رئيس التحرير أحمد متولي
 كيفية التعامل مع الطالب المشاغب في الفصل والسيطرة عليه؟

كيفية التعامل مع الطالب المشاغب في الفصل والسيطرة عليه؟

كان «عمرو» طفلا مشاغبا للغاية في الصف الثالث الابتدائي، لا يكاد يستقر في مكانه، يضرب زملاءه ويشتمهم ويتحدث ويأكل في الفصل «ويلعب ويتنطط» ويجعل معلمته آية محمد غير قادرة على التركيز وضبط الحصة.

تحكي «آية» لـ«شبابيك» أنها فوجئت بأن «عمرو» حصل على درجات جيدة في أول إمتحان بالفصل. تقول: «استغربت لأنه مكنش بيركز خالص في الفصل، وده خلاني أقرب منه أكتر بدل ما طول الوقت كنت بزعق له وأضربه عشان يسكت بدون أي فائدة».

اكتشفت «آية» شيئين متناقضين في تلميذها الصغير، فهو يعاني من المشاكل الأسرية ويتعرض في المنزل للكثير من الضرب والشتائم، وفي نفس الوقت هو طفل موهوب جدا في الدراسة والرسم أيضا. تقول: «أول لما شوفت رسوماته مصدقتش أنها بتاعته لأنها كانت حلوة جدا، كأن شخص كبير هو الي راسمها مش طفل عنده 9 سنين».

ومع الوقت عرفت المعلمة أن «عمرو» يتعرض للضرب الشديد بسبب حبه للرسم وأشياء أخرى. تقول «آية»: «بدأت أصاحبه وأشجعه على هوايته وأجيب له ألوان وأخليه يقعد معايا يرسم في الحصص الفاضية، ومع الوقت بقى هادي في الفصل وبيساعدني كمان خلال الحصة».

إذا كنت تعمل مدرسا، فبالتأكيد قابلت الكثير من الطلاب والأطفال المشاغبين مثل «عمرو»، وتعتبر وجودهم مشكلة مرهقة وتبحث عن أي وسيلة للتعامل معهم، وإجبارهم على التزام الهدوء حتى لا يفسدوا حصتك.

لكن الخبراء التربويين يقولون إن الطفل المشاغب قد يكون الأكثر عبقرية وذكاء في فصلك، وقد تكون «شقاوته» الشديدة، بسبب مشاكل يتعرض لها أو ضعف ثقته في نفسه. وأن تقويم مثل هذا الطفل سهل للغاية بأن تمنحه ثلاثة أشياء هي الحب والاحترام والثقة، ثم تساعده على حل مشاكله. إذا كيف تنجح ذلك مثل «آية»؟ وما هي الخطوات؟

افهم الطفل المشاغب أولًا

  • الطفل المشاغب هو الطبيعي

الطفل المشاغب هو ظاهرة طبيعية، وهذه حقيقة يقرها الخبراء التربويون. يقول الخبير التربوي، الدكتور كمال مغيث: «في كل المحاضرات والمؤتمرات أقول للناس أن الطفل لو مش بيتشاقى فهو غير طبيعي ومريض، فالطفل طبيعته الحركة واللعب، وليس السكون والخمول، ويجب على المدرس أن يتعامل بهذا الأساس».

 

  •  الطفل الشقي أكثر ذكاء

لا تتفاجأ بهذه المعلومة، فخبراء التربية يتفقون على أن الطفل المشاغب هو الأكثر ذكاء، وليس «بليدا» كما تعتقد أنت، وكما يوضح لك أستاذ المناهج وطرق التريس بكلية التربية الدكتور حسن شحاتة.

«من خلال ملاحظاتي وعملي السابق كمدرس، لاحظت أن الطفل الشقي لديه قدرة أكبر على التعبير عن نفسه بكثرة الكلام، وقدرة على الدفاع عن نفسه تظهر عندما يتشاجر مع غيره من الأطفال، والطفل الشقي الذي يحاول إخافة زملاءه هو طفل خياله واسع، والتلميذ المشاغب الذي يكسر الأشياء هو طفل ذكي يريد أن يكتشف كيف يعمل هذا الشيء» كما يقول «مغيث» في حديثه لـ«شبابيك».

  • الطفل المتمرد

هناك معلومة إضافية ستخلّصك من الحيرة، فالطفل المشاغب هو طفل لديه تفكير وشخصية مستقلة، تجعل دائما لديه رأي خاص، وهذا يفسر لماذا لا «يسمع الكلام» في أغلب الأحوال، وبالتالي فمعظم الأطفال المشاغبين عندما يكبرون يصبحون ناجحين وعباقرة، لأن لهم طريقة مختلف في النظر للأمور، كما يقول أستاذ المناهج وطرق التريس بكلية التربية الدكتور حسن شحاتة.

وكل هؤلاء الأطفال المشاغبين يحتاجون فقط إلى توجيه طاقاتهم في الطريق السليم، وهذا يأخذنا إلى الخطوة الثانية.

كيف ستتعامل مع التلميذ المشاغب؟

يقول لك «شحاتة» إن غياب الأنشطة المدرسية أدى لكثرة الأطفال المشاغبين في هذا الزمان، فالبتالي يحتاج للكثير من الأنشطة داخل الحصة.

  • أسلوب تعليمي مختلف

ولأننا اتفقنا أن الطالب المشاغب هو طفل عبقري فأسلوب التعليم والشرح يجب أن يستغل هذه الطاقة، فيجب أن يكون التعليم فيه تواصل ومشاركة بين المعلم والطالب، ولا يعتمد على استقبال المعلومة فقط، ليستغل قدراته العقلية ونشاطه البدني الزائد كما يقول «مغيث».

 

 

  • القيم الثلاثة

تستطيع حل مشكلة الطالب المشاغب إذا قدمت للطفل ثلاثة قيم كبرى، كما يخبرك «مغيث» وهي «أنا أحبك»، و«أنا أحترمك»، و«أنا أثق فيك»، فعندما يشعر الطفل بحب المعلم له واحترامه وثقته فيه، سيهدأ انفعاله كثيرا ويصبح حريصا على إرضاء معلمه.

يحكي الخبير التربوي واقعة من أحد الفصول فيقول: «عندما أدخل الفصل وأجد طفلا يتحدث وطفلا يلعب وطفلا يأكل، كنت أقول لهم أمامكم دقيقتان ليصبح الفصل هادئا، ثم أخرج من الفصل حتى يهدءوا تماما. فبهذه الطريق سأنقل للأطفال رسالة أني احترمتهم بدليل أني أعطيهم الفرصة ليتنهوا من طعامهم وكلامهم، وفي نفس الوقت تعاملت بحزم حتى لا تحدث الفوضى».

  • فترة للراحة

هناك حيلة أخرى ينصح بها «مغيث» وهي أن تتفق مع الطلاب على تحديد وقت للعب، ووقت للشرح، فمثلا قد تترك لهم ربع ساعة بين الحصتين أو آخر خمس دقائق في الحصة الواحدة، لمن يريد أن يأكل أو يرتاح أو يلعب أو يتحدث مع زميله.

بهذا ستترك للأطفال فرصة لتفريغ طاقتهم، وعدم «خنقهم» بالشرح طوال الوقت، فسيلتزموا طوال الحصة حتى لا يتم حرمانهم من فترة الراحة.

 

  • ابحث عن أصل المشكلة

ربما جرّبت كل هذه الطرق ولم تنجح، وهنا ينصحك أستاذ المناهج وطرق التريس بكلية التربية الدكتور حسن شحاتة بأن تتواصل مع والديّ الطفل، وتفهم منهما الظروف المحيطة به.

«قد تكون شقاوة الطفل بسبب مشاكل أسرية أو تعرضه للضرب كثيرا في البيت، أو أنه فاقد الثقة في نفسه، فبالتالي يحاول أن يثبت نفسه بضرب زملاءه مثلا أو إحداث الشغب في الطفل، وهنا عليك كمدرس أن تتعاون مع الأخصائي الاجتماعي لتحل مشكلة هذا الطفل الأساسية، وتُعدل سلوكه» وفقا لـ«شحاتة».

أميرة عبد الرازق

أميرة عبد الرازق

محررة صحفية ومترجمة مصرية مهتمة بشؤون التعليم واللغات وريادة الأعمال