رئيس التحرير أحمد متولي
 من «حبيشة» إلى «ساندرا».. هذه حكايات أسماء المصريين

من «حبيشة» إلى «ساندرا».. هذه حكايات أسماء المصريين

هل فكرت يوماً كيف قام أجدادك بتسمية والديك؟ ولماذا اختصوهما بهذا الاسم تحديداً؟! إجابة التساؤلين طرحتها الدكتورة سماح خالد زهران في كتابها «الأسرة المصرية. قراءات في سيكولوجية التكوين والاستمرارية». وأوضحت أن الاسم ليس مجرد وسيلة للتعريف والتحديد وتصنيف الأشخاص، ولكنه جزء من وجود المسمى به. 

ويدلنا تاريخ الثقافة العام على أن معرفة اسم الشخص تعطيك سطوة على هذا الشخص أو الشيء، فالاسم قوة، والاسم والمسمى كيان واحد أو شيء له وحدة واحدة.

أنواع الأسماء

الدكتورة سامية الساعاتي أستاذ علم الاجتماع أجرت بحثاً عن أسماء المصريين وعلاقتها بالتغير الاجتماعي خلال الخمسينات والستينات والسبعينات من القرن الماضي، وذلك على عينتين عشوائيتين من الريف بقرية شيمياطس بالمنوفية وأخرى من الحضر بأحد أحياء مصر الجديدة.

صُنفت أسماء المصريين في تلك الفترة إلى دينية، وقومية، وقيادية، وأخرى نادرة للخوف من الحسد، وفولكلورية خاصة بالثقافة المصرية.

وجدت الباحثة أيضاً أسماء ريفية، وحضرية، وأخرى موقفية ترتبط بظروف التسمية، وعصرية تتعلق بالموضة، وغيرها تدليلية، ولقبية، ومرتبطة بمكان الميلاد.

في الريف كانت أعلى نسب للأسماء الدينية بنسبة 35.7% للذكور و15.9% للإناث، يليها الأسماء العصرية بنسبة 33.9% للذكور و50% للإناث، فالأسماء القيادية بنسبة 8.9% للرجال و9% للنساء، والفألية بنسبة 1.7% للرجال و3.3% للنساء ثم الأسماء الغريبة بنسبة 1.7% للرجال و3.3% للنساء.

وفي الحضر جاءت الأسماء العصرية في المقدمة بنسبة 45.2% للذكور و61.7% للإناث، يليها الدينية بنسبة 41.5% للذكور و16.6% للإناث، ثم القومية بنسبة 1.8% للذكور و13.8% للإناث، بينما تلاشت الأسماء الفألية والفولكلورية الشعبية والغريبة.

ولاحظت «الساعاتي» أيضاً ندرة الأسماء الفألية والغريبة في الحضر خوفاً من الحسد، ما يعضد فكرة أن التغير في الأسماء يمكن أن يكون مؤشراً للتغير الاجتماعي.

عربية وفارسية وتركية

ارتبطت الأسماء الدينية في نسب الشخص للخالق، وأسماء النبي، وآل البيت، بينما استمدت الأسماء القومية من التاريخ المصري مثل «جمال» و«صلاح الدين»، ووُجدت أسماء عربية في مجتمعات الحضر مثل «أكثم» و«هيثم»، وتركية مثل «جودت» و«ثروت» وفارسية مثل «شاهيناز» و«باكينام»، وأوروبية مثل «ماجي» و«ساندرا».

ومن الأسماء الغريبة النادرة التي أطقلت على الأبناء خوفاً من الحسد «حبيشة» و«عفشة» و«شحات» و«دعبس» و«غلبانة»، ومن الأسماء النادرة بسبب القدم «نفرتيتي» و«رمسيس»، والأسماء الفولكلورية مثل «ناعسة» و«قطر الندى» و«سيف اليزل»، و«أبو زيد الهلالي».

وتمثلت أبرز الأسماء الريفية في «دهشان» و«أم السعد»، والحضرية مثل «عادل» و«سهير»، والموقفية التي ارتبطت بموقف جيد مثل «حسن» أو المرتبطة بحدث مثل «رزق» و«عوض».

وجدت أيضاً أسماء تدليلية مثل «زيزي»، وبيئية مثل النباتات في «سمسم» و«بلحة»، وزهور مثل «ياسمين» و«ريحان» و«فلة».

وأسماء الحيوانات كان لها نصيب من تسمية المصريين مثل «سبع» و«ضبع»، وكذلك الطيور مثل «صقر» و«عصفور»، والأشياء مثل «زلط» و«دبشة»، والثياب مثل «قمصان» و«جبة»، إضافة إلى الأسماء اللقبية مثل «باشا» و«أميرة».

الأسماء الحديثة

​​​​​​​ ​​​​​​​ولكن إلى أي مدى اختلفت الأسماء الحديثة عن نظيرتها في الخمسينيات والستينيات. الدكتورة سماح خالد زهران، أجابت على التساؤل ببحث أجرته على عينة عشوائية من أسماء المواليد المفضلة خلال الفترة من 2012 إلى 2014.

استرعى انتباه الباحثة في التربية وعلم النفس، أسماء بنات غريبة على المجتمع المصري مثل «سدال» أي الفتاة الراقية المحتشمة، و«لمار» التي تعني كسوة الكعبة، و«سانا» أي العيون الواسعة، و«كنوت» التي تعني حافظة.

ومن أمثلة أسماء الأولاد «ساني» أي النور الساطع، و«سام» أي سيف، و«غدي» أي نشيط مشرق، و«قسورة» أي أسد، و«سليل» أي حامل اسم العائلة، و«حيان» أي يحيى، و«داغر» أي مهاجم.

الباحثة أوضحت أن الأسماء الحديثة يغلب عليها المعنى الديني، ولكنها بعيدة عن البيئة المصرية، موضحة أنها «ما بين التركية والعربية»، ما يعني أن أسماء المواليد تعكس تغيراً اجتماعياً ثقافياً بالمجتمع في السنوات الأخيرة.

أسماء الانترنت

وجود أسماء متاحة على مواقع الأنترنت زفي كتب و مطبوعات ظاهرة اجتماعية تستحق الالتفات إليها. أوضحت الباحثة أن الأبوان لا يختاران ما يمثل ثقافتهما بقدر ما يُملى عليهما برغبتهما، أي يختاران أن يبحثا فيما هو متاح دون الرجوع للذات والمأمول، إذ من المفترض أن يعبر الاسم عن ثقافة وأمل الأبوين في شخصية طفلهما.

وعلى خلفية هذه الأسماء الحديثة على المجتمع المصري طرحت «زهران» تساؤلات منها.. هل هي تعبير عن عدم نضج كاف للوالدين لم يتح لهما الاستقلالية والذاتية في الاختيار؟ ولماذا تحمل طابعاً دينياً في الغالب؟.. أهو امتداد للماضي ولكن في مظهر معاصر؟.

المصدر

  • كتاب «الأسرة المصرية. قراءات في سيكولوجية التكوين والاستمرارية». د.سماح خالد زهران.

محمد أحمد

محمد أحمد

صحفي يكتب في التراث والثقافة الشعبية