طريق المصريين للثراء السريع في شهر محرم.. أغرب عادات أهل القاهرة مع السنة الهجرية

طريق المصريين للثراء السريع في شهر محرم.. أغرب عادات أهل القاهرة مع السنة الهجرية

ارتبط شهر محرم عند المصريين على مر التاريخ ببعض العادات والتقاليد، بل والأفكار التي قد تندرج تحت مسمى «الخرافات». الرحالة والمؤرخ الإنجليزي إدوارد وليم لين تناول بعضاً منها في كتاب «عادات المصريين المحدثين وتقاليدهم. 1833- 1835» وذلك في سياق رصده لحياة المصريين في القرن الـ19. «شبابيك» يستعرض في هذا التقرير ماذا حدث في محرم.

الميعة وعدم الزواج

ومن عادات مسلمي مصر الشائعة، التصدق بأموالهم خلال شهر محرم بقدر ما تسمح به إمكانياتهم المادية خلال الأيام العشرة الأولى منه، وخاصة في اليوم العاشر منه، كما يقوم الكثيرون منهم بتقديم الزكاة في هذه الفترة.

كان المصريون ينزلون في الأيام العشرة الأولى من شهر محرم في مرتبة مباركة، ويحتفلون بقدومها بكل فرح، ولكنهم يبجلون خاصة اليوم العاشر منها، وتُعرف هذه الأيام بـ«العَشر». وتنتشر بين المصريين خلالها عادة بيع «الميعة (عطر طيب الرائحة) المباركة» التي يستخدمونها كتميمة تقيهم شر العين الحاسدة في السنة التالية، كما أنهم لا يبرمون عقود زواج في هذا الشهر حتى لا يصيبهم النحس.

ومن عادات مسلمي مصر الشائعة، التصدق بأموالهم خلال شهر محرم بقدر ما تسمح به إمكانياتهم المادية خلال الأيام العشرة الأولى منه، وخاصة في اليوم العاشر منه، كما يقوم الكثيرون منهم بتقديم الزكاة في هذه الفترة.

وتحمل نساء القاهرة خلال الأيام العشرة الأولى، وخاصة خلال اليوم العاشر، وحتى صاحبات المقام الرفيع منهن، أطفالهن على أكتافهن عامة، وينطلقن بهم في شوارع العاصمة أو يعهدن بهم إلى امرأة أخرى بهدف استدرار عطف المارين في الشارع فيطلبن زكاة منهم. وتطلب الأم أحياناً أو حاملة الطفل وحتى الطفل نفسه الزكاة مناديات «زكاة العَشر يا سيدي»، وعادة ما يحصل على خمس فضات.

وقد يصرف الولد هذه الفضات وغيرها التي قد يجمعها في شراء الحلويات، ولكن الشائع أن تُخاط هذه القطع إلى طاقية الطفل لتكون بمثابة تعويذة يرتديها حتى حلول شهر محرم في السنة التالية، ويعيد الطفل الكرّة ويجمع ما استطاع من فضات.

السقا والبغل

وكانت تترسخ في أذهان نساء مصر عامة والقاهرة تحديداً بعض الخرافات الغريبة المتعلقة بالأيام العشرة الأولى من محرم، فهن يعتقدن أن الجن يزورون بعض الأشخاص ليلاً طوال هذه الفترة، وأن الجني يتخذ شكل السقّا أو شكل البغل أحياناً، فيُعرف الجني في حالة التقمص الأولى بـ«سقا العشر»، وفي الثانية بـ«بغلة العشر».

ويزعمن أنه عندما يحل الجني في جسد سقا يقرع باب أحد الأشخاص النائمين الذي يسأله: «من الطارق؟» فيجيبه الجني «أنا السقا، أين أفرغ لك الزقّ (وعاء من الجلد)؟» ويدرك النائم الصاحي على الفور هوية زائره لأن السقا لا يحضر ليلاً، فيقول له «أفرغه في جرة الماء» فلما يخرج من غرفته يجد الجرة وقد امتلأت ذهباً.

وكانت تترسخ في أذهان نساء مصر عامة والقاهرة تحديداً بعض الخرافات الغريبة المتعلقة بالأيام العشرة الأولى من محرم، فهن يعتقدن أن الجن يزورون بعض الأشخاص ليلاً طوال هذه الفترة، وأن الجني يتخذ شكل السقّا أو شكل البغل أحياناً، فيُعرف الجني في حالة التقمص الأولى بـ«سقا العشر»، وفي الثانية بـ«بغلة العشر».

وأما الجني في شكل بغل فأكثر لفتاً للنظر، فهو يحمل كيسين كبيرين مملوءين ذهباً ورأس رجل على ظهره، وقد تدلى حبل من رقبته عُلقت فيه أجراس صغيرة، فيهزها عند باب غرفة الشخص الذي يحضر لإغداق الثروة عليه، ويخرج الشخص وينزع رأس الرجل الميت ويفرغ الكيسين وما بهما، ويحشوهما قشاً أو نخالة ويعيدهما إلى مكانهما ويقول للبغل: «اذهب يا مبارك».

وبحسب معتقدات النساء فهذه هي الطرق الشائعة التي يدفع بها الجن الصالحون زكاتهم. وقد يُسمع الكثيرات يتضرعن إلى الله خلال الأيام العشرة الأولى من محرم قائلات: «يا ربي أرسل لي سقّا العُشر» أو «أرسل لي بغلة العشر». وعادة ما يهزأ الرجال عامة من هذه الخرافات.


سوق الصليبة

ويزعم بعض سكان القاهرة أن فريقاً من الجن يتخذون شكل الأشخاص العاديين ويرتدون ملابسهم، وهؤلاء يقيمون سوقاً منتصف الليل خلال الأيام العشرة الأولى من محرم في شارع الصليبة (يصل بين الخليفة والسيدة زينب) أمام الحوض المرصود، وكان هذا الحوض مطموراً تحت درجات مؤدية إلى باب أحد الجوامع، وقام الفرنسيون بنقل هذا الحوض أثناء حملتهم على مصر (موجود اليوم في المتحف البريطاني).

ويُقال أن السوق اختفى منذ نقله، وقليلون هم الأشخاص الذين كانوا مدركين لتقليد الجن هذا، فكل من كان يصادف مروره في الشارع في مكان تجمع الجن ويشتري منهم ما يحتاجه من تمر وفاكهة وحلوى وخبز يجد أن مشترياته انقلبت على الفور ذهباً.

المصدر

  • كتاب «عادات المصريين المحدثين وتقاليدهم. 1833- 1835».إدوارد وليم لين.

محمد أحمد

محمد أحمد

صحفي يكتب في التراث والثقافة الشعبية