تدوينات ما قبل تويتر، لنجيب محفوظ وطه حسين والرافعي وآخرين
لم تقصتر «التويتات» أو التغريدات على مشتركي موقع «تويتر» فقط، فكتابة الخواطر القصيرة المركزة هي عادة محببة ومعروفة قبل انطلاق الموقع عام 2006.
بنظرة أشمل، نجد أن هذا الفن من التدوين قديم، وقد سجّل أدباء ملاحظاتهم اليومية على الورق قبل اختراع أي شاشة. كما في السطور التالية.
جنة الشوك.. طه حسين
«التاريخ سخيف لا خير فيه إن كان يعيد نفسه، لأن ذلك يدل على أنه لم يستطع للناس وعظًا ولا إصلاحًا»
يستخد عميد الأدب العربي طه حسين لـ«تغريداته» التعريف الأكاديمي «الإبيجراما»، وهي كلمة تعني النقش باليونانية، أي الفن القائم على الإيجاز والاختصار بدلاً من التفصيل والإطناب، ليكون النوع الأنسب لقارئ اليوم وسط مشاغله ومسؤولياته العديدة.
في كتابه «جنة الشوك» يتناول بلغة فصيحة إشكالات الفساد السياسي والاجتماعي، مع الكثير من فلسفته الحياتية في حوارات بين شيخ وأستاذه أو أديب وأصحابه أو الملك شهريار وزجته شهرزاد.
كلمة وكليمة.. مصطفى صادق الرافعي
اشتهر الأديب مصطفى صادق الرافعي -وهو أصم الأذنين- بكتاباته الإنسانية. كان شديد السمع لقضايا البشر بفكره الممزوج بالقرآن الكريم، ولغته الشعرية التي كانت تجذب محبي الأدب الرصين.
كتاب «كلمة وكليمة» يتضمن مجموعة من تغريدات الرافعي في مجلة الرسالة، شملت خبرته الكبيرة في الحياة عن السعادة والشقاء، الحب والحبيبة، العلم والفلسفة وغيرها من الموضوعات الأخرى.
خلاصة اليومية والشذور.. عباس محمود العقاد
«إذا صح أن رقي الأمة إنما يحسب بتعدد مطالب الفرد، فما أبعدنا عن الرقي الحقيقي وما أبعد الرقي الحقيقي عنا»
يأبي العقاد بثقافته الكبيرة وعمقه الفلسفي ألا يساهم بتغريداته في مشواره الأدبي، لقد اعتبر العقاد أن الخواطر اليومية هي «الشذور» أي قطع الذهب المتناثرة، فجاءت تغريداته فخيمة اللغة والمحتوى.
يقتحم العقاد تيارات الفكر والمنطق، مع الحديث عن الفنون ومشكلات المجتمع، ويعرض وجهة نظره في الفلاسفة الغربيين كنيتشه وشوبنهاور، وأخيرًا يسرد أفكاره وفلسفته الدينية بصفته مفكرًا إسلاميًا عتيدًا.
الحكم العطائية.. ابن عطاء السكندري
«ما أحْبَبْتَ شَيئاً إلا كُنْتَ لَهُ عَبْداً، وَهُوَ لا يُحِبُّ أنْ تَكونَ لِغَيْرِهِ عَبْداً»
هي مجموعة من التغريدات الإيمانية المشبعة بالصوفية، في محاولة للوصول لأسمى درجات الحب الإلهي، على شكل حكم قصيرة مركزة كتبها الصوفي المنسوب لمحافظة الإسكندرية أحمد ابن عطاء الله السكندري.
يشتهر الكتاب بمحتواه الديني الموجز الثمين كواحد من أمهات كتب الحكم، عن الثقة بالله ومجاهدة النفس وغيرها من تعاليم الدين، والجديد هنا أن الكثير من العلماء عكفوا على تأليف كتب مخصصة لشرح الحكم العطائية وتفسيرها.
أحلام فترة النقاهة.. نجيب محفوظ
«هذه السيدة هي أستاذة أولادي و إضافة إلى ذلك تحاورهم في شئون الدنيا و الدين، فمالوا جميعـًا إلى التدين، فقلت للسيدة : إني سعيد بتدينهم و لكني أخشى أن ينحرفوا إلى التطرف، فقالت لي: إن التدين الصحيح أقوى سلاح ضد التطرف«
أما نجيب محفوظ، كروائي وقاص معروف بتجديده، فقد قدم تغريداته بشكل أحلام قصصية موجزة، كل حلم بمثابة «تلغراف فلسفي»، واسم الكتاب مستوحى من فترة النقاهة التي قضاها محفوظ بعد تعرضه للاغتيال بسبب روايته الرمزية المثيرة للجدل «أولاد حارتنا».
احتوت الأحلام على تيمة محفوظ المفضلة عن السلطة والشعب، ونُشرت في مجلة «نصف الدنيا» على حلقات ثم جرى تجميعها في جزئين، الأول هو «أحلام فترة النقاهة» والثاني «الأحلام الأخيرة».
هؤلاء اعتبرهم نجيب محفوظ أحق منه بجائزة نوبل
تويتات من العصور الوسطى.. أحمد خالد توفيق
«كان ينصحنى أن اتقي الله واكف عن الكتابة .. لماذا لايتقي هو الله ويكف عن القراءة»
مؤخرًا وبعد توفر موقع تويتر للجميع، يصدر الكاتب أحمد خالد توفيق كتابًا عن تغريداته التي سبقت الانترنت كله وكأنها من العصور الوسطى حسب وصفه، فقد كتبها في طفولته ومراهقته وشبابه كأي خواطر، ويعترف أنه لا يحب موقع تويتر وإنما اعتاد كتابة التويتات وقراءة كتبها الأخرى.
يحوي الكتاب تغريدات عن الحب، الدين، السياسة، الكتابة والفنون بأنواعها، وقد أصدر توفيق أكثر من كتاب في فلك التويتات مثل «قصاصات قابلة للحرق» و«خواطر سطحية سخيفة»
