طقوس غريبة.. هكذا احتفل المصريون بعيد الأضحى في زمن المماليك
اتسمت احتفالات المصريين بعيد الأضحى في عهد المماليك بطابع خاص، إذ سيطرت عليها بعض أفكار التفاؤل والتشاؤم، ورغم ذلك فقد كان مناسبة احتفالية جمعت كل أطياف المجتمع. الدكتور أحمد عبد الرازق عبد العزيز ذكر التفاصيل في دراسته التي منحها عنوان «احتفالات المصريين بعيدي الفطر والأضحى في مصر عصر سلاطين المماليك».
يوم الجمعة
نظراً لميل المجتمع المصري في تلك الفترة من حكم مصر إلى التفاؤل والتشاؤم، فقد كان أكثر ما يثير قلق المصريين هو أن يأتي العيد في يوم جمعة، حيث كانوا يرون أن ذلك نذيراً بزوال حكم السلطان الجالس على عرش السلطنة.
في شوال 1498 كان عيد الأضحى يوم جمعة وتنبأ الناس بزوال السلطان قانصوه الأشرفي وهذا ما حدث بالفعل.
لكن قليلاً من السلاطين كانوا ضد هذه الاعتقادات التي سادت المجتمع المصري في عصوره الوسيطة، ففي 1444 استهل ذو الحجة يوم الخميس رغم أن الناس رأوا الهلال ليلة الأربعاء بعدة أماكن من الجوامع وغيرها، ولم يخبروا أحدا برؤيته إلا قليلا لخوف اتفاق ذلك العيد يوم الجمعة، وعندما علم السلطان جقمق أنكر ذلك وعنّف من حاول أن يجنب توافق صلاة العيد يوم الجمعة، وأرسل للمحتسب وأمره بالنداء في البلد أن من رأى هلال ذي الحجة ليلة الأربعاء فليؤد شهادته عند القاضي الشافعي، ولما استوفيت الشروط نودي بأن العيد يوم الجمعة فاعتمدوا ذلك وصلوا العيد يوم الجمعة.
وفي عام 1436 شهد جماعة من الناس ليلة الأربعاء برؤية الهلال، فلم يقبل القاضي بشهادتهم وردهم، واستمر الحال إلى أن ضحى جماعة من الناس يوم الجمعة اعتماداً على من رأى الهلال ليلة الأربعاء، وقيل أن القاضي فعل هذا اللغط محاباة للسلطان وخوفا من خطبتين في يوم واحد، ورغم ذلك عيّد جماعة يوم الجمعة وصلوا في بيوتهم العيد، وأفطر آخرون في ذلك اليوم خشية أن يكون هو يوم العيد.
موكب وأضحية
أما موكب عيد الأضحى بالنسبة للسلطة الحاكمة فقد اتخذ شكلاً متميزاً. فكان السلطان يجلس على التخت، وبعد خروجه من الصلاة وبصحبته الأمراء يقبلون الأرض له ويقصدون الإيوان لتذبح الأضاحي.
وكان ينال من الأضحية الكثير من العامة والفقراء والأيتام وجهات البر وكذلك الجوامع والمدارس والزوايا وأهل التُرب، وكان من وظيفة الديوان الخاص بالدولة توفير المبالغ المالية المطلوبة لتفريق الأضاحي للعام والخاص.
وقيل أن الأمير قوصون كان يفرق في كل سنة للأضحية 1000 رأس غنم و300 بقرة فضلاً عن 30 كيس ذهب، ولذا كان مشايخ الفقراء وطوائفهم وأهل الزوايا يحضرون إلى السلطان ويهنئونه بالعيد.
وبعد أن يعود السلطان إلى الإيوان الكبير بعد آداء صلاة العيد يمد سماط حافل من أوله لآخره بأنواع الأطعمة الفاخرة، ويجلس السلطان على رأس السماط وحوله الأمراء على قدر مراتبهم من السلطان، فيأكلون أكلاً خفيفاً ثم يقومون ويجلس من دونهم طائفة وهكذا. ووصلت تكلفة السماط في بعض الأعياد إلى 50 ألف درهم، وهو الأمر الذي جعل الوزير منجك يقوم بإبطال سماط العيدين عام 1349.
وكان من مظاهر الاحتفال بعيد الأضحى الإفراج عن بعض المساجين مثلما حدث في عام 1315، وتكرر الأمر مع بعض الأمراء المسجونين بالإسكندرية بنفيهم إلى الشام عام 1365.
وكان الختان إحدى المظاهر الاحتفالية، حيث كان يتم في ذلك اليوم ختان بعض الأمراء وأبناء الفقراء والأيتام مع ابن السلطان في يوم العيد، بل ويتم صرف كسوة لهم مثل ما حدث أثناء ختان الأمير نجم الدين بن السلطان الظاهر بيبرس عام 1273.