المشاهير والبلهاريسا.. حكايات من قتلهم المرض ومن انتصروا عليه
البلهاريسيا مرض خطير، لم يسلم منه المشاهير مثل غيرهم من البسطاء، وخصوصا هؤلاء الذين قدموا من أصول ريفية واعتادوا على السباحة في الترعة وهم صغار، كما يحكون بانفسهم.. بعضهم تحدى المرض بأعراضه الفتاكة وهزمه، والبعض الآخر هزمه المرض شر هزيمة وأودى بحياته.
فمن هم هؤلاء المشاهير وما قصتهم؟
عبد الحليم حافظ
في حياته اتهم البعض عبد الحليم حافظ بأنه يدعي مرض البلهاريسيا الفتاك ليكسب تعاطف الجمهور.. وعندما كان المرض ينسيه كلمات الأغاني خلال الحفلات، قال آخرون إنه «مطرب مهمل» ولا يهتم بجمهوره.
ولما بدأ الجمهور يعتاد على زياراته المتكررة لمستشفيات لندن للعلاج، قال فريق ثالث إنه يذهب إلى هناك ليجري دعاية لشريطه الجديد.
ولم يكف هؤلاء عن شائعاتهم المغرضة حتى صعق الجميع بوفاة عبد الحليم حافظ في العام 1977.
كانت رحلة العندليب مع مرض البلهاريسيا طويلة للغاية، بدأت قبل 21 عاما من وفاته وتحديدا في العام 1956.
لم يكن حليم يعلم بإصابته بالبلهاريسيا التي عاشت كامنة في جسده لسنوات، منذ أن خرج من قريته بمحافظة الشرقية والتي اعتاد فيها أن يلهو مع أبناء عمه وخاله في الترعة.
وفي إحدى الليالي أصيب بآلام شديدة في المعدة تبعها نزيف وقيء دموي حاد.. ووقتها فقط عرف أن البلهاريسيا قد تمكنت منه إلى غير رجعة، ففي هذا الوقت لم يكن الإطباء يعرفون أي علاج للبلهاريسيا، وكل ما يستطيعون فعله هو محاولة إيقاف النزيف، وحُقن يتناولها «حليم» في الوريد قبل كل حفلة، حتى لا يصاب بالنزيف أمام الجمهور.
البلهاريسيا أصابته بالضعف والهزال الشديد، لكن الغريب أنها لم تكن سببا مباشرا في وفاته؛ فقد توفي بعد أن نقل الأطباء له دم ملوث بفيروس «سي» لم يتحمله كبده المتهالك بسبب البلهاريسيا.. أصيب العندليب بفشل في وظائف الكبد ونزيف عنيف لم يستطع الأطباء إيقافه مثل كل مرة.
هل فعلا توجد «بلهارسيا» في نهر النيل؟
أحمد ذكي
لم يوافق أحمد ذكي أن يؤدي شخصية عبد الحليم حافظ في فيلم «حليم» بسبب حجم الدور وأهميته، فقد كان يشعر أن هناك أكثر من شيء يربطه بالعندليب ابن قريته.
وقف أحمد ذكي في أول يوم لتصوير فيلم «حليم» وقال أمام الجميع إنه يربطه الكثير مع عبد الحليم حافظ، فالاثنان من نفس القرية.. قرية «حلوات» بالشرقية؛ والاثنان أيضا كانا يسبحان في الترعة نفسها وهم صغار.
أحمد ذكي أصيب هو الآخر بالبلهاريسيا ثلاث مرات، لكنه لم يستسلم لهذا المرض كما حدث مع عبد الحليم، أو بمعنى أصح، كان الزمان قد تغير والطب تطور، واخترعوا علاجًا للبلهاريسيا «حُقن».
وفي كل مرة كان أحمد ذكي يُتم العلاج، لم يكن يستطيع مقاومة النزول للترعة لاصطياد السمك البلطي الكبير.. «كان من المستحيل مقاومة السمك.. كان طول الواحدة نصف دراع».. هكذا يقول الفتى الأسمر كما تنقل جريدة «الشرق الأوسط».
المرض جعل حياة «حليم» والفتى الأسمر تتداخل في تفصيلة أخرى.. فقد أجرى أحمد ذكي عملية المرارة في لندن مع أحد الأطباء الذين عاصروا مرض العندليب. وبعدما وافق أحمد ذكي على إجراء العملية المفاجئة، قال له الطبيب: «أنت شجاع مثل حليم».
شُفي أحمد ذكي تماما من البلهاريسيا ولم يعد يجري وراء السمك البلطي الكبير في الترعة، لكن وفاته جاءت بسبب مرض مختلف تماما وهو سرطان الرئة الذي انتشر لأنحاء جسده.
سعد الصغير
رغم مرور الزمان وتطور الطب كثيرا واختراع تطعيم للبلهاريسيا، لكن يبدو أن المطرب الشعبي سعد الصغير قد أفلت من هذا التطعيم.
ففي أحد الأيام من عام 2010 وبينما كان الصغير يحيي حفلا في ليبيا، أصيب بالقيء الدموي، اضطره إلى إنهاء الحفل والعودة إلى القاهرة.
في البداية أخفى الصغير طبيعة المرض الذي أصابه، وقالت التقارير الإعلامية إنه مصاب بمرض نادر.
لكن الأطباء يقولون إن الأعراض التي ظهرت عليه هي نفسها التي ظهرت على حليم، فقد تمكنت البلهاريسا من القولون والكبد، ولكن بدرجة أقل خطورة مما عاناه العندليب الأسمر.
ولأن المطرب الشعبي اكتشف المرض في بدايته، فقد تمت السيطرة عليه، بعد أن خضع للعلاج ولعملية جراحية في ألمانيا.