أنت ليك مصلحة؟.. لهذه الأسباب نحب ترويج الشائعات

أنت ليك مصلحة؟.. لهذه الأسباب نحب ترويج الشائعات

شائعات وأخبار كاذبة تظهر وتختفي فجأة وتثير الخوف والبلبلة، أو قد تكون مجرد مادة للتسلية والفضائح، لكننا نساهم في انتشارها بفضول غريب ولذة أكثر غرابة، سواء بقصد أو دونه.

دوافع نفسية كثيرة تقف خلف رغبتنا في ترويج الشائعة أو التأثر بها دون التأكد من صحتها؛ ودون أن نعلم أيضا أن الشائعة قد تصبح أداة سياسية وأداة للحروب.

أسباب انتشار الشائعات 

لن تنتشر الشائعة إلا إذا كنا نريد تصديقها ونريد لها أن تنتشر؛ هذا ما يخبرنا به المفكر الفرنسي جان نويل كابفيرير في كتابه «الشائعات الوسيلة الإعلامية الأقدم في العالم».

فمهما كانت الشائعة من مصدر غير موثوق أو تحمل افتراءات أو «فضائح» نصدقها إذا كانت الشائعة تحمل مصلحة لنا.

المصلحة هنا لا تعني دائما الهدف الـ«ماكر» ..لكنها أن تعبر الشائعة عما في نفوسنا من مخاوف وأحزان أو حب أو كره أو رغبة في الانتقام.

وهنا يأتي دور علم النفس ليكشف لنا الأسباب التي تجعلنا نصدق الشائعة أو نساعد في ترويجها سواء بقصد أو دونه؛ كما يخبرنا أستاذ الطب النفسي بجامعة القاهرة يسري عبد المحسن في حديثه لـ«شبابيك».

  • الأمل

الشائعة التي تبعث الأمل بداخلك ستجعلك أسرع الناس إلى تصديقها وترويجها؛ مثل شائعة زيادة الرواتب أو تأجيل الدراسة أو حتى هزيمة تلحق بأحد السياسيين الذين تكرههم.

  • تأكيد أفكارنا


وقد تسمح الشائعة بالتعبير عن أفكارنا الداخلية على نطاق أوسع؛ في وقت لا نسطيع فيه أن نطلق لأفكارنا العنان. يقول «جان نويل» إننا قبل الشائعة كنا نظن أن هذا السياسي غير نزيه؛ لكننا بعد الشائعة أصبحنا «نعرف» أنه غير نزيه.

  • الكره

وبعض الأشخاص عندما يرون نقاط ضعف الآخرين، سيساعدهم ذلك على الشعور بأنهم أفضل من غيرهم، وبالتالي يروجون للشائعات المؤذية في حق غيرهم.

  • الحب

والحب يدفعنا لترويج الشائعات التي تظهر من نحبهم متألقين دائما أو تحقق لهم الأفضل من وجهة نظرنا. وذلك مثل شائعة زواج إيمي سمير غانم وحسن الرداد قبل أن يتم إثباتها.

  • التوقع والترقب

في الأيام الأخيرة ليس هناك أكثر من شائعات الوفاة؛ مثل شائعات وفاة السياسيين أو الفنانين. فقبل موتها بأعوام ترددت شائعات كثيرة عن وفاة المطربة «صباح» عندما كانت شديدة المرض؛ وتداول شائعات موتها كان الدافع وراءه هو الترقب.

  • الخوف

والناس تحب ترويج الشائعات التي قد تسبب في إيذائهم شخصيا؛ مثل زيادة الأسعار أو تأخير المرتبات؛ والسبب هو انعدام الشعور بالأمان، والرغبة في الحصول على أي شيء يلغي هذا الشعور.

  • الفضول لكل ما هو غريب

الوسط الفني كمثال ستجد أنه أكثر الأوساط حظا في الشائعات؛ لأنه وسط غريب وغامض، ومحط أنظار الجميع.

  • المصلحة تحكم في النهاية

المصلحة ستحكم كل شيء في النهاية؛ كما يقول أستاذ علم الاجتماع بجامعة الأسكندرية، الدكتور علي عبد الرازق الجلبي في حديثه لـ«شبابيك». فالأمل، والحقد، والحب كلها مصالح شخصية، حتى لو كانت تعود بالنفع علينا نفسيا فقط.

 فعندما نروج لشائعة تتسبب في إيذاء شخص آخر، فالدافع وراءها هو الحقد، وبالتالي تحقيق المصلحة المعنوية بالشعور بالتفوق.

وهناك مصلحة إرضاء غرور النفس، بأن يثبت مروج أو ناقل الشائعة للآخرين أنه مصدر مهم للمعلومات الغريبة.

«هدف شرير» آخر يراه «الجلبي» في بعض الناس الذين يحبون ترويج الشائعات، وهو الرغبة في إحداث البلبة.

الشائعة كأداة سياسية

وحتى لو كنت تجد بعض الشائعات مادة للتسلية أو للتعبير عن المخاوف؛ فعليك أن تحترس؛ فالشائعة في حالات كثيرة تكون أداة سياسية أو أداة للحرب النفسية.

فلا وجود للسياسة بدون شائعات؛ هكذا يلخص المفكر الفرنسي جان نويل كابفيرير الأمر؛ بل هي أداة معتمدة في الحروب السياسية.

في السياسة ستكون الشائعة هي الحل السحري لتمرير بعض المعلومات لجس النبض أو إصابة أحد الخصوم السياسيين في مقتل، بينما يبقى المهاجم في مأمن، ويتولى عنه الناس ترويج الإشاعة.

وللشائعات السياسية مواسم تظهر فيها بصورة أوضح، مثل الأوقات التي تسبق تمرير قرار معين، أو وقت الانتخابات الرئاسية؛ أما وسائل الإعلام فتصبح أداة أساسية لترويج هذه الشائعة، وبقصد وفقا لكتاب «الشائعات الوسيلة الإعلامية الأقدم في العالم».

  • تذكرة المترو كمثال


هل تذكر تلك الشائعات التي سبقت ارتفاع سعر تذكرة المترو والتي استمرت لشهور قبل أن يرتفع السعر بالفعل.

جرائد ومواقع صحفية كثيرة نشرت شائعات حول ارتفاع السعر لجنيهين أو ثلاثة وبلغت الشائعات درجة القول إن السعر سيرتفع لأربعة جنيهات للتذكرة الواحدة.

هنا تقول أستاذة علم الاجتماع السياسي بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، الدكتورة سوسن الفايد إن الحكومات قد تلجأ إلى بث الشائعة وتساعد على ترويجها في وسائل الإعلام للاختبار وجس النبض؛ وعلى أساسه تقرر إذا كان اتخاذ هذا القرار سيقابل بسخط شعبي أم لا.

  • الشائعة والحرب النفسية 

تتحول الشائعة من مجرد مادة للتسلية إلى أخطر الأسلحة الفتاكة؛ إذا استخدمت في «الحرب النفسية».

الحرب النفسية هي حرب إضعاف المعنويا، وإذا كانت الشائعات تستخدم على مستوى الأفراد كنوع من المكيدة أو الإضرار ببعض المصالح الشخصية أو كنوع من الغيرة؛ لكن مفهوم الحرب النفسية يصبح موازيا لمفهوم الحرب المسلحة؛ وفقا لدراسة أعدتها جامعة بنغازي الليبية.

تبدأ الحرب النفسية بعد دراسة جيدة لهذا الشعب أو ذاك وفهم نفسيته ودوافعه؛ وتصبح الشائعات ونشر الأخبار الكاذبة؛ إحدى الوسائل التي تهدف إلى إضعاف الشعب بالتأثير على معنوياته وإضعاف إنتاجيته وإحداث البلبلة وعدم الاستقرار في البلاد.

من المسئول عن شائعات كهذه؟

الفرد سيصبح مسئولا عن ترويج الشائعات حتى لو كان دون قصد منه؛ بسبب عدم وجود وعي بالتأكد من مصدر المعلومة قبل تصديقها أو نشرها ولو بحسن نية؛ كما يقول «الجبلي».

والمؤسسات كذلك مسئولة عن ترويج الشائعات ولكن هذه المرة دون قصد، خصوصا في الشائعات السياسية والحرب النفسية؛ من خلال وسائل الإعلام ومؤسسات الدولة؛ وفقا لـ«جان نويل».

أميرة عبد الرازق

أميرة عبد الرازق

محررة صحفية ومترجمة مصرية مهتمة بشؤون التعليم واللغات وريادة الأعمال