رئيس التحرير أحمد متولي
 الصراحة في السينما.. هكذا غيّرت الحقيقة المُرة من حياة أبطال هذه الأفلام

الصراحة في السينما.. هكذا غيّرت الحقيقة المُرة من حياة أبطال هذه الأفلام

الصراحة في العموم سلوك مطلوب، فهو ينشر الحق بين الناس، ويجنبهم الوقوع في الأوهام والخرافات، وهكذا يختصر الكثير من الوقت الضائع في التدليس والأكاذيب.

«الصراحة راحة» كما في الجملة الشهيرة، ولكن هل حصل هذا في السينما وسببت الصراحة الراحة لأبطال الأفلام؟ هذا ما ستعرفه في هذه الجولة من «شبابيك» مع أشهر مواقف الصراحة في السينما.

أرض النفاق.. الصراحة مع المجتمع

نتيجة بحث الصور عن أرض النفاق
فؤاد المهندس في فيلم أرض النفاق

في فيلم «أرض النفاق» عام 1968، يتعاطى «مسعود» (فؤاد المهندس) حبوبًا كالدواء تغير من أخلاقه وتعاملاته مع الناس، فكل نوع من الحبوب يسبب أخلاقًا مختلفة، منها حبوب الشجاعة، وحبوب الكرم، وحبوب الإنسانية.

وحين يتناول «مسعود» حبوب النفاق، يصل لأعلى المراكز في وظيفته ويصبح من أعيان القوم، فهو يتقرب من السادة ويجاملهم بكل ما يمكنه من قدرة على الكذب.

 بل إنه يوصي زوجته وجارته كي يفعلا مثله تحت مسمى الشرف، ويكمل حملة نفاقه بترشحه في مجلس الشعب وخداعه للجماهير بأنه فقير مثلهم.

وبمحض الصدفة، يتناول مسعود حبوب الصراحة، أثناء احتفاله بمعارفه المنافقين مثله، وهكذا ينفجر في الجميع، ويخبرهم بحقيقتهم الوحيدة.

وكانت النتيجة هي سحب كل امتيازات «مسعود» منه، وعودته كما كان قبل حبوب النفاق، في إشارة لسيطرة المنافقين على المجتمع في الفيلم وتحكمهم بالناس، فهم يرفعون من ينافقهم ويخفضون من يصارحهم بالحق.

ألف مبروك.. الصراحة مع الصديق

قد يحاول الصديق أن يعترف لصديقه بشيء ما، لكنه يخشى رد فعله، مهما كانت درجة الصداقة بين الاثنين، وهذا ما حدث في فيلم «ألف مبروك» حين حاول «كريم» صديق البطل «أحمد حلمي» أن يصارحه بأنه يحب أخته.

كان «كريم» يكلم أخت صديقه عبر الانترنت، ويحاول دومًا أن يخبر صديقه بحبه لأخته كي تكون العلاقة في العلن، لكنه حين لمّح له مجرد تلميح، ثار ووصف «كريم» بالحيوان، كما وصف الفتاة بالعاهرة دون أن يعلم أنها أخته.

وفي نهاية الفيلم يعترف «كريم» أخيرًا للبطل ببساطة: أنا أحب أختك، وهذا في الوقت الذي نضج فيه الأخ واستطاع التفرقة بين الصديق والعدو، هكذا يقبل صراحة صديقه، ويطلب منه أن يعتني بأخته إذا أصابه مكروه.

هذا المشهد ينبهك لطبيعة الشخص الذي ستصارحه، إن كان سيقبل الصراحة بنضج وتفهم، أم ستفاجئه الحقيقة لدرجة أن يهاجم من صارحه.

آسف على الإزعاج.. الصراحة مع النفس

نتيجة بحث الصور عن آسف على الإزعاج
أحمد حلمي في فيلم آسف على الإزعاج

يعود أحمد حلمي هذه المرة للصراحة، لكنه يصارح نفسه بنفسه، في فيلم «آسف على الإزعاج» الذي جسّد فيه شخصية «حسن» المصاب بمرض «سكيزوفرينيا» الذي يجعله يرى التهيؤات والهلاوس السمعية والبصرية.

يتخيل «حسن» والده المتوفي وحبيبته الغائبة، لقد ارتاح كثيرًا معهما ولا يتخيل حياته دونهما، وحين تصدمه الحقيقة بأن كلاهما سراب في عقله، ينسحب في حزن، رافضًا أن يقتنع في البداية، ثم يسلم أخيرًا ويتناول الأدوية النفسية التي ستحرمه من والده وحبيبته.

في أغنية الفيلم، يسأل «حسن» نفسه بصوت المطربة «شيرين»:

هتعمل إيه لو نمت يوم وصحيت.. ولقيت

أقرب ما ليك في الدنيا مش حواليك؟

هو أنت مين اللي عمل كدة فيك؟

مش أنت ولا فيه حد غما عينيك؟

والمقصود هنا، أن الإنسان يجب أن يعترف لنفسه بمشكلاته، وأمراضه، حتى يتصرف كما ينبغي ولا يقضي حياته في الأوهام الممتعة بعيدًا عن الحقيقة الأكيدة والباقية.

عمارة يعقوبيان.. الصراحة مع الناس

عادل إمام في فيلم عمارة يعقوبيان

الفنان عادل إمام كان الشخصية الأبرز في فيلم «عمارة يعقوبيان» عام 2006، حين مثل شخصية العابث عاشق النساء «زكي الدسوقي»، وهو أيضًا الباشا الأرستقراطي الطاعن في السن، لقد غادر فرنسا نفسها شابًا ليعيش بقية حياته في مصر.

تسأله السكرتيرة «هند صبري» في أحد المشاهد عن سبب اختياره للعيش في وسط البلد بدلاً من باريس عاصمة النور والجمال، فأجابها ببساطة أنه «فقري» قد أساء الاختيار.

لكنه في نهاية الفيلم أسرف في الشراب، وأخبرها الحقيقة بلسان أسكره الخمر، قال لها أنه ترك باريس لأن بلده كانت أفضل منها، وصاح في الناس كلها من حوله، أن العمارات في مصر كانت أفخم من عمارات أوروبا، أما الآن فقد صاروا في زمن «المسخ» وقد تغير كل شيء عن زمن الماضي الجميل.

كان «زكي الدسوقي» شاهدًا على أوقات ازدهرت فيها بلاده، فوجد نفسه يصرخ بالحقيقة لأهلها الذين صاروا يكرهونها في وقت قصة الفيلم، كأنه يدعوهم ليعيدوا أمجادها من جديد.

بئر الحرمان.. الصراحة مع الحبيب

صورة ذات صلة
سعاد حسني في فيلم بئر الحرمان

قد يمرض الإنسان ويخفي مرضه عن الآخرين حتى لا يقلقهم، أما الفنانة الراحلة سعاد حسني بطلة فيلم «بئر الحرمان» فموقفها أصعب بكثير، حين اكتشفت أنها مريضة نفسيًا لدرجة انفصام الشخصية الكامل، بسبب عقدة قديمة سببها لها أهلها.

شهدت البطلة في طفولتها عذاب أمها على يد الأب، لقد حرمها من كل شيء تحبه، حتى صارت كوابيس الطفلة كلها عن الأب الذي يجر أمها في رعب ويلقي بها في بئر عميق، وتصحو الطفلة صارخة خائفة من نفس المصير.

حين تكبر البطلة وتصير شابة جميلة، يصيبها مرص «الفصام» وتصبح ذات شخصيتين متعاكستين، الأولى متزنة غاية في الاحترام، والأخرى عابثة ترتدي ملابس العاهرات وتغري الرجال، لأنها لا تريد ان تسقط في نفس بئر الحرمان مثل أمها.

تكتشف البطلة الحقيقة في النهاية على يد الطبيب النفسي المحنك «محمود المليجي»، وتعترف لحبيبها «نور الشريف» بمرضها العجيب، لقد عاشرت الرجال في الحرام بشخصيتها الأخرى، فهل يرضى حبيبها بالزواج منها بعد هذا؟

يكشف لنا هذا المشهد عن رد فعل الحبيب على صراحة الطرف الآخر، هل يقبلها مهما كانت صادمة؟ ويرضى بمساعدتها أم يتركها ولا يستمع إليها من الأساس؟

سهر الليالي.. الصراحة مع الزوج والزوجة

صورة ذات صلة
فيلم سهر الليالي

تناول فيلم «سهر الليالي» عام 2003 حكاية 4 أزواج مختلفين في مشاكلهم، وكل زوجين يخفون عن بعضهما الكثير من الحقائق، فقط كي تستمر الحياة أو ليجد الأطفال حياة مستقرة ليعيشوا فيها.

في لحظة ما تتعقد الأمور، وتتزايد حدة المشكلات، فهناك الزوج الخائن «فتحي عبد الوهاب» الذي تعترف له زوجته «منى زكي» بكل مغامراته النسائية، فلا يجد الزوج سوى الصمت أمام زوجته الحامل.

وفي مشهد صراحة آخر، يعترف الزوج المشكوك في فحولته «خالد أبو النجا» لزوجته «جيهان فاضل» أنه خانها مع أخرى لينفي الشكوك عن نفسه، لتتفهم الزوجة وتقول «كلنا بنغلط.. كلنا لازم نغفر».

ينتهي الفيلم على موسيقى أغنية سهر الليالي لفيروز، بينما يرقص الأزواج الأربعة في سعادة، كدليل على فائدة الصراحة في الزواج حين الحاجة، لقد كانت الإنقاذ للجميع من التعاسة.

المصدر


  •  

محمود حافظ

محمود حافظ

روائي وصحفي، مهتم بالسينما والأدب ومزجهما بالتاريخ والفلسفة