رئيس التحرير أحمد متولي
 متحف الفشل في السويد.. هنا كل المحاولات البائسة للنجاح

متحف الفشل في السويد.. هنا كل المحاولات البائسة للنجاح

في العادة، توجد المتاحف لأجل حفظ إنجازات أو تراث، ويزورها عامة الناس ليشاهدوا التحف عظيمة الصنع، مثل آثار الأمم القديمة، والنماذج الأولى من الاختراعات المدهشة، أو حتى اللوحات الفنية والتماثيل المتقنة.

لكن بما أن الفشل موجود ومحتمل مثل النجاح، طرأت الفكرة في ذهن أخصائي علم النفس والباحث في الابتكار دكتور «سامويل ويست» عن متحف جديد لا يضم الإنجازات ولكن عكسها، سيكون أول متحفًا للفشل في التاريخ.

يشتهر مخترع المصباح الكهربي «توماس أديسون» بفشله 999 مرة قبل أن ينجح في المرة الألف، فقال عندها جملته المأثورة: «أنا لم أفشل 999 مرة، بل اكتشفت 999 طريقة للنجاح»

متحف اللوفر - فرنسا
متحف اللوفر - فرنسا

عن فلسفة الفشل

يصرّح «سامويل ويست» مؤسس المتحف أن الفشل أهم مُعلم في الحياة، ولذا فإن عرض المنتجات الفاشلة أمام الجمهور سيعطيهم جرعة كبيرة من الحماس للعمل والتعلم من الأخطاء، وليس كما يحسب البعض أن المتحف دعوة للإحباط واليأس.

ويؤكد كذلك أن الفاشلين يخجلون من كشف أسرار تجربتهم، أو يحسبون أنها وصمة عار يجب أن تختفي، رغم أن نسبة فشل أي مشروع جديد في رأيه تتراوح بين 80 أو 90 %، لذا فهو يشارك بنفسه في عرض ابتكاراته الفاشلة في المتحف الذي يقع بمدينة هيلسينجبورج بالسويد، ويضم أكثر من سبعين منتجًا فاشلاً.

سامويل ويست مؤسس متحف الفشل
سامويل ويست مؤسس متحف الفشل

الكبار يفشلون أيضًا

لا يقتصر الفشل على الأشخاص فقط، بل يخبرنا التاريخ أن كل كيان عملاق في العالم له منتجاته الفاشلة، وأهم الشركات التجارية واسعة الانتشار أخفقت في مرة أو أكثر، ولكنها لم تتوقف عند فشلها بل أكملت وعوضت ما فاتها.

هذه المنتجات الفاشلة الآن صار لها قيمة في المتحف، وبعضها لم يعد مبتكرها على قيد الحياة، لكنها  أخيرًا ستحقق الشهرة المستحقة لها كمثال في الفشل والاستفادة منه.

أبل ونوكيا أبرز الفاشلين

قبل اكتساح الهواتف الذكية لشركة «نوكيا» مؤخرًا، أطلقت في عام 2003 جهازها المحمول لألعاب الفيديو Nokia N Gage، لكن عيوبه الكثيرة سببت حالة من غضب المستخدمين نحوه، أبسطها عدم إمكانية تغيير اللعبة إلا بغلق الجهاز، أو صعوبة استخدامه كهاتف،  وتم سحبه من الأسواق بعدها بسنتين.

جهاز Nokia N Gage
Nokia N Gage

شركة أبل Apple نفسها طرحت جهاز أبل نيوتن Apple Newton عام 1993، بشاشة لمس ذات لون واحد ونظام تشغيل خاص به، متوقعة أنه سيحقق ثورة كبيرة بين رجال الأعمال، لكن السعر المرتفع للجهاز سبب فشله الذريع وأوقف مدير الشركة الراحل «ستيف جوبز» إنتاج الجهاز عام 1998 بعد عودته لإدارة الشركة.

جهاز Apple Newton
جهاز Apple Newton

كولا قهوة، وأطعمة معجون الأسنان

في سوق المنتجات الغذائية، يعرض المتحف مشروب غازي أطلقته شركة كوكاكولا عام 2006 باسم كوكاكولا بلاك، والذي خلطت فيه الصودا والكافيين ليصير بطعم القهوة، لم يحقق المشروب نجاحًا أوقفت الشركة إصداره عام 2008.

مشروب كوكاكولا بلاك بالقهوة
مشروب كوكاكولا بلاك بالقهوة

شركة «كولجيت» لمعجون الأسنان حجزت مكانًا في متحف الفشل كذلك، بإصدار أطعمة مجمدة عام 1980، وأعلنت في الدعاية أن المستهلك سيحب أن يأكل عشاءه ثم يغسل أسنانه بمنتجات من نفس الشركة، علّق أمين المتحف على الفكرة ساخرًا «من سيحب أن يأكل طعامًا من شركة معجون أسنان؟!»

طعام مجمد من شركة كولجيت

ترامب في متحف الفشل

لأن الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» في الأصل رجل أعمال وملياردير، فقد أطلق العديد من الأفكار والمشروعات الناجحة باسمه، ومنها أيضًا الفاشلة التي توقف إنتاجها، مثل «مجلة ترامب» و«شرائح لحم ترامب» وغيرها.

في عام 1989 أطلق نسخته الخاصة من لعبة «بنك الحظ» باسم «ترامب: اللعبة، أنا عُدت وأنت مطرود!» عبر شركة مشهورة للألعاب، لكن المبيعات جاءت ضعيفة بشدة مما جعلها منتجًا فاشلاً ضمن المعروضات، وقال أمين المتحف عنها «اللعبة مملة وأي شخص غبي سيتمكن من الفوز فيها!»

لعبة ترامب
لعبة ترامب

متاحف أخرى أكثر غرابة

ليس متحف الفشل وحده الغريب والفريد من نوعه، فالمتاحف المشابهة تنتشر في أغلب دول العالم، بعضها طريف الفكرة مثل «متحف الشعرية سريعة التحضير» في اليابان الذي يعرض أشهر منتجات الشعيرية وتطورها هناك، بل يمكن لزائري المتحف إعداد الشعيرية بأنفسهم.

متحف الشعيرية - اليابان
متحف الشعيرية - اليابان

 في الوقت نفسه، بعض المتاحف صادمة المحتوى ولا يتحمل الجميع زيارتها، مثل «متحف التعذيب بهولندا» الذي يعرض آلات التعذيب الأوروبية والإجبار على القتل والاعتراف في القرون الوسطى، وبعض المتاحف تثير الاشمئزاز مثل «متحف خصلات الشعر» في تركيا، والذي يعرض 16 ألف خصلة شعر نسائية مع أسماء صاحباتها.

متحف خصلات الشعر- تركيا

محمود حافظ

محمود حافظ

روائي وصحفي، مهتم بالسينما والأدب ومزجهما بالتاريخ والفلسفة