هل الجسم المثالي يعزز الثقة في نفسك؟.. لا تعالج الخطأ بخطأ (للشباب)

هل الجسم المثالي يعزز الثقة في نفسك؟.. لا تعالج الخطأ بخطأ (للشباب)

لم يكن محمد باسم يستطيع أن يتجاهل تعليقات الناس على وزنه الزائد. «أنا إنسان من لحم ودم والانتقاد بيتحول لسخرية»، هكذا تحدث مع «شبابيك» عن مرحلة سابقة من حياته.

ثقة «محمد» بنفسه تأثرت كثيرًا، وكان الأمر قاسيا عليه لدرجة أنه كان يسخر من نفسه حتى لا يترك فرصة للآخرين ليبدؤوا بالسخرية منه. ثم قرر أخيرا أن يتغير من داخله بعد أن اكتشف أن «قلة الثقة بتكون نابعة من جوه الإنسان مش بسبب كلام المجتمع» كما يقول.

وبدأ «محمد» في البحث عن جميع المميزات بداخله التي تعيطه ثقة في نفسه. يقول: «لقيت إن ناس كتير بتحبني بسبب روحي معاهم ومعاملتي الحلوة. ركزت في  تطوير نفسي وبقيت بقرأ وبمثّل وبسافر. وأهم حاجة أني ارتبطت ببنت بحبها ولقيت نفسي معاها، بدون ما اضطر لتغيير شكلي».

قصة «محمد» تتشابه مع حكايات لشباب آخرين، خالفوا الفكرة الشائعة بأن «الرجل ميعيبوش إلا جيبه» ومظهره غير مهم و لا يؤثر على ثقته بنفسه.

فمن هؤلاء الشباب من فقد الثقة بنفسه تماما بسبب سخرية المجتمع من وزنه الزائد، أو نحافته، أو فعل العكس واهتم بممارسة الرياضة ليكون شكله مقبولا، وسط مجتمع يقول في العلن أن «الرجل من غير كرش ميسواش قرش» ويسخر ممن لا يتوافقون مع صورة «الجسم المثالي».

فماذا فعل هؤلاء الشباب وبماذا نصحهم خبراء علم النفس حتى يكونوا أكثر تقبلا لأنفسهم وأكثر تصالحا مع شكل أجسامهم؟

التصالح مع النحافة


على العكس كان محمود سعيد طفلا نحيفا للغاية، ولم يكن الأمر يسبب له أي مشكلة، حتى بدأ الأهل في انتقاد مظهره وضعف بنيته الجسدية.

يقول «محمود» لـ «شبابيك»: «بدأت أكل كتير عشان متخيل أن هيطلع لي عضلات، لكن اللي حصل أن تخنت جدا».

زيادة الوزن جعلت «محمود» متصالحا كثيرا مع نحافته عندما أصبح شابا، فمنظر الدهون الزائدة تجعله يشعر بالاكتئاب وعدم الثقة. يقول: «حتى لما بشوف حد أرفع مني أو جسمه متناسق أكتر، بتضايق وبتمنى أكون زيه».

ورغم حرصه على ممارسة الرياضة حتى يحافظ على وزنه، لكنه لا يهتم إطلاقا بنظرة المجتمع للرجل بأنه يجب أن يكون قويا و«طول وعرض». يقول لـ«شبابيك»: «لما كبرنا وبقينا شباب عرفنا أن ممكن واحد رفيع وتكون أعصابه قوية، عن شخص عضلات وعامل Body Building ومنفوخ على الفاضي».

المظهر من أسباب الثقة بالنفس

«بصراحة شكل الجسم من أهم أسباب ثقة الشاب في نفسه»، هذا ما يقوله محمد حسان.

ورغم ذلك لا يهتم «محمد» بالقوة الجسدية أو ممارسة الرياضة؛ فالأهم عنده أن يكون مظهره جيدًا، لأنه يرى أن المظهر يمنح الرجل القبول المبدئي عند الناس.

لكنه في الوقت نفسه لا ينكر تأثره بكلام أو نظرة الناس إليه. يقول لـ«شبابيك»: «لو حسيت أن فيه عيب في شكلي، هفضل طول اليوم متكدر ومش مركز».

«لو صحيت الصبح ولقيت عندي عضلات، مش هكون مبسوط، لأني بهتم بتطوير شخصيتي في جوانب تانية تعوض أي نقص في شكلي»، هكذا يوضح فكرته.

يهتم «محمد» بمظهره كثيرا في تعامله مع الجنس الآخر. يقول: «زي ما البنات بتعجب بالرجل من كلامه الموزون ورجاحة عقله، لازم شكله يكون مقبول وهيئته جيدة، لأن الانطباع الأول بيستمر».

ليس لدرجة عدم الثقة



أحمد اللواء هو شاب رياضي يقول إن مظهر الجسم الخارجي يؤثر بالتأكيد على نفسية أي رجل.

«أحمد» يعشق ركوب العجل، ويهتم كثيرا بممارسة الرياضة وتناسق جسده. يقول: «لما وزني بيزيد بتضايق وبحب الحق نفسي بسرعة».

الأمر بالنسبة له ليس مجرد «الشكل الحلو» فممارسة الرياضة في حد ذاتها تحسن نفسية الإنسان، وبالتالي تعطيه شعورا جيدا ورضا عن مظهره.

لكن مهما زاد وزنه قليلا، فـ«أحمد» لا يفقد الثقة بنفسه، فهو لا يهتم كثيرا بآراء الآخرين.

يتابع حديثه لـ«شبابيك»: «زمان كنت بتأثر جدا لكن بعد ما التفكير بدأ ينضج التأثر قل، بقى أي حد بيحكم عليا عشان شكلي، مش بيفرق معايا».

لم يعد يهتم بآراء الآخرين

مرت سنوات قبل أن يقابل «إسماعيل» إحدى قريباته، التي حرص أن يكون لقاءه معها مختصرا جدا، بسبب عدم ثقته في مظهره. يقول: «كنت أصلع وبكرش، ومش عايزها تشوفني كدا، لأنها زمان كانت بتضرب بيا المثل في الوسامة وتقولي عايزة لما يجيلي عريس يكون شبهك».

فحتى المرحلة الثانوية كان «إسماعيل» يهتم بممارسة الرياضة لإثارة إعجاب الفتيات. يؤكد: «زي أغلب الشباب من سني، كنت مهتم بالـBody Building عشان نظرة البنات».

لكن هذا الوضع لم يستمر كثيرا، وبدأ تفكيره «ينضج» ولم يعد يهتم بآراء الناس. يوضح لـ«شبابيك»: «ثقتي في نفسي أصبحت بتعتمد على معرفتي بيها وتقبلي لذاتي وتصالحي معاها».

الآن لم يعد «إسماعيل» يهتم برأي أحد مطلقا، ولا حتى قريبته، بعد أن ترك ممارسة الرياضة وأصبح «أصلع وبكرش».

ما هي صورتك بداخل عقلك؟

بعد حكايات هؤلاء الشباب، يخبرك استشاري الطب النفسي والمخ والأعصاب، الدكتور جمال فرويز أن ثقة أي شخص في نفسه، ليس سببها مظهر هذا الجسد بقدر ما هو انطباع الإنسان الداخلي عن جسده «السمين أو النحيف» وهل ينظر له بإيجابية أم بسلبية؟

«فرويز» يفسر الأمر، ويقول: «نرى نماذج كثيرة لأشخاص يعانون زيادة الوزن أو النحافة، ولكنهم واثقون من أنفسهم كثيرا. هناك أيضا الأشخاص المصابون بإعاقات جسدية، لكنهم ينظرون لأجسامهم بإيجابية، ويستطيعون أن يحوزوا بطولات رياضية، لا يفعلها الأصحاء. كما أن العلماء والمخترغين هم أقل الناس اهتماما بمظهرهم، وأكثر الناس ثقة وتأثيرا في المجتمع».

لا تستجب للسخرية

ومن يسخر من الآخرين بسبب شكل أجسادهم هو في الأساس «غير سوي نفسيا» كما يقول أستاذ علم النفس الإكلينيكي بجامعة عين شمس الدكتور جمال شفيق.

فالشخص غير الواثق من نفسه أو الذي ليس لديه طموح أو فاشل علميا أو حتى لا يحب عمله، سيحاول أن يسخر من أي شيء فيك حتى يثبت أمام نفسه أنه هو الأفضل، وليس أقل من الآخرين.

يوضح «شفيق» أن الأمر أشبه بالطالب المتفوق في الفصل، ستجد كل «الفاشلين» يسخرون منه لأسباب «تافهة» مثل أنه غير اجتماعي، أو أسمر، أو مفرط الطول أو السمنة، وذلك لأنهم لا يستطيعون منافسته في مستواه العلمي، فيحاولون التقليل منه.

 

كيف تعزز ثقتك في نفسك؟

أول خطوة لزيادة الثقة هي أن تتصالح مع نفسك وتتقبلها كما هي، والخطوة الثانية هي أن تبحث بداخلك عن مميزاتك الحقيقية وتعرف قدراتك جيدا، وتنمي مهاراتك وتحقق طموحك، حتى لو كانت هذه المميزات هي محبة الناس لك؛ كما يقول «فرويز».

وإذا لم تستطع أن تفعل ذلك وحدك أو كانت ثقتك بنفسك متدنية للغاية، فلا مانع إطلاقا من أن تستعين بالطبيب النفسي. يقول «شفيق»: «الإرشاد النفسي لا يعني أن هذا الشاب غير سوي أو مريض نفسيا، فهو دوره وقائي ومساعدة الشاب على استعادة ثقته في نفسه، حين لا يكون قادرا على معرفة مميزاته بمفرده».

لا تعالج الخطأ بخطأ أكبر


 

وإذا أردت أن تهتم بمظهرك الخارجي وتمارس الرياضة أو تهتم بالـBody Building فلا يجب أن تكون هذه هي الوسيلة الوحيدة لزيادة الثقة بالنفس، كما ينصحك «شفيق».

فبدون أن تهتم بالجوهر وتطور من شخصيتك، ستحصل على قوام رياضي بالفعل، ولكن من داخلك ستظل فاقدا الثقة، لأنك لا ترى في نفسك أي مميزات سوى شكلك الخارجي، وسيصبح  جسمك «منفوخ على الفاضي» دون أي قوة حقيقية أو صلابة في الشخصية.

كما أن «هوس» الشباب بكمال الأجسام، يجعلهم يتعاطون أدوية وحقن غير صحية، ودون إشراف الطبيب؛ لزيادة حجم العضلات في وقت قصير، وهو ما يجعلهم عرضة لأمراض خطيرة مثل السرطان، كما يحذر أستاذ علم النفس.

 

أميرة عبد الرازق

أميرة عبد الرازق

محررة صحفية ومترجمة مصرية مهتمة بشؤون التعليم واللغات وريادة الأعمال