هل ينقرض العرب أو يتفرقون في الأرض؟.. هذا هو سيناريو النهاية

هل ينقرض العرب أو يتفرقون في الأرض؟.. هذا هو سيناريو النهاية

في المعتاد، لا يحمل الأدباء الكثير من التفاؤل لمستقبل العالم، بل يصابون بالتشاؤم والقلق كلما شاهدوا الحروب والفساد والكوارث حولهم، ويكتبون عن توقعاتهم السوداء في الروايات، كتحذير وتنبيه للجمهور الغافل.

وفي العالم العربي، يحكي المؤلفون عن التفرق والضعف الذي أصاب أوطانهم، والتأخر في العلوم والتكنولوجيا، متوقعين مستقبل العرب بأشكال عديدة صادمة. الروائي المصري أحمد خالد توفيق كتب عن هذه الفكرة أكثر من مرة، آخرها رواية «شآبيب» الصادرة في بداية العام الجاري.

«شبابيك» يستعرض سيناريو نهاية العرب في هذا التقرير عبر روايات المبدعين.

انقراض العرب كالهنود الحمر

أسطورة أرض العظايا
أسطورة أرض العظايا

يتوقع «توفيق» نهاية العرب بالقتل الجماعي في روايته القصيرة «أسطورة أرض العظايا» ضمن سلسلة ما وراء طبيعة، فالدول القوية المعادية ستبيد العرب كلهم حتى يوشكوا على الانقراض، وتُخصص لهم المتاحف ليعرضوا فيها كحيوانات نادرة.

يحذر الكاتب من الفُرقة والخلافات، وانتهاء ثروات العرب الطبيعية فلا يعد لهم قيمة ووزن عند الغرب، بل يشكلون خطرًا لأنهم صاروا جائعين فقراء جاهلين، كالهنود الحمر سكان أمريكا الأصليين الذين أبادهم المستعمر الأوروبي.

تنتهي الرواية بمحاولة الوصول لحل لمشكلات العرب، عن طريق سلاح حربي مساوي للعدو الغربي، هكذا فقط يمكن للعرب أن يتحدوا في أمان ويعيدوا أمجاد أمتهم.

الاستغناء عن بترول العرب

رواية يوتبيا - أحمد خالد توفيق
رواية يوتبيا - أحمد خالد توفيق

تحكي رواية «يوتوبيا» للكاتب نفسه عن مستقبل قريب عام 2023، وتتوقع تدهور الأحوال في مصر، من زيادة الفقر والجهل وانحدار الاقتصاد، وانعزال الأغنياء في مجتمع خاص بهم، وذكرت الرواية العرب في العموم وما يخص ثروتهم الطبيعية الأهم وهي البترول الذي سيفقد قيمته.

يخترع الغرب في الرواية بديلاً للبترول اسمه البايرول، وهو رخيص الثمن، وسهل التصنيع ويفوق الوقود الطبيعي في الجودة، وهكذا لا تعد هناك حاجة لبترول العرب ويصير ثمنه أرخص من الماء، يكرر الكاتب أن الثروات إلى زوال في كل الحالات، فالغرب قد يجد البديل حتى لو بقيت الثروات لقرون قادمة.

اضطهاد العرب وتشردهم

رواية شآبيب - أحمد خالد توفيق

أما في رواية «شآبيب» الأخيرة، يواصل «توفيق» توقعاته عن المستقبل العربي المظلم، وهذه المرة يحكي عن الهجرة العرب إلى دول مختلفة من العالم، منها مصر التي يتركها أبنائها كأنها سجن كبير، فيصير العرب متفرقين في الأرض كاليهود، ويضطدهم العنصريون ويتحرشون بهم ويقتلونهم كذلك.

يفكر شخصية الرواية «مكرم ميخائيل»، وهو أستاذ جامعي عربي، في حل سحري سريع لإنهاء هذه المأساة، وهو جمع العرب في وطن خاص بهم يبنون فيه دولتهم في سلام، مكررين تجربة اليهود حين أعطتهم بريطانيا «وعد بلفور» لينشأوا دولتهم في فلسطين، وهكذا تعطي أمريكا «وعد جوناثان» للعرب المضطهدين ليسكنوا في وطنهم «شآبيب» وهي كلمة فصيحة تعني «كمية من المطر».

يُذكر هنا أن الرواية إعادة كتابة لقصة «وعد جوناثان» القصيرة في سلسلة فانتازيا، فقد طلب بعض القراء عبر موقع goodreads زيادة حجم الفكرة وعرضها في رواية ضخمة.

شآبيب.. والتاريخ المزيف للعرب

يبرر بطل الرواية «مكرم» فكرته العجيبة لنائب رئيس الولايات المتحدة بذكر تجربة اليهود قائلاً: «كانت فلسطين أرضًا مسالمة من زارعي أشجار الزيتون والبرتقال المسالمين، ثم غرستم في جسدها خنجركم».

«كانت فلسطين أرضًا مسالمة من زارعي أشجار الزيتون والبرتقال المسالمين، ثم غرستم في جسدها خنجركم»

ينجح «مكرم» في إقناع الرئيس وتختار الولايات المتحدة للعرب وطنًا جديدًا في جزيرة بجانب استراليا، لكن لابد من حجة تبرر ترحيل العرب إلى هذا المكان وإلا فهم غزاة يسرقون الأرض من أصحابها، وتكون الحجة هي تاريخ مزيف يصنعه «مكرم» نفسه.

يجتمع أستاذ تاريخ، وأستاذ أديان، وأديب ليصنعوا التاريخ المزعوم للعرب في الجزيرة، يؤلفون قصة عن إرسال خليفة المسلمين لجنوده عبر البحر كي يفتحوا الجزيرة وينشروا الدين والحضارة، ويخترعون الاسماء الوهمية لعلماء، وشعراء، وأطباء «شآبيب» الذين ماتوا جميعًا واختفى أثرهم.

يلتقي العرب في وطنهم الجديد «شآبيب» محاولين الاتحاد وتعويض الماضي رغم اختلاف اللهجات والألوان والمذاهب الدينية، لكن هل ستنجح دولتهم هناك؟ يقول أحد المفكرين في الرواية: «هناك عند حافة العالم سوف نغتسل من أوجاعنا وغربتنا..وعند حافة العالم نولد من جديد».

نهاية العرب عند أدباء آخرين

للدكتور مصطفى محمود أكثر من رواية ومجموعة قصصية، منها رواية «رجل تحت الصفر» التي فازت بجائزة الدولة في الأدب، وحكى فيها عن نهاية العالم ككل، لكنه في إحدى حلقات برنامجه «العلم والإيمان» يعرض وجهة نظره بشأن العرب وكل «الشعوب الكسولة» الشبيهة أنها ستفنى بلا شك.

أما الأديب الجزائري واسيني الأعرج فقد كتب رواية «حكاية العربي الأخير 2084» عام 2016 ليحكي قصة عالم نووي هو آخر من تبقى من العرب، والرقم في العنوان محاكاة لرواية 1984 للأديب الأنجليزي جورج أورويل التي تحكي عن مجتمع يحكمه رئيسه بالحديد والنار.

رواية 2084 حكاية العربي الأخير
رواية 2084 حكاية العربي الأخير - واسيني الأعرج

لم تختلف توقعات «الأعرج» عن الآخرين، فنهاية العرب قادمة بسبب دوامة التحلل والتفكك التي قذفت بهم خارج التاريخ، وحولتهم إلى شعوب ضائعة بلا أرض وبلا هوية، يبحثون عن معاشهم وسط عالم جشع، يعودون إلى الصحراء وطنهم الأول، والحل هنا في يد العربي الأخير الذي يملك سر قنبلة نووية ستصنع السلام.

محمود حافظ

محمود حافظ

روائي وصحفي، مهتم بالسينما والأدب ومزجهما بالتاريخ والفلسفة