أعمال هوليود المقتبسة من سينما ودراما مصر.. حين سبق العربي الأجنبي
في المعتاد، نجد أفلامًا عربية مستوحاة من السينما الأجنبية وخاصة هوليود، وأحيانًا نقتبس الفكرة فقط، وأحيانًا أخرى نقتبس كل شيء حتى أفيشات الأفلام نفسها، ولكن هل حدث العكس يومًا ما؟
بمقارنة الأفكار قديمها وحديثها، وجدنا أن أكثر من عمل هوليودي ناجح، له شبيه في السينما المصرية، وقد سبقه بسنوات، تختلف الحبكة والمؤثرات البصرية ومشاهد الأكشن لفرق الجودة والتكلفة، لكن الفكرة الأصلية هي نفسها. في هذا التقرير من «شبابيك» نستعرض أهم الأفكار المصرية التي سبقت هوليود.
تاريخ السينما المصرية.. كتب تلخص لك هذا العالم
الكيف وBreaking Bad
Breaking Bad أو كما يتُرجم إلى «التحول للأسوأ»، هو واحد من أهم المسلسلات الأمريكية في الفترة الأخيرة، ويعتبره بعض نُقاد الغرب المسلسل الواقعي الأفضل في التاريخ، وموسمه الخامس والأخير انتهى في سنة 2013.
القصة عن عبقري في الكيمياء، لكنه مجرد مُدرس فقير في الخمسين، لا يكفيه مرتبه الشهري، فلديه حمل ثقيل من زوجة وابن مريض، إلى جانب طفلة في الطريق، ويضطر المدرس للعمل في مغسلة سيارات، ولا يرحمه المجتمع بأغنيائه وفساده، فيتلقى الإهانات من الجميع، كل هذا مُحتمل ولكن سرطان مفاجيء يصيب المُدرس.
علاج السرطان الكيماوي يمنحه عامين على الأكثر ثم الموت المؤكد، والأسرة بحاجة للمال الكثير لعلاج الابن ومستقبل المولودة، لذا يقرر المُدرس المُسالم أن يفعل الشيء الذي يجيده، يصنع المخدرات بخبرته العظيمة في الكيمياء، وينجح في هذا كل النجاح.
بالعودة إلى الأفلام المصرية، نتذكر فيلم الثمانينات الناجح «الكيف» عن المخدرات وعالمها، وفي الفيلم يضطر دكتور الكيمياء النابغة إلى صنع المخدرات لأجل الحصول على المال، فوظيفته لا تكفيه إطلاقًا لإعالة زوجته وطفله، بل يعجز عن التعامل مع الوساطة والمحسوبية لأنه ايضًا مُسالم ومحترم.
الفكرة واحدة في العملين؛ عبقري كيمياء يدخل في تجارة مخدرات إضطرارية لجلب المال، بسبب الفقر في مجتمع لا يُقدر العباقرة، لكن الفرق في الطول والمعالجة، فالمسلسل الأمريكي تملأه المطاردات والأكشن واستغلال ذكاء البطل في مواجهة أعدائه، أما الفيلم المصري فاتخذ طابع الفلسفة في عرض قضية المخدرات وتأثيرها.
اختلاف آخر مهم بين العملين، فالكيميائي الأمريكي اختار طريق المخدرات بكل ما فيه من أذى، وكانت له أسبابه الوجيهة من وجهة نظره وفي النهاية صار أشد إجرامًا في كل مجتمعه، أما الكيميائي المصري فلم يكن يقصد الأذى، بل أراد تقديم بديل أفضل من المخدرات لكن الآية انعكست تمامًا.
فلو كان اسم المسلسل الأمريكي «التحول للأسوأ»، نجد الكيميائي المصري في فيلم «الكيف» يقول «العبرة مش في إرادة السوء، العبرة في سوء الإرادة»، هكذا عالج المصريون الفكرة بشكل مختلف قبل هوليود بأكثر من 20 عامًا.
حديث الصباح والمساء وAssassin's creed
العودة بالزمن للماضي، فكرة قديمة في أفلام الخيال العلمي عن طريق آلة الزمن، وقد قدمها الغرب قبل العرب بسنوات طوال، لكن السبق العربي جاء في تقديم فكرة أخرى للعودة للماضي، وهي عن طريق جسم الشخص نفسه، من خلال الحمض النووي الذي يحتوي تسجيل ذكريات أجداده حتى آدم.
قدّمت هوليود الفكرة في فيلم Assassin's creed عام 2016، وهو أصلاً مستوحى من لعبة حاسب آلي ناجحة بنفس الاسم من انتاج عام 2007، الفيلم يحكي عن مؤسسة سرية تحاول الوصول لماضي جماعة من القتلة في إسبانيا أثناء القرن الـ15، وتستعين الشركة بحفيد الجماعة، وتصل لذكريات أجداده من خلال جهاز متطور.
الفكرة المصرية قُدمت عام 2001 في مسلسل «حديث الصباح والمساء» والمستوحى أيضًا من رواية لنجيب محفوظ بنفس الاسم، ويدور عن عائلات مصرية في بدايات القرن الـ20، في بداية كل حلقة، يظهر رجل غامض يُدعى «النقشبندي» لا نعرف سره إلا مع الحلقة الأخيرة، نكتشف أنه يستعيد ذكريات أجداده في أثناء غيبوته بالمستشفى.
إذن هي الفكرة نفسها، ذكريات الأجداد من خلال الحفيد، والمعالجة طبعًا تختلف بين البلدين، فالفيلم الأجنبي يسوده الأكشن والمغامرة، وقتلة يعتلون أسطح المنازل ويقتلون أهدافهم بطرق جذابة ومؤثرات بصرية متقنة، الفيلم صراع بين الخير والشر في عصر آخر وبشكل شبه خيالي.
أما المسلسل المصري، فالعودة للماضي كانت لأجل رصد ظروف المجتمع حينها، عاداته وتقاليده، والزواج والنسل، وعرض فلسفة الحياة والموت، مع بعض المظاهر التاريخية من حكم الوالي حتى ثورة 1919، والجدير بالذكر أن المسلسل له 6 أجزاء في الأصل، ومن المفترض استكماله لولا موت السيناريست، فذكريات الحفيد مستمرة حتى حرب أكتوبر 1973.
شباب امرأة وThe Graduate
هذه المرة مع فكرة من الكلاسيكيات، ليس فيها أي خيال أو أكشن أو حاجة إلى مؤثرات بصرية مبهرة، القصة هنا عن الاغواء والشهوة في الحرام، والوقوع في حبائل المرأة اللعوب حين تراود الفتى عن نفسه، مع الرومانسية والعظة الأخلاقية.
الفيلم الكلاسيكي الأجنبي هو The Graduate أو «الخريج» من انتاج سنة 1967، وهو يحكي عن طالب جامعي تخرج للتو وصار بلا عمل، تفتنه امرأة جذّابة وتحاول إغراءه، إلى جانب أنها أكبر منه بـ20 عامًا، ويسلم الخريج الجامعي للمرأة مدفوعًا بشبابه وافتقاده للحياة المستقرة، رغم أنه لا يملك أي مشاعر تجاهها.
قبل هذا الفيلم بأكثر من 10 سنوات، أنتجت السينما المصرية فيلم «شباب امرأة» عام 1956، والذي يحكي نفس حكاية إغواء الشاب، لكن بشكل مصري أكثر، عن طالب من الريف يعيش في مسكن امرأة غنية في عمر والدته، تستدرجه ويقع بها، رغم انعدام المشاعر بينهما.
في الفيلمين، يقع البطلين في حب فتاة شابة من نفس سنهما، لكن المرأة الغاوية اللعوب شرسة وتراقب، وترغب في السيطرة على الشاب لحسابها، في الفيلم المصري تلفق له تهمة ويضطر للزواج بها، وفي الأمريكي تجبر حبيبة الفتى على الزواج كي يفقد الأمل فيها.
ينتهي الفيلمين بخاتمة سعيدة وعبرة مفيدة عن الحب والفضيلة، وأن الشباب للشباب، وللعملين مكانة كبيرة في سينما كل بلد، الفيلم المصري شارك في مهرجان كان عام 1956 وحاز المرتبة السادسة في قائمة أفضل 100 فيلم مصري بحسب قائمة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي عام 1996، أما الفيلم الأجنبي فقد فاز بقائمة من الجوائز ليس آخرها جائزة الأوسكار.