فريد الأطرش.. الأمير الذي حاربه الملك
الجميع يعرف الفنان فريد الأطرش، مطربا وملحنا صاحب موهبة كبيرة، ترك بصمته وحاز الجوائز والتقديرات. كرمته فرنسا وتركيا قبل مصر ولبنان. وكان التكريم الأعظم من جمهوره الذي عشق فنه ولا يزال. ولمن لا يعرف ففريد المغني الرومانسي كان سليل عائلة عريقة من الأمراء والمجاهدين.
في جبل العرب المعروف بجبل الدروز جنوب سوريا، شهد فريد طفولة قصيرة لم تطل كثيرًا، فكفاح أبيه ضد الفرنسيين أجبر والدته على السفر لمصر والسكن في حي الفجالة، ليعاني الأمير الصغير الحاجة والفقر بعيدًا عن وطنه، وفجأة يتغير كل شيء بمجرد اكتشافه لموهبته في العزف والغناء، لمع نجمه في سماء الفن بكل قوة حتى صاحبه لقب «موسيقار الأزمان» في حياته وبعد مماته.
خلال مسيرته الفنية الغارقة بالرومانسية أفلامًا وأغاني، عاش فريد قصص حب كثيرة، مستلهمًا منها إبداعه وفنه، لكن محاولات زواجه باءت بالفشل جميعها، فالأمير الفنان كان يؤمن أن الفن مسؤولية تتعارض مع الأسرة ومشاغلها، رغم هذا وجد نفسه مرتين أمام عائق الحسب والنسب حين فكر في الزواج.
في هذا التقرير يرصد لك «شبابيك» أبرز قصتي حب لفريد الأطرش، والتي تصادف أن الملك فاروق وقف فيهما متربصًا للأمير السوري كي لا تتم الزيجة.
سامية جمال.. الفلاحة الحافية التي رفضها الأمير
الراقصة الحافية نسبًا لقصيدة نزار قباني الشهيرة، من الحضيض خرجت هاربة بعيدًا عن زوج أبيها الوقح، لتصير أيقونة في مجالها وتصل برقصها للعالمية في فيلم هوليوودي.. قبل هذا جمعتها أفلام عديدة مع موسيقار الأزمان، وقدما استعراضات ناجحة بألحانه وصوته، أحبها فريد كثيرًا وكان الزواج وشيكًا، لولا عقبتين حالتا دون إتمام الحب.
أولهما الطبقية التي لم تنتفي بوقوف الاثنين أمام كاميرا واحدة، فكيف للأمير السوري أن يرتبط بفلاحة من بني سويف؟!
حاول الكثيرون دب الخلافات بين الثنائي الفني بهذه العقدة، وتصوير فريد أنه مجرد تاجر يستغل الراقصة الشابة لنجاح أفلامه، وهذا ما دفعها للزواج بالأمريكي الذي سعى لها كثيرًا بعدما أشهر إسلامه.
لم يفوت الملك فاروق فرصة اقتناص سامية كعادته مع الجميلات، مع تخريب علاقتها بفريد الأطرش قدر الإمكان، إلى حد استقدام سامية لفرنسا حين سافر فاروق هناك، في الوقت الذي نجد فيه حاشية الملك يحكون عن احتقاره لسامية جمال وتسميتها (سمجة جمال) في غيابها، والنتيجة أن فريد زاد بعدًا عن حبيبته المصرية، بسبب الإمارة والملكية.
الملكة ناريمان.. طليقة الملك التي رفضت الأمير
بعد ثورة 1952 هجر الملك فاروق الإسكندرية مطرودًا إلى منفاه بإيطاليا، مصطحبًا زوجته الملكة الأخيرة لمصر والسودان ناريمان حسين، لتعود الأخيرة لمصر برفقة أمها بعدما تجرعت العذاب كله مع الملك المعزول الذي اتهمها بالسبب فيما أصابه، ونالت ناريمان حكم الطلاق النهائي بعدها بعامين محتفظة فقط بحق رؤية ابنها الأمير أحمد فؤاد.
أما الأمير السوري فريد فكان في انتظارها بشوق، فمنذ أحيا حفل زفافها بالملك وقد رآها صالحة لتكون بطلة قصة أخرى من قصص حبه، وبالفعل زارها مرارًا في بيت أسرتها رغم حرج وضعها كطليقة الملك؛ والمشكلة أنها عاملته برفق ليزداد عشقه لها، ووصل به الهوى لكتابة أغنية خاصة لها في فيلم (لحن حبي) بعنوان (نورا نورا) وهو اسم التدليل لها وسط أهلها.
والآن ها هو فريد يتأهب لطلب يدها ليفاجأ بأمها تنشر حديثًا تنفي فيه أي شائعة عن زواج ابنتها منه، مقللة من شأنه كثيرًا بكل احتقار «من يكون هذا الفريد الأطرش؟!.. إنه مجرد مطرب!»، ذكرته بالفرق العظيم بينه وبينها، لينبري فريد بالدفاع عن نفسه محقًا، فهو أمير أبًا عن جد من سلالة سورية عريقة ولم يكتسب ملكيته بالزواج فقط مثل ابنتها، كانت النهاية من ناريمان التي خشت أمها وانسحبت، فيسقط فريد في ذبحة صدرية ظل أثرها حتى آخر أيامه، وكأن فاروق أبى إلا أن يعرقل زيجة فريد حتى بعدما انفصل عن زوجته.
في ذكرى وفاة فريد الأطرش.. «ملك العود» بدأ بائعا
فريدًا كان في حزنه.. أعزب لم يتزوج قط
رفض الفلاحة بسيطة النسب، فرفضته طليقة ملك بمثل نسبها!، وكعادة الفنانين وخاصة أرباب الرومانسية، مضى العمر بفريد الأطرش دون أي زيجة.. جمعته روابط حب كثيرة غير سامية وناريمان، لكنه لم يوفق في إحداها، وربما كانت هذه رغبته، ليظل متأججًا بالفن دون شريك، غارقًا في حزنه الذي عُرف به، ليصنع المزيد من سحره باللحن والنغم.
قال عن الزواج في أحد لقاءاته «الزواج قسمة ونصيب، ويقولون: تقدّرون.. فتسخر الأقدار!، جربت حظي ستة مرات مع سيدات مختلفات ولم يكتبها الله لي».
جدير بالذكر أن فريد الأطرش ولد في 21 أبريل 1910، وتوفى في 26 ديسمبر من العام 1974.