حقيقة الأشباح.. أرواح عائدة من الموت أم خيالك الجامح؟
هل رأيت شبحًا من قبل؟ هل تعرضت لتجربة مخيفة مع كيانات غامضة؟ إذا كانت إجابتك بالنفي، فلا شك أنك سمعت على الأقل حكاية أو أكثر عن هذه الظاهرة المسماة بـالأشباح.
تنتشر الظواهر الغريبة والغامضة في كل المجتمعات والشعوب، ويكثر الحديث عنها بين عامة الناس رغم ما تسببه من خوف ورعب، وتعتبر الأشباح أشهر هذه الظواهر على الإطلاق.
ما هي الأشباح؟
ظهرت الأشباح في كل بلاد العالم تقريبًا، ولم تتوقف رؤيتها على الناس العادية، بل ذكرها علماء، ومفكرون، ورجال دين في شهادات موثقة وصحيحة، ولهذا حظيت باهتمام كبير في الدراسة.
لو وضعنا تعريفًا معينًا للأشباح، فهي في الغالب تجسدات لأشخاص حقيقيين ماتوا وعادت أرواحهم للظهور في عالم الأحياء على شكل أطياف.
وفق كتاب «خلف أسوار العلم»، يوجد أكثر من مليون جمعية تهتم بدارسة الأشباح، أما عن أسباب ظهورها فتكون في العادة من أجل الانتقام من الأحياء، أو توصيل رسالة ما، أو للعبث لا أكثر.
متى ظهرت؟
مشاهدات الأشباح بدأت منذ زمن سحيق يعود إلى القرون الوسطى، لدرجة أن المسرحي الإنجليزي الشهير ويليام شكسبير كتب عنها في أشهر مسرحياته مثل «هاملت» و«ماكبث».
عادت سيرة الأشباح بقوة في القرن الماضي مع ظهور شبح الرئيس الأمريكي إبراهام لينكولن في البيت الأبيض، خاصة حين أعلن الزعماء السياسيون رؤيته مثل تيودور روزفلت، ووينستون تشرشل.
تأكد الكثيرون وقتها من صحة الظاهرة، فهذه الشخصيات المعروفة لن تعرض نفسها لسخرية الرأي العام والتشهير بلا داعي. وهكذا عادت ذكرى المشاهدات القديمة والأكثر غموضًا وغرابة تظهر من جديد.
ما سر الرعب من الرقم 13؟
أكثر الأشباح شهرة
في كتابه «أشباح ولكن»، يحكي دكتور نبيل فاروق عن أهم مشاهدات الأشباح خلال القرن الماضي، وأشهرها قصة الراهب الروسي «ديمتري» عام 1911، في مدينة «توبولسك» الهادئة غرب سيبريا.
في أحد الليالي الباردة خرج الراهب لقطع الحطب من أجل مدفأته، وبينما يعمل منهمكًا سمع صوتا حفيفا خلفه على الجليد، والتفت ليجد فاتنة شقراء ترتدي ثوبًا حريريًا مطرزًا باللؤلؤ والأحجار الكريمة.
انبهر الراهب للحظة ناظرًا لهذه الفاتنة التي تبدو كالأميرات، قبل أن تتوقف على مسافة قريبة منه وتسأله عن طريق العربات، ورغم أن مدينة «توبولسك» لم يكن بها طريقًا بهذا الاسم وقتها إلا أن الراهب أشار إلى طريق البريد البعيد.
قالت الفاتنة شيئًا عن ابتعاد المسافة، وشكرت الراهب متجهة إلى وجهتها، هنا لاحظ الراهب أن عنقها ينزف دمًا، فسألها أن تبقى حتى تداوي جرحها أو تتوقف أمطار الجليد لكنها رفضت عرضه ورحلت.
مع اختفاء الشقراء عن نظر الراهب بدأ يسترجع المشهد ويستوعبه جيدًا، لقد نسى من فرط انبهاره أن الجليد ينهمر طيلة النهار، ومع هذا لم يحمل ثوب الفاتنة أو رأسها وكتفيها أي ذرة من الجليد، حتى أقدامها لم تترك أثرًا على الأرض البيضاء.
لم يعد الراهب «ديمتري» مهتمًا بالنار والمدفأة والحطب، بل هرع إلى مكتبه ليسجل الواقعة مرتجفًا، وفي اليوم التالي أجرى تحرياته في المنطقة ليكتشف أن إحدى الأميرات النبيلات قتلت على يد قطاع الطرق بالفعل في نفس المكان.
انطبقت مواصفات النبيلة مع رؤية الراهب لها، وطريقة القتل فكانت بقطع رأسها كله وفصله عن عنقها، أما الأمر الأعجب فهو أن الجريمة وقعت منذ مائة عام قبل رؤية الراهب الذي كان في الـ46 من عمره وقتها، مما ينفي عنه تهمة التخريف أو الخبال.
تُذكر قصة الراهب «ديمتري» دائمًا في مراجع المهتمين بالأشباح كدليل حي على وجودهم، فالراهب كان معروفًا بسلوكه الطيب وامتناعه عن شرب الفودكا، أو حتى الشاي والقهوة، فلماذا يجر على نفسه المتاعب والاتهام بالكذب؟
مثل ريا وسكينة
في مشرحة كلية الطب بإحدى الدول العربية، اتفق عامل أفريقي مع عاملة أخرى أجنبية على تنفيذ جرائم «ريا وسكينة» بشكل أعقد، عن طريق استدراج الفتيات إلى المشرحة ثم قتلهن للاستيلاء على المجوهرات والذهب.
الجديد في الأمر أن العامل وشريكته استخدما أحماضًا كيماوية تتوافر في كلية الطب لإذابة جثث الفتيات القتيلات ومن ثم بيع ما يتبقى من عظامهن إلى طلبة الطب الآخرين.
مع اختفاء الطالبات بلا أثر توالت الجرائم، إلى أن تقدمت والدة إحدى الضحايا ببلاغ إلى الشرطة، زاعمة فيه أن شبح ابنتها يزورها ويؤكد لها أن بقايا جثتها في المشرحة بعدما مثّل بها المجرم.
لم تصدق الشرطة قصة الأم لكنهم استجوبوا عامل المشرحة الذي سخر من هذا التخريف وأنكر كل اتهام، بالفعل مال الضباط إلى تصديقه وكادوا يطلقون سراحه، لولا أن سخر من اهتمام الشرطة بأمر فتاة أجنبية كهذه انتهت مدة إقامتها في البلاد.
كيف عرف عامل المشرحة هذا الأمر؟ هكذا حامت الشكوك حوله مجددًا وشددت الشرطة في استجوابه بلا فائدة، وعادت الأم لتؤكد زيارة ابنتها مجددًا، ليقرر رجال الشرطة تفتيش المشرحة في النهاية ويعثروا على بقايا الضحايا اللاتي أزهق المجرم أرواحهن بدم بارد.
بتفتيش غرفة العامل عثرت الشرطة على أوراق ضحاياه ومنهم ابنة الأم التي أبلغتهم، كما اكتشفوا أن ضحيته الأخيرة كانت زميلته العاملة نفسها، فقد قتلها حين طلبت منه الزواج بها وإلا فضحته.
بيوت مسكونة
تكثر رؤية الأشباح كذلك في البيوت القديمة، والقصور العتيقة، وغرف الفنادق، حتى أن تعبير «بيت مسكون» انتشر في مختلف الثقافات، والتفسير الواضح أن روح الميت تسكن المكان الذي ماتت فيه.
هذه البيوت سمحت بالتقاط الصور فيها للأشباح، صحيح أنها لا تظهر في الصورة إلا أطيافًا غامضة مضيئة، مما يجعلها أقرب للتزييف واللعب، إلا أن بعضها صمد أمام خبراء التصوير وأقروا بأنها حقيقية.
أشهرها صورة شبح «دوروثي والبل» الميتة سنة 1726 المعروفة بـ«السيدة البنية»، فقد التُقطت لها صورة عام 1936 في قصر «راينهام» بإنجلترا بعد تاريخ حافل من مشاهدات شبحها، وما زالت هذه الصورة حتى الآن مثيرة للجدل أكثر من غيرها.
في مصر تنتشر الشائعات حول أماكن كثيرة مسكونة بالأشباح مثل «قصر البارون» بطريق صلاح سالم، خاصة بعد استخدامه كمقر من جماعة تعبد الشيطان سنة 1997، وأقاموا فيه طقوسهم الشاذة مع الموسيقى الصاخبة.
تفسيرات مختلفة
مع الاهتمام الكبير بهذه الظاهرة العجيبة، ظهرت الكثير من التفسيرات لها، وبعضها يخضع للعلم وبعضها الآخر للفلسفة، ومن هذه التفسيرات التي وردت في كتاب «وتحدث العلم»:
خلل الرؤية
وجد علماء كثيرون أن البيوت المسكونة بالأشباح مبنية فوق شبكة مياة تحتك بصخور الجرانيت، مما يولد مجالاً كهرومغناطيسيًا قويًا يؤثر على مخ الإنسان ويتهيأ له ما يراه من هلاوس وأشباح.
هذا التفسير المقنع ينتشر بشدة عند المكذبين لهذه الظاهرة، ولكنه لا يفسر المشاهدات في الأماكن المفتوحة كقصة الراهب «دمتري»، ولا يفسر ظهور الأشباح في أماكن بعيدة عن شبكات المياة تمامًا.
التلفيق وارد
العديد من مشاهدات وصور الأشباح مزيفة، ويلفقها المصورون بألاعيب الضوء للشهرة والمكسب أو جذب الاهتمام، وقد يكون بعضها دون قصد المصور، ومجرد بقعة متسخة على عدسة الكاميرا كفيلة بصناعة شكل مبهم لشبح.
التفسير الديني
يرى بعض المتدينين أن الأشباح ليست سوى أفاعيل الجان المثبتين بالنص القرآني، خاصة نظرية أن لكل إنسان قرين من الجان، وقد يعيش القرين أكثر من الإنسان ليظهر فيما بعد كشبح في البيوت والمناسبات، وزعمهم هنا أن الجان يظهر لمن يؤمن به أو لا يؤمن.