طوسون باشا
نهاية طوسون باشا الابن الأكبر لمحمد علي.. ليلة ساخنة مع يونانية قد تكون السبب
من بين أبناء محمد علي والي مصر احتل أحمد طوسون المعروف بـ«طوسون باشا» موقع الابن المفضل، لذا كان موته وهو في الـ23 من عمره فاجعة كبيرة ألمت بالباشا وتركت تأثيرات عميقة في نفسه.
فرقة رشيد
وبحسب عبد الرحمن الرافعي في كتابه «عصر محمد علي»: قسّم محمد علي باشا الجنود إلى فرق ووزعها في مختلف أنحاء مصر، حتى لا يكون احتشادهم في القاهرة خطراً على النظام بعدما بدا منهم من التمرد والعصيان.
ولكي يلقي في روعهم أنه لا يقصد تشتيتهم أو معاقبتهم أمر بأن يصحبهم في معسكراتهم الجديدة بعض أبنائه ورؤساء جنده، فتولى «طوسون» رأس فرقة ذهبت إلى رشيد وذلك بعد عودته من شبه الجزيرة العربية حيث كان يقود الجيش المصري في حربه ضد الوهابيين.
التمس «طوسون» في رشيد الراحة من عناء المعارك التي خاضها في الحجاز، فأخذ الموسيقيين والراقصين والمغنيات ومجالس اللهو، وبقي بها إلى أن عاجلته المنية ليلة 29 سبتمبر 1816 إثر مرض ظهر به فجأة.
روايات متعددة
ويرى «جيلبرت سينويه» في كتابه «الفرعون الأخير – محمد علي» أن وفاة «طوسون» كان المصاب الأكثر إيلاماً لمحمد علي، والأعمق تأثيراً عن كل ما مر به، باعتباره الابن المفضل له والذي كان في مقر قيادته بدمنهور، ولم يكن يبلغ من العمر آنذاك إلا 23 عاماً.
واستعرض «سينويه» الروايات التي ذهبت إلى أسباب الوفاة، فهناك من يقول إن «طوسون» التقط الطاعون من أحضان جارية يونانية، بينما يرى آخرون أن السبب الحقيقي للوفاة كان إفراطه في اللذة نتيجة ليلة ساخنة جمعته وإحدى الجورجيات العتيدات، وكان من الصعب تصديق ذلك.
ويروى أن أحداً لم يجرؤ على إخبار الباشا بالنبأ، وأن جسد الميت جُعل في نعش مفتوح، وأدخل القصر ليلاً، ووضع أمام باب جناح النساء. وعند خروجه صباحاً من جناح الحريم، تعرف محمد علي باشا على ابنه فصرخ صرخة مدوية واستلقى عليه وحضنه طويلاً قبل أن يدخل في حالة عزلة دامت أياماً طويلة، إذ اعتصم وحيداً في قصره، رافضاً أن يهتم بالأمور السياسية.
وتعددت الروايات بخصوص أسباب هذا الموت المفاجئ والظروف التي أحاطت به والطريقة التي أخبر بها الباشا، حتى أنه در حديثا أن الأمر نتج عن عملية اغتيال، لكنها رواية ضعيفة. ويقال أيضاً أنه عندما علم إبراهيم باشا بموت أخيه لم يبد أي حزن أو تعاطف بسبب العداء الذي كان بين الرجلين.
كرم بلا حدود
ورغم اختلاف الشائعات حول هذا الموضوع، فإن كل من كتب عن هذه الواقع أشار إلى حزن محمد علي الكبير على فقدان ابنه، والتعاطف الذي أبداه شعب مصر والجيش إزاء «طوسون». وكان يقال في حياته «لو أن بخلاً مس يد طوسون، لتحول بخله إلى كرم بلا حدود».
نوبار باشا أقوى وزراء محمد علي دلّل في مذكراته على كرم «طوسون» بقوله: إن عباس بن طوسون كان كريماً لكن ليس على طريقة والده المستعد في أي وقت لأن يهب أحدهم رداءه المصنوع من الكشمير الرائع، أو يعطيه فرسه الأصيل الذي يمتطيه.
يزيد «نوبار»: كان إبرهيم يقول لي: «أخي طوسون عُرف عنه الكرم واشتهر به، لكن هل يمكن أن نقول عنه إنه مثلاً ساعد خادماً أبى أن يحيى حياة كريمة، أو جنّبه السؤال مثلما فعلت أنا مرات كثيرة، وأفعله كل صباح أنا الذي يعنبرونني بخيلاً؟».
وبحسب «سينويه» اتسمت جنازة «طوسون» بالعظمة، فقد صحب الموكب الجنائزي كبار ضباط الجيش والمسؤولون المدنيون، بينما سار محمد علي ماشياً خلف نعش ابنه حتى مثواه الأخير.