«تذكرة المترو» ستزيد مرة أخرى.. هل تعلم لماذا؟

«تذكرة المترو» ستزيد مرة أخرى.. هل تعلم لماذا؟

لم تكن زيادة سعر تذكرة المترو لجنيهين، هي الزيادة الأولى التي فرضتها الحكومة على المواطنين.

فمنذ افتتاح شركة مترو الأنفاق في العام 1987 وسعر التذكرة يشهد زيادة مستمرة.

 في البداية كانت الزيادة منطقية، لأنها ارتبطت بتطوير المترو واستحداث محطات جديدة للمشروع الوليد.

لكن زيادة سعر التذكرة تحولت إلى تحميل المواطنين أعباء مالية تقع فيها الشركة، بسبب تدهور الوضع الاقتصادي، وتراكم الديون وقلة الأرباح، رغم وجود العديد من البدائل التي توفر دخلا ضخما للمترو دون زيادة عبء التذكرة.

في البداية لم يكن سعر التذكرة يتعدى 25 قرشا على الأكثر، والسعر يحدد بناء على المسافة التي يقطعها الراكب وعدد المحطات.

وهو السعر الذي اعتبر مرتفعا، لمشروع المترو الذي تديره شركة فرنسية؛ في الوقت الذي تراوح سعر الدولار خلال عامي 1988 و1990، ما بين 60 قرشا و83 قرشا.

أول أزمة للدولار

ومع بداية التسعينات ارتفع سعر تذكرة المترو ليصبح 50 قرشا، وفقا لجريدة «الوطن».

فمع قدوم العام 1991 كانت مصر على موعد مع أزمة اقتصادية ظهرت في انكماش الاقتصاد المحلي وتقليل الإنفاق الحكومي على الخدمات مع تحرير سعر الصرف، واتباع زيادة الخصخصة؛ وفقا لموقع مجلة «الاشتراكي».

وتزامن ارتفاع تذكرة المترو أيضا مع ارتفاع في قيمة الدولار مقابل الجنيه، الذي شهد بين عامي 1990 و1991 زيادة وصلت إلى 150 قرشا، ليسجل في عام 1992 زيادة وصلت إلى الضعف في عام واحد، ليقابل ثلاثة جنيهات مصرية.

حادث إرهابي وراء الأزمة

ومع افتتاح الخط الثاني في العام 2002، وصلت تذكرة المترو إلى 75 قرشا.. لكن حتى ذلك الوقت لم يكن هناك سعرا موحدا للتذكرة، بعض الرحلات كانت تتكلف 50 قرشا فقط، بناءً على عدد المحطات.

وإن كانت الزيادة في سعر الدولار قد تباطئت منذ عام 1992، إلا أنه في العام 2002، كان سعر الدولار قد بلغ 4 جنيهات مقابل الجنيه المصري.

وأرجع خبراء في الاقتصاد أسباب هذه الأزمة إلى عدة عوامل منها الحادث الإرهابي الذي وقع بمدينة الأقصر عام 1997، والذي أدى لتراجع السياحة في مصر، ومن ثم انهيار الجنيه أمام الدولار، وفقا لـ«الاشتراكي».

آخر زيادة في عهد مبارك

الأعوام الأخيرة في حكم الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، شهدت تراجعا اقتصاديا شديدا، وزادت خصخصة شركات القطاع العام، وارتفعت أسعار الوقود والسلع الغذائية كثيرا.

وكان العام 2006 هو العام الذي شهد ارتفاعا ملحوظا في سعر تذكرة المترو ليصل إلى جنيها كاملا، وبسعر موحد لجميع المحطات.

جاءت هذه الزيادة بعد أن وصل سعر الدولار في 2005 إلى 6.30 جنيهات.

لماذا يلجئون لزيادة السعر في كل مرة؟

التفكير في زيادة تذكرة المترو غالبا ما يكون الحل المطروح لتعويض الخسائر أو سداد الديون بعد زيادة الأسعار، أو لتطوير المترو الذي يتطلب معدات وقطع غيار مستوردة يتحكم فيها سعر الدولار.

ورغم أن سعر الدولار بدأ في التزايد من جديد، مع العام 2013 ليصل في نهاية عام 2015 إلى 7.83 جنيها مصريا، لكن سعر تذكرة المترو لم يشهد أي زيادة حتى ذلك الوقت.

 لكن التفكير في هذا الأمر لم يكن بعيدا عن الحكومة.

فقد قررت حكومة رئيس الوزراء، إبراهيم محلب، في عام 2014 رفع الدعم عن الوقود والطاقة، وبالتالي ارتفعت أسعار المواصلات والسلع الغذائية.

وكانت سياسة رفع الدعم عن الوقود جزءً من سياسة تقشفية تتبعها الدولة، لحل أزمتها المالية والاقتصادية.

وهنا ظهرت تلميحات كثيرة للحكومة بالرغبة في زيادة تذكرة المترو، مع ربط هذه الزيادة بتطوير عربات مترو الأنفاق، وصيانتها واستحداث نظام صوتي لبث الموسيقى.

لماذا يتحمل المواطن العبء دائما؟

كان 2016 هو العام الذي سجل طفرة كبيرة في سعر الدولار، بعد أن وصل إلى 20 جنيها في سابقة من نوعها.

وانعكس الانهيار الذي حدث في قيمة الجنيه، وخاصة بعد قرار التعويم، على جميع السلع، وقود، وخدمات، مواد غذائية، والتي ارتفعت إلى 41% وفقا للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء.

تقول وزارة النقل إن زيادة سعر التذكرة، جاء بسبب رفع الدعم عن الكهرباء، وتحمل شركة المترو لخسائر تصل إلى 200 مليون جنيها سنويا، بالإضافة إلى ارتفاع تكلفة صيانة هذا المرفق الحيوي الهام، وكذلك ارتفاع تكلفة قطع الغيار نتيجة لزيادة أسعار السوق العالمية.

لن تكون الزيادة الأخيرة

الخبير الاقتصادي، الدكتور رشاد عبده يقول إن الأزمة الأخيرة التي تواجه شركة مترو الأنفاق، هي نتيجة عاملين؛ العامل الأول هو فشل إداري من داخل المؤسسة.

«لا يوجد بالشركة كفاءات إدارية أو اقتصادية، تستطيع الخروج من هذه الأزمة دون مشكلات، أو حتى تستطيع مناقشة مشاريع بديلة لمواجهة الخسائر التي تواجهها».. هكذا يتابع «عبده» في حديثه لـ«شبابيك».  

العامل الثاني الذي يراه الخبير الاقتصادي سببا في زيادة تذكرة المترو، هو ارتفاع الأسعار بسبب تعويم الجنيه.. وهذا العامل عندما يضاف إلى الفشل الإداري وعدم محاسبة المسئولين عن كل هذه الخسائر.. فليس مستبعدا أن تزيد تذكرة المترو لمرة قادمة».

ويشار هنا أيضا إلى أن وزارة الكهرباء أعلنت زيادة تعريفة الكهرباء بدءا من يوليو 2017، أي أن تكلفة تسعيرة الكهرباء المستخدمة في مرفق المترو ستزيد بالضرورة.

الزيادة تقليل للخسائر فقط

أستاذ الاقتصاد بجامعة المنصورة مختار الشريف يرى بأن زيادة تذكرة المترو الأخيرة غير كافية ولن تنهي الخسائر؛ فهي مجرد زيادة رمزية كل ما ستفعله هو التقليل فقط من الخسائر.

ليست زيادة تسعيرة الكهرباء هي السبب الوحيد في خسارة مترو الأنفاق، هناك أسباب أخرى برأي «الشريف» أدت لهذه المستوى الخطير، مثل ارتفاع تكلفة قطع الغيار التي تعتمد بالأساس على سعر الدولار، ومشكلة «ماكينات التذاكر» التي تسبب في تهرب عدد كبير من الركاب من دفع التذكرة؛ فإصلاحها بقطع الغيار أو استقدام ماكينات جديدة من الخارج يعتمد على سعر الدولار.

الحديث عن سرقات شركة مترو الأنفاق التي تسبب خسائر مادية تصل إلى 200 مليون دولار في السنة كما أعلن وزير النقل، يبدو سببا غير أساسي بالنسبة لـ«مختار» يقول: «حتى لو كانت هناك سرقات فيستحيل أن تصل إلى هذا الرقم».

في رأي الخبير الاقتصادي فعلاج الخسائر التي تتكبدها شركة مترو الأنفاق؛ يأتي بزيادة حجم الاستثمار، سواء فيما يتعلق بهيئة السكة الحديد التي تتبع لها شركة مترو الأنفا، أو استثمارات الحكومة المصرية.

بدائل أخرى والمكسب ملايين

بدائل أخرى يراها «الشريف» متاحة ولجأت إليها بعض الدول كإقامة منافذ للمشروعات الصغيرة. لكنه يتسائل: هل يمتلك المصريون ثقافة المشاركة في هذه المشروعات أو الاستفادة منها؟، كما أن دولا أخرى تلجأ للإعلانات عالية السعر. لكن هل يهتم المواطن المصري بإعلانات المترو، حتى تجذب المعلنين إليها؟

لم يتحدث الخبير الاقتصادي عن زيادة أخرى محتملة لتذكرة المترو، لكنه يشير في ذات الوقت إلى خطورة عدم وفاء الزيادة الأخيرة بسد عجز الميزانية.

«إدارة الشركة تتكون من موظفين لا يفقهون شيئا في الميزانية أو تحليل الإيرادات أو المصروفات، وبالتالي كلما واجهوا عجزا في الميزانية، يرفعون سعر التذكرة» هكذا يوضح رشاد عبده.  لكن دائما هناك حلولا بديلة.

فمشكلة تطوير مترو الأنفاق، ليست مشكلة جديدة، بل واجهتها العديد من الدول المتقدمة وغيرها، استطاعت من خلالها أن توفر مصادر كبيرة للدخل لشركة مترو الأنفاق، دون أن تضطر لتحميل عبء الأزمة الاقتصادية على المواطنين.

يمكنك الاطلاع على هذه البدائل من خلال قراءة هذا الموضوع: «هذه الموارد تزيد ميزانية المترو والمكسب ملايين».

أميرة عبد الرازق

أميرة عبد الرازق

محررة صحفية ومترجمة مصرية مهتمة بشؤون التعليم واللغات وريادة الأعمال