ماذا حدث في الواحات؟.. ولماذا سقط كل هؤلاء الضحايا؟
خلّف سقوط قتلى من قوات الشرطة المصرية خلال مداهمة قوات الأمن لمعسكر تدريب لعناصر متشددة في منطقة الواحات البحرية بالصحراء الغربية، جنوب غربي العاصمة القاهرة، الكثير من التساؤلات بين المواطنين وعلى مواقع التواصل الاجتماعي.
كيف وقع حادث الواحات؟
هو أول وأبرز الأسئلة المطروحة، فالخسائر كبيرة؛ إذ يتجاوز عدد الضحايا من قوات الأمن بحسب مصادر صحفية 50 شخصا بينهم 10 ضباط عمليات خاصة، و7 ضباط بالأمن الوطني، وضابط بالمباحث.
تفاصيل حادث الواحات
في عصر الجمعة 20 أكتوبر على مسافة نحو 135 كيلو مترا جنوب غربي القاهرة في صحراء الواحات البحرية، داهمت قوات الأمن وكرا لعناصر إرهابية، بعد ورود «معلومات لقطاع الأمن الوطنى تفيد باتخاذ بعض العناصر التكفيرية للمنطقة المتاخمة للكيلو 135 بطريق الواحات بعمق الصحراء مكاناً لاختبائها»، بحسب وزارة الداخلية.
لكن بمجرد وصول قوات الأمن للمنطقة المتاخمة للكيلو 135 تعرضت لكمين، حيث دارت الاشتباكات بين رجال الشرطة والعناصر المسلحة لعدة ساعات، ليسقط 58 شهيدا (23 ضابطا و35 مجندا)، وفقا لآخر التصريحات.
تحليل الحادث
كثرة عدد الضحايا يُثير الكثير من التساؤلات، خاصة أن قوات الأمن هى من بدأت بمداهمة العناصر، فمن المفترض أن تكون على أتم استعداد. نحاول الوصول إلى إجابات عن تلك التساؤلات بتحليل الحادث من كافة الجوانب:
- الإجراءات الأمنية
حادث الواحات يختلف عن غيره في أنه لم يكن مهاجمة مفاجئة للتكفيريين على القوات الأمنية، بل رجال الشرطة هى من داهمت المنطقة.. أي من المفترض أن يكون الهجوم مفاجئ؛ فكيف سقط كل هؤلاء الضحايا؟
الخطأ الأول الذي وقعت فيه القوات الأمنية، هو توقيت العملية، فهى تمت في وضح النهار وليس ليلا، بالتالي كان من السهل على العناصر المنتشرة على الطريق رؤية قوات الأمن وسرعة إخطار عناصرها بتحرك مأمورية لتتخذ الاحتياطات اللازمة.
روايات أمنية أخرى ذهبت إلى احتمالية وجود «مندسين» في الشرطة أخبروا المتشددين بتوقيت الهجوم، ما جعلها على أتم استعداد للمواجهة، لأن الهجوم إذا كان تم بشكل مفاجئ فما كان وقع كل هؤلاء الضحايا.
وهذا ما يؤكده الخبير الاستراتيجي والعسكري، اللواء جمال مظلوم، في حديثه لـ«شبابيك»، حيث يقول إن أحد أسباب سقوط هذا العدد الكبير من الضحايا هو أن الجماعات المسلحة تعمدت تسريب بعض المعلومات عن الحادث لاستدراج قوات الأمن.
ويضيف الخبير الاستراتيجي والعسكري أن هذه الجماعات كانت تستهدف إحداث خسائر مدوية في صفوت قوات الأمن في شئ أشبه بالعمل الانتقامي، نتيجة لتضييق الخناق عليها في سيناء.
الخبير العسكري، اللواء جمال مظلوم، هو الآخر، لم يستبعد فرضية تسريب المسلحين بعض المعلومات عن العملية لتستدرج قوات الأمن إلى هناك وتحدث خسائر مدوية، في أمر أشبه بالعمل الانتقامي.
تعليق رئيس أكاديمية الشرطة الأسبق
- العناصر المسلحة
أصابع الاتهام تشير إلى العديد من التنظيمات التي من المحتمل تورطها في الحادث، على رأسهم تنظيم «داعش»، «المرابطين»، و«حسم».
إلا أن العناصر التي واجهتها القوات الأمنية كان لديها أسلحة جيوش وكانت تمتلك قذائف صاروخية وأسلحة ثقيلة وسيارات دفع رباعي، الأمر الذي تسبب في سقوط هذا العدد الكبير من الشهداء، ما يعني استبعاد تورط حركة «حسم» في الحادث، حسبما يرى البعض، وذلك نظرا لضعف إمكانياتها وعدم امتلاكها مثل تلك الأسلحة الثقيلة والمتطورة.
وفي ظل امتلاك العناصر المتشددة لمثل هذه الأسلحة، يُحيلنا هذا الأمر إلى تساؤل آخر، كيف داهمت قوات الأمن هذه العناصر دون معرفة امكانياتها التسليحية؟
بعض التصريحات الأمنية، أشارت إلى أنه كان من المفترض أن يتم الاعتماد على القوات المسلحة والطيران بشكل أساسي لرصدهم بدلا من الاعتماد على قوات من الشرطة فقط، خاصة لأنها في منطقة صحراوية، فهو وسيلة سريعة وآمنة للتعامل مع مثل هذه العناصر ثم يتم الدفع بالقوات بعد ذلك، الأمر الذي يقودنا إلى الخطأ الثاني الذي وقعت فيه قوات الأمن.
ويؤكد على ذلك الخبير الاستراتيجي، اللواء أحمد عبد الحليم، يقول لـ«شبابيك»: «حتى لو كانت الجماعات الإرهابية تتراجع في سيناء، إلا أن حادث الواحات يدل على أن هناك جهات أمدتها بأسلحة متطورة جدا، وفي المقابل كانت العملية من جانب قوات الأمن سريعة وغير مرتبة».
- طبيعة المنطقة
الطبيعة الصحراوية كانت سببا في صعوبة الاتصال بالقوات التي داهمت العناصر، الأمر الذي أعاق تقديم الإمدادات الجوية والبرية لها، هذا ما ذهبت إليه بعض المصادر الأمنية لتبرير سقوط هذا العدد الكبير من الضحايا.
لكن بالرجوع إلى المداهمات السابقة في منطقة الواحات البحرية التي وقعت من قبل، لن نجد مثل هذا العدد من الضحايا، الأمر الذي يؤكد وجود خلل في الاستعداد والتخطيط الأمني من البداية.
ففي مايو 2015 قضى 3 ضباط ومجند في الواحات البحرية أثناء عملية تمشيط ومواجهة، وفي سبتمبر 2015 قُتل 10 متشددين خططت لاستهداف مصالح حيوية، وفي مايو 2017 قتل 3 ضباط ومجند في عملية أمنية بالواحات البحرية أيضا.
ومن المفترض أن قوات الشرطة لها ترددات خاصة على «اللاسكي»، الكفاءة الفنية لأجهزة الاتصالات الخاصة بقوات الأمن من المفترض أن تناسب أي طبيعة جغرافية.