قصص الحب عند الصحابة.. هكذا عشقوا وتعاملوا مع العشاق
الحب غير مرهون بزمان ومكان معين، وبعد بعثة النبي محمد (ص) عرف المسلمون أحوال العشق والهيام، فلم يعتبروا الأمر عيبًا أو وصمة، بل أحبوا وعشقوا وعبروا عن ذلك.
كانت لهم قصص حب لا تختلف كثيرًا عما نعرفه، بل واهتمام خاص بالعشق وأهله، حكتها كتب الفقه والتاريخ، يستعرض «شبابيك» بعضا منها.
أبو بكر الصديق والجارية
كان الصحابي أبي بكر الصديق من أعلم الناس إلى جانب سيرته الحسنة كصاحب النبي (ص) وخليفة المسلمين، ورويت عنه قصة تدل على تقديره للحب والعشاق، كما وردت في كتاب «روضة المحبين في نزهة المشتاقين» لـ«ابن القيم».
حين مر في طريق بالمدينة المنورة وسمع جارية تشكو فراق حبيبها في حزن وشوق، فسألها الصديق إن كانت حرة أم مملوكة لأحد، فأجابته باكية أنها مملوكة فأصر الصديق أن يعرف اسم حبيبها، ليشرتيها الخليفة ويعتقها ثم يزوجها لمن تحب.
وقد وردت قصص أخرى مشابهة لأميري المؤمنين عمر بن الخطاب، وعلي ابن أبي طالب، ساعدا فيها رجلين آخرين على الزواج بالمال بل والتوسط لأهل العروس، بمجرد اعتراف الرجلين بالعشق.
عبد الرحمن بن أبي بكر
كان عبد الرحمن بن أبي بكر من أجمل الناس وجهًا وأبرهم بوالديه، وتزوج بواحدة من أجمل نساء قريش وهي عاتكة بنت زيد. وعشق «عبد الرحمن» زوجته عشقًا شديدًا حتى شغلته عن عمله، فأمره أبوه خليفة المسلمين أبو بكر الصديق أن يطلقها ليرجع إلى صوابه، وعارض الابن في البداية لكنه أطاع والده آخر الأمر.
امتنع «عبد الرحمن» عن الطعام والشراب حزنًا على زوجته، حتى قال الناس لـ«أبي بكر» أهلكت «عبد الرحمن»، ولما شاهد «أبو بكر» حزن ابنه واعتزاله شعر بالرأفة نحوه فأمره أن يردها، وفعل الابن ليعيش معها بقية عمره.
والطريف أن 3 من الصحابة تزوجوا عاتكة بعد عبد الرحمن واستشهدوا جميعًا، حتى قيل عنها: «من أراد الشهادة فليتزوج بعاتكة».
أبو العاص بن الربيع وبنت النبي
تزوجت السيدة زينب كبرى بنات النبي محمد (ص) من أبي العاص بن الربيع قبل البعثة، فلما آمنت زينب بوالدها وبالإسلام رفض أبو العاص أن يطلقها لحبه الشديد لها وأبقاها معه بنفس المودة والرحمة، وحين وقعت غزوة بدر، أسر المسلمون أبو العاص وعادت زينب للمدينة المنورة بسلام.
وكما جرت العادة، بعثت قبيلة قريش ما تفك به أسر رجالها، أما أبو العاص بن الربيع فقد سعت زوجته المحبة لفك أسره حين بعثت إليهم بقلادتها، فأطلق المسلمون سراح زوجها دون مقابل إكرامًا لبنت النبي.
وقبل فتح مكة استولى المسلمون على قافلة لقريش يقودها أبو العاص. لم يجد الزوج سوى الاستغاثة بزوجته زينب، فهرب من المسلمين وذهب إليها في الخفاء ليستنجد بها، انتظرت زينب حتى انتهى النبي (ص) من صلاة الفجر وصرخت من بين جموع النساء «إني قد أجرت العاص بن الربيع»، ولحب النبي لابنته اعاد لـ«العاص» قافلته، فرجع «العاص» بالقافلة إلى مكة وأعلن إسلامه، ثم عاد للمدينة وطلب رد زوجته السيدة زينب وعاش معها.
عثمان ابن عفان وزوجته
كان حب الخليفة الثالث عثمان ابن عفان عظيمًا لزوجته نائلة بنت الفرافصة، ومما يروى عنهما أنه خاف أن تكره فيه صلعه يوم الزفاف، فقال لها حين خلع غطاء رأسه «لا يهولنك ما ترين من صلعي فإن تحته ما تحبين!» قاصدُا أنه خير زوج، طمأنته زوجته بأن الصلع في أهلها ليس عيبًا، وحين سألها إن كانت تحب أن يقوم إليها أو تقوم إليه، أجابته بأنه يكفيه تعبه وسفره فقامت هي إليه.
وحين حوصر بيت الخليفة عثمان يريدون قتله في زمن الفتنة، حاولت زوجته أن تصدهم عن البيت لأنها فيه، فقال لها الخليفة: «خذي خمارك، إن دخولهم علي أهون من حرمة شعرك»، لكن المحاصرين دخلوا ليتقلوا عثمان، فوقفت لهم زوجته ليقطعوا أصابعها بالسيف وظلت تدافع عنه حتى مات.