التغير المناخي والصحة

التغير المناخي والصحة

كتبت- مارينا داود:

خلال السنوات الخمسين الماضية، تسبّبت الأنشطة البشرية، وبخاصة حرق الوقود، في انبعاث ثاني أكسيد الكربون وغيره من الغازات بكميات كانت كافية للتأثير في المناخ العالمي.

تلك التغيرات التي تطرأ على المناخ تؤدي إلى مخاطر صحية عديدة، تبدأ بالإصابة بالأمراض المعدية، وقد يصل الأمر إلى الوفاة الناتجة عن أمراض القلب والأمراض التنفسية، ذلك بسبب تغيرات درجات الحرارة.

من جانبها أعلنت منظمة الصحة العالمية أنه بين عامي 2030 و2050، قد يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع أعداد الوفيات بـ250.000 حالة إضافية سنويا، بما في ذلك 38000 من كبار السن بسبب تعرضهم لحرارة الشمس، إضافة إلى 48000 سيتوفون بسبب الإسهال والملاريا، وسيكون عدد الأطفال الذين سيموتون بسبب سوء التغذية بين 60000 إلى 95000.

وأحد الأضرار الصحية الكبيرة التي تتسبب فيها ارتفاع درجات الحرارة على الصعيد العالمي، هو مرض الربو، الذي يأتي نتيجة تأثير ارتفاع درجات الحرارة في مستويات الجسيمات المنقولة بالهواء، فبحسب الإحصائيات "هناك 300 مليون نسمة يعانون من الربو، ومن المتوقع أن يزيد هذا العدد نتيجة لاستمرار ارتفاع درجات الحرارة".

وتعتبر الظواهر المناخية القصوى أيضًا، مثل الأمطار الغزيرة والفيضانات والكوارث أحد الأسباب الرئيسية في الأخطار التي تداهم صحة المواطنين، فوفقًا للمنظمة، "أودت الكوارث الطبيعية المرتبطة بالمناخ بحياة نحو 600000 نسمة في التسعينات من القرن الماضي، علماً بأنّ حوالي 95% من تلك الكوارث وقعت في بلدان فقيرة".

كما يسهم ارتفاع مستوى البحر في زيادة مخاطر الفيضانات، التي تتسبّب بشكل مباشر في حدوث إصابات ووفيات نتيجة زيادة مخاطر العدوى بالأمراض المنقولة بالمياه والنواقل.

ومن المحتمل أيضًا أن تؤثر الأمطار الغزيرة في إمدادات المياه العذبة، ما يخلّف نقص المياه واختلال جودتها، وبالتالي تدهور الصحة من خلال الإصابة بالإسهال، فهذا المرض يودي بحياة 2ر2 مليون نسمة كل عام تقريبًا، كما يزيد من مخاطر الإصابة بالتراخوما (وهي من أنواع العدوى التي تصيب العين ويمكن أن تؤدي إلى العمى)، وغير ذلك من الأمراض.

في المجمل، ووفقًا لتقارير معنية بدراسة التأثير المناخي على الصحة، "فالأمراض التي تتأثّر بالمناخ من أكبر الأمراض الفتاكة في العالم".

فالأمر أيضًا مرتبط بالتغذية التي يمكن إن كانت جيدة أن تقاوم تلك الأمراض المعدية الناتجة عن التغيرات المناخية، أما إذا كانت سيئة وهو الحال عن ملايين الأشخاص، فينجم عن ذلك ضعف حيال الأمراض المعدية مثل الملاريا والإسهال والأمراض التنفسية.

وفي حديث لفرانسوا بريكار، رئيس قسم الأمراض المعدية بأحد مستشفيات باريس، لصحيفة «الإكسبرس الفرنسية» قال إنه «إضافة لتأثير التغير المناخي المباشر على الإنسان كنقص المياه وتراجع المنتوجات الزراعية التي تمثل له الأمن الغذائي، فإنه يؤثر على الرطوبة والجفاف، ما قد يحدث تغييرات على عدد الحيوانات الحاملة للطفيليات كالبعوض، وبالتالي تكثر الأوبئة».

ولكن يمكن أن تساعد بعض الخطوات التي بدأت تتخذها دول ومنظمات عديدة للحد من انبعاثات الغازات وتقليص الآثار الصحية الناجمة عن تغيّر المناخ في إحداث آثار صحية إيجابية أخرى، كاستخدام الدراجة أو المشي على الأقدام بدلا من المركبات الخاصة، فهو من الأمور التي يمكن أن تسهم في الحد من انبعاث ثاني أكسيد الكربون وفي نفس الوقت يُحسن الصحة.

وفي هذا الإطار ينبغي على الدول، خاصة النامية، تحضير خطة إستعداد ورسم خرائط المخاطر، التي تبين المناطق المعرضة للخطر مثل الأراضي القاحلة والمدن الساحلية والمدن المكتظة، وتطوير الأنظمة الصحية وإستعدادها للإستجابة لتغيّر المناخ، والتوعية بالأخطار، وتسهيل الحصول على المعلومات عن الأمراض وآثار التغير المناخي.

شبابيك

شبابيك

منصة إعلامية تخاطب شباب وطلاب مصر