، رغم ما تعهد به من تطهير البلاد بعد الإطاحة بـ«بريز».
رئيسة البرازيل والتلاعب بالموازنة
لم تكن رئيسة البرازيل «ديلما روسيف» بأسعد حظا من نظيرتها الكورية، بعد أن صوت مجلس الشيوخ على إقالتها هي الأخرى في أواخر العام 2016.
إقالة «روسيف» جاءت بأغلبية كاسحة تساوي أكثر من ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ، فمن أصل 81 سيناتورا، صوت 61 سيناتورا ضد استمرارها في الحكم.. فبماذا أدينت رئيسة البرازيل؟
جاءت إقالة «روسيف» لتلاعبها في حسابات الدولة، لإخفاء عجز كبير في الموازنة، وتوقيعها على نفقات لم تتفق بشأنها مسبقا مع البرلمان، وذلك قبل إعادة انتخاباها لفترة ثانية في 2014، كما يذكر تقرير «فرانس 24». دافعت رئيسة البرازيل السابقة عن نفسها أمام مجلس الشيوخ، وقالت أنها تعرضت للظلم ولم ترتكب جريمة تستحق كل هذا، ووصفت ما يحدث بأنه انقلاب من المعارضة اليمينية.
لكن القانون البرازيلي يقول شيئا آخر، فبحسب قانون «جرائم المسئولية» الذي وضع عام 1950، والذي يعتبر إنتهاك الموازنة السنوية للدولة أو إجراء أي تعديلات دون موافقة مجلس الشيوخ، هي جريمة تستحق إقالة الرئيس.
وسائل الشباب للهروب من مصر..حكايات المهاجرين
رئيس إندونسيا وعدم الكفاءة
إقالة الرؤساء لم تكن يوما حكرا على الدول الكبرى، ففي العام 2001 أقيل رئيس أندونسيا «عبد الرحمن وحيد» الذي تصفه التقارير الإعلامية بأنه رئس مسلم معتدل.
لم يكن الفساد هو السبب في إقالة «وحيد»، فالتهمة هذه المرة هي عدم الكفاءة.
تمت الإقالة بغالبية أعضاء جمعية الشعب الاستشارية بعد أن تدهورت قيمة العملة المحلية «الروبية» وارتفاع الأسعار بشكل غير مسبوع، وازدياد معدلات البطالة وفقدان السوق الأوروبية لثقفتها في الاقتصادي الإندونيسي.
لكن «وحيد» ليس ذلك الرئيس الذي يقبل بأن يُقال حتى لو بقرار من جمعية الشعب.
رفص الرئيس الأسبق الاستقالة وهدد بفوضى تعم البلاد إن تنحى عن منصبه، وقال في تصريحات صحفية إن بقاءه في السلطة سيحافظ على وحدة البلاد التي تتعدد فيها العرقيات والأقليات بشكل يهدد استقرارها.
لم تقف الأمور عند هذا الحد، فقد دعا «وحيد» إلى إضراب عام من مؤيديه حتى يظل في السلطة، لكن لا مجيب، وظلت الشركات والمحلات تعمل كما هي، وفقا لـ«بي بي سي».
الرئيس الأمريكي والتلاعب بالانتخابات
كانت الحادثة الأشهر في سبعينيات القرن الماضي هي استقالة الرئيس الأمريكي «ريتشارد نيكسون».
هذه المرة لم يصوت الكونجرس لإقالة الرئيس، بل استقال هو بنفسه على خلفية التحقيقات معه بسب الفساد السياسي والتلاعب في الانتخابات.
«نيكسون» هو الرئيس الـ37 لأمريكا، وقد كان رئيسا ناجحا للولايات المتحدة، خاصة فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، فاستطاع أن ينهي التورط الأمريكي في فيتنام، ويطور علاقات أمريكا مع الصين، وكذلك تطوير علاقاته مع الدول الآسيوية لتكون علاقة اقتصادية في المقام الأول وليست عسكرية.
لكن خلف هذا النجاح الكبير، أوقع «نيكسون» نفسه في فضيحة سياسية عرفت باسم فضيحة «ووترجيت».
تقول نائبة الكونجرس السابقة «إليزابث هولتزمان» في مقالها بموقع «The Nation»: «لقد صوّت في الماضي لإسقاط نيكسون، لأنه استخدم نفوذه لشن حملة تجسس ضد منافسيه في الانتخابات من الحزب الديمقراطي، كما وجه أموال حملته الانتخابية لشراء صمت من ساعدوه في تلك الحملة».
لم ينته الأمر عند «نيكسون» وحده، بل تورطت معه وزارة العدل والبيت الأبيض ومكتب التحقيقات الفدرالي، لإخفاء عملية التجسس.. تعمدت هذه الأطراف إتلاف بعض أدلة الإدانة والتجسس، حتى إن المحكمة الدستورية العليا والكونجرس اعتبرا «نيكسون» مشاركا في قضية تجسس وتلاعب في الانتخابات لها أطراف وأبعاد سياسية أخرى.