من غير ضرب.. هذه أفضل الطرق لعقاب الطفل
يخطئ الآباء في حق أطفالهم عندما يلجأون إلى وسائل قاسية للعقاب، والتي تسبب للطفل مشاكل نفسية، ولا تشجعه على تعديل سلوكه بالمرة.
خبراء التربية وعلم النفس يقولون دائما إن العقاب هو مجرد وسيلة لتقويم الخطأ وتعديل السلوك، وليس وسيلة للانتقام أو التهديد؛ فأبسط طرق العقاب تساعد الطفل على تعديل سلوكه.
وإذا نفذ الآباء هذه الوسائل بأسلوب تربوي سليم؛ فلن تتسبب في لجوء الطفل إلى العند أو فعل الصواب لمجرد الخوف، كما تفعل غيرها من وسائل العقاب الخاطئة.
لكن قبل أن نبدأ في ذكر هذه الوسائل، يجب أن تضع عٌمر الطفل في الحسبان، كما تقول استشارية تعديل سلوك الأطفال ناهد الدسوقي.
فالعقاب ممنوع تماما قبل أن يتم الطفل عامه الأول، لأن الطفل يكون غير مدرك بالمرة ويبدأ في التعرف على الحياة من حوله، وليس لديه أي مفهوم عن الصواب والخطأ.
ومن عمر عامين حتى أربع سنوات يبدأ الطفل تدريجيا في تكوين مفاهيم عن الصواب والخطأ وهنا تأتي مرحلة التوجيه والحوار بما يتناسب مع سن الطفل.
تقول «الدسوقي» لـ«شبابيك» إن: «الطفل في هذه المرحلة لا تكون لديه أي نية في الخطأ، ولكنه يريد أن يستكشف كل شيء حوله؛ قهو يضع يديه في الكهرباء أو كوب الشاي الساخن لأنه يريد أن يجرب ويستكشف كل شيء حوله».
وبدءا من هذه المرحلة قد نلجأ لأساليب بسيطة جدا للعقاب تناسب مع عمر الطفل وهي:
حرمانه من شيء يحبه
الطفل الصغير ستجده يتعلق بأشياء كثيرة، مثل الحلوى أو اللعب أو الخروج والزيارات العائلية أو حتى التكنولوجيا واللعب بالموبايل.
وهنا تقول «الدسوقي» لـ«شبابيك» إن أفضل وسائل العقاب هي حرمان الطفل من هذه الأشياء عندما يصر على الخطأ، مع الحوار معه حتى يفهم أن لكل خطأ عاقبة سيئة.
وقبل أن تعاقب الطفل بهذه الطريقة يجب أن تكون قد اتفقت معه على هذا العقاب ونبهته مرة أو اثنتين قبل أن تنفذ تهديدك، حتى تساعده على تقويم سلوكه.
لكن أستاذ علم النفس بجامعة عين شمس، الدكتور أحمد شفيق يحذر الآباء من التعسف في الحرمان، ويقول: «يجب ألا تحرم الطفل من شيء أساسي كبعض الوجبات الغذائية مثلا، أو لو كان الطفل يتناول العصير بانتظام على الإفطار لا نحرمه منه، ولكن نحرمه من الكماليات مثل قطعة الشوكولاته أو لعبة الموبايل، التي لن تؤثر على بنيانه البدني أو النفسي. كما يجب أن يكون الحرمان لفترة قصيرة، حتى لا يمل الطفل ويشعر بالضيق أو الإهانة».
زعلان منك
الأطفال يتميزون بالحساسية الشديدة وأقل شيء يمكن أن يؤثر فيهم، كما يقول «شفيق» وبالتالي فعندما تقول للطفل «أنا زعلان منك» بحسم وصرامة، حتى تظهر له أنك «متضايق» فعلا من هذا السلوك أو التصرف الذي قام به، فهذا سيؤثر فيه كثيرا ويدرك أنه فعلا قام بشيء خاطئ.
أسلوب الخصام مع الطفل في هذه الحالة هو شيء يلجأ إليه الكثير من الآباء، لكن استشاري العلاج النفسي للأطفال والمراهقين، يؤكد أن خصام الطفل لعدة ساعات أو أيام أو حتى حبسه في غرفته كلها تصرفات خاطئة من الأهل، فالطفل مع الوقت سيتعود على الخصام وسيبدأ في ممارسة نفس الفعل مع زملاءه.
الحزم ونبرة الصوت
نبرة صوت عالية قليلا ولكن دون صراخ، مع الحزم والنظرات الغاضبة وأنت تقول للطفل: «اللي عملته ده غلط» أو «أنا متضايق من اللي عملته»، كلها وسائل توصل للطفل رسالة واحدة وهي أنه يجب أن يعدّل سلوكه فورا.
يقول «شفيق» إن: «بعض الآباء يستهينون بهذه الخطوة ويلجأون إلى العنف الشديد أو الاستهتار الشديد، وكلاهما لا ينجح في تعديل سلوك الطفل، فأبسط أنواع العقاب هي التي تكون صحيحة تربويا، لأن الهدف منها أن يدرك الطفل خطأه، وليس أن يجد نفسه يعاقب عقابا شديدا وهو لا يدرك لماذا، وبالتالي يستمر في سلوكه الخاطئ».
الاعتذار
عندما يخطئ الطفل في حق إخوته أو أصدقاءه أو حتى الأقارب، اطلب منه بحزم أن يعتذر عن خطأه، أو أنك غاضب منه حتى يعتذر ويقول «أنا آسف»، فبهذه الطريقة ستكون أن يتحمل نتيجة خطأة ويكون «قد الاعتذار» وفي نفس الوقت ستعلمه احترام الآخرين، كما يقول «شفيق».
دقائق للتفكير
وعندما يكرر الطفل سلوكه الخاطئ، فاطلب منه أن يذهب ويجلس وحده ويفكر في هذا السلوك، هل هو صحيح أم لا، وهل يحب أن يعامله الآخرون بنفس الطريقة؟
هذه الطريقة ستحتاج طفل كبير في مرحلة ما بعد الحضانة. وستقول لك «الدسوقي» أن الطفل لا يجب أن يجلس وحده كثيرا بل بمقدار دقيقه لكل سنة من عمره، وبعدهعا تبدءان في النقاش حول الخطأ الذي ارتكبه.
طفلك مش بينيمك.. اعرفي إزاي تظبطي مواعيد نومه
العقاب الذاتي
قد تكون هذه الوسيلة قاسية على نفوس الآباء، وهي عبارة عن أن تترك الطفل يخطئ حتى يتعلم من عواقب أفعاله.
«إذا كان الجو مثلا متقلبًا وطلبت من الطفل أن يرتدي ملابس ثقيلة، وأصر بعناد شديد على ارتداء ملابس صيفية، ففي هذه الحالة ممكن أن أعاقبه بأن أتركه يفعل ما يشاء حتى يتعلم من خطأه، ويرجع عن قراره عندما يشعر بالبرد»، هذا ما تقوله الاستشارية التربوية بمركز الإرشاد النفسي بجامعة عين شمس، نوال حسن، في حديثها لـ«شبابيك».
لكن «حسن» تعود وتؤكد أن هذه الوسيلة تتم بشروط وضوابط، وهي أن يكون عمر الطفل في حدود الثماني أو التسع سنوات وليس أقل، وأن أكون قد جربت مع الطفل كل الوسائل، وتحدثت معه مرة، وحذرته مرة، والأهم أن أكون أنا كأب وأم قدوة جيدة له.
تقول «حسن»: «مينفعش يكون البيت كله بياكل أكل غير صحي وأعاقب الطفل لأنه بيضيع مصروفه في الحلوى والشبسي مثلا». العقاب الذاتي يكون في حالة التمرد الشديد أو إذا استنفذت كل الطرق، هكذا تؤكد «حسن».
ولكن احترس من؟
هناك أساليب قد لا تبدو مؤذية في ظاهرها ويستخدمها الآباء بكثرة كوسيلة عقاب لا تضر الطفل، ولكن الخبراء التربويون يشددون على عدم استخدامها مع الطفل وهي:
- ركن المشاغب
ركن المشاغب أو الـ«Naughty Corner» هو عبارة عن ركن أو كرسي يجلس عليه الطفل الذي يوصف بالمشاغب أو بأنه «شقي» سواء في المنزل أو الحضانة.
وتقول «الدسوقي» إن هذه الطريقة مضرة جدا بنفسية الطفل لأنها ترسخ في عقله أنه طفل سيء ومشاغب وبالتالي لا فائدة ترجى منه، ولا فائدة من أن يتعلم الصواب من الخطأ.
- الأعمال الإضافية
عندما يخطئ أحد الأطفال بكثرة فقد يلجأ الآباء إلى تكليفه بأعمال زائدة مثل مساعدة والدته في المنزل أو مساعدة والده في شيء ما أو حتى تكليفه بأي واجبات زائدة حتى لو كانت قراءة قصة تربوية.
وتعليقا على هذا السلوك يقول أستاذ علم النفس، الدكتور جمال شفيق بأن الطفل من الجيد أن يتعلم كيف يتحمل المسئولية أو يساعد والديه أو حتى يقرأ القصص، لكن يجب ألا تكون هذه الأعمال نوع من العقاب حتى لا يكرهها الطفل.
- العقاب الكثير
عندما يبدأ الآباء في تطبيق هذه الأساليب، فإنهم يكثرون من عقاب الطفل على كل صغيرة وكبيرة، اعتقادا منهم أنه سيتعلم بتكرار العقاب كثيرا.
وهنا تقول الاستشارية التربوية، نوال حسن بأن الخطأ الذي لا ضرر منه لا أعاقب الطفل عليه، فعندما يكون العقاب قليلا وحاسما تكون نتائجه أفضل.
شيء آخر تؤكد عليه «حسن» وهو أنه يجب على الآباء أن يعطوا الطفل الكثير من الاهتمام، والحوار والمشاركة في الاهتمام واللعب والمذاكرة.
وتوضح: «عشان لما تقوله أنا زعلان منك أو تقرر عقابه بأي شكل، يبقى عارف أنه هيخسر كتير من اهتمامك؛ غير لما تكون العلاقة بينكم متوترة فمش هتكون فارقة معاه».
لكن جميع وسائل العقاب السابقة تنجح مع الطفل في حالة ارتكاب الخطأ عن عمد فقط، سواء بسبب التمرد أو العند، أما إذا كانت لدى الطفل مشكلة سلوكية أكثر من مجرد خطأ عابر، كأن يكون طفلا عدوانيا أو مدمنًا للكذب أو يرتكب السرقة، فهذا يحتاج لبرامج تربوية أخرى، بإشراف من الخبراء التربويين والنفسيين، بالبحث عن سبب المشكلة وعلاجها.
تقول «كاسندرا جاردين» في كتابها «كيف تكونان أبا أو أما أفضل» إنه إذا سرق الطفل شيئا مثلا، قد يكون عقابا رادعا للغاية أن تجبره على الذهاب للشخص الذي سرقه والاعتراف بالخطأ وإعادة المسروقات. أما إذا تحولت السرقة ِإلى داء وسلوك مزمن، فهذا أمر آخر ويستوجب برامج خاصة.