باتمان.. قصة البطل الخارق من رسومات «دافنشي» إلى ثراء هوليود

باتمان.. قصة البطل الخارق من رسومات «دافنشي» إلى ثراء هوليود

إنسان بشري عادي، لكنه بواسطة أجهزة متطورة تحول إلى بطل خارق يتخذ من الوطواط شعارًا له، وجعل من الليل مملكته التي يحارب فيها المجرمين ويحقق العدالة، لهذا يُسمى بالرجل الوطواط أو «باتمان». كيف جاء «باتمان» في ذهن مؤلفه وحاز الشعبية الكبيرة عند الجمهور منذ بداية ظهوره حتى يومنا هذا؟ تعرّف على قصة صعود الرجل الوطواط في هذا التقرير من «شبابيك».

دافنشي والوطواط

رسومات دافنشي (أعلى اليسار) أوحت بالرجل الوطواط وثيابه

يعود ابتكار شخصية «باتمان» إلى الرسام الأمريكي «بوب كين» الذي يعترف في سيرته الذاتية أن الفكرة خطرت له مبكرًا عبر إبداع الفنان الإيطالي الشهير ليوناردو دافنشي.

كان «دافنشي» مخترعًا وفيلسوفًا إلى جانب فنونه الزيتية المبهرة، فلم تقتصر عبقريته على لوحة الموناليزا فقط، بل ترك مخططات ورسومات لاختراعات مهمة ظهرت بعد وفاته بقرون كالمظلة والطائرة المروحية.

ومن حظ المبتكر الصغير «بوب كين» أن تصفح كتابًا يحتوي إبداعات دافنشي في سن 12 عامًا فقط، ليجد رسمة تُسمى Ornithopter وتمثل رجلاً قادرًا على الطيران باستخدام جناحين شبيهين بأجنحة الوطاويط فألهمته بالفكرة.

بين سوبرمان وزورو

أول رسم لباتمان كان شبيهًا بسوبرمان

التحق «بوب كين» بشركة «دي سي كوميكس» كرسام متخصص في رسومات الحيوانات الساخرة، وحين حققت الشركة نجاحًا مبهرًا مع شخصية «سوبرمان»، تذكر «بوب كين» بطله القديم الذي يمكنه أن يجمع بين الأبطال الخارقين وحيوان الوطواط.

أضاف «كين» لبطله عالمًا كاملاً مستوحيًا الأفكار من شخصيات أخرى، ومنها شخصية «زورو» البطل المكسيكي الذي يبدو أمام الناس شابًا عابثًا، لكنه في الليل يدخل كهفه ليرتدي قناعه ويمتطي حصانه ليحارب الحكام الفاسدين.

شخصية زورو ساهمت في ظهور باتمان

اتخذت شخصية «باتمان» نفس النمط ولكن في العصر الحديث، فأصبح المليونير المهمل «بروس ويلز» يمتلك كهفًا خاصًا يحتوي على كل معداته وملابسه التي يستخدمها لتحقيق العدالة، كما أن لديه سيارة خاصة به وطائرة بدلاً من الحصان.

كما وضع المؤلف لـ«باتمان» ماضيًا دراميًا مميزًا، وجعله يتعرض لفقدان والديه أمام عينيه في الثامنة من عمره على يد أحد المجرمين، فقرر تكريس بقية حياته لمكافحة الجريمة، وتعلم الفنون القتالية وبنى كهفه وأجهزته.

النجاح المتوقع

أول ظهور لباتمان سنة 1939

ظهر «باتمان» لأول مرة سنة 1939 بعد «سوبرمان» بعام واحد على صفحات مجلة «ديتيكتف كوميكس Detective Comics» ليحقق النجاح المنتظر الذي دفع الشركة لإصدار مجلة خاصة بالشخصية سنة 1940.

كان «باتمان» في بداية ظهوره عنيفًا للغاية ويستعمل المسدس في القتال، كما ظنه سكان المدينة كائنًا خرافيًا من إنسان وخفاش، لكن القصص التالية للشخصية كانت أقل عنفًا وانضم إليها «روبين» مساعد «باتمان» لجذب القراء الأقل سنًا.

استدعاء باتمان بإشارة ضوئية خاصة

فاز «باتمان» كذلك بثقة رجال الشرطة حتى صاروا يستدعونه عن طريق كشاف عملاق يطبع شعاره على السحب، فيبادر الوطواط بالحضور لحل المشكلة دون إبطاء، فقد صار البطل الرسمي علنًا.

وكان من أهم عوامل نجاح قصص «باتمان» هو البناء الدرامي المحكم، خاصة الأشرار وأشهرهم «الجوكر» الذي يُعتبر نقيض «باتمان» في كل شيء ويسعى دائمًا للشر والإيذاء انتقامًا من العالم حوله، وقد فاز «الجوكر» بالمركز الأول في قائمة أفضل 100 شرير خيالي حسب استفتاء مجلة «ويزارد» للفنون.

اتهام «باتمان» في الشرف

ظهور المرأة الوطواطة كان لتبرئة الوطواط من تهمة الشذوذ!

رغم النجاح الهائل الذي حققته قصص «باتمان» وحل مشاكل العنف بها، ظهر اتهام غريب لم يتوقعه أحد لـ«باتمان» في سنة 1954، عن طريق طبيب نفسي ألماني يُدعى «فريديريك فيرتام» في كتاب أسماه «غواية الأبرياء seduction of the innocent».

اتهم الطبيب النفسي «باتمان» بأنه شاذ جنسيًا، لأن عالمه لا يحتوي على شخصيات نسائية إطلاقًا وإنما على الفتى «روبين» الذي يرافق الوطواط فقط، وهكذا يرى الطبيب أن قصص «باتمان» تحرض على المثلية الجنسية وتغوي الأبرياء.

ولدفع هذه التهمة اضطر «بوب كين» إلى ابتكار شخصيات نسائية مثل المرأة الوطواطة، والمرأة القطة، بل جعل خادم «باتمان» القديم «ألفريد» يختفي لتظهر بدلاً منه عمة «باتمان» وتقيم معه في القصر، واليوم تُباع القصص التي اتهمها الطبيب بأنها لا أخلاقية بملايين الدولارات.

«باتمان» يتزوج فتاة عربية وينجب منها

رأس الغول العربي عدو باتمان

من أشد أعداء «باتمان» شرًا ودهاءً تأتي شخصية «رأس الغول» الإرهابي العربي عالم البيولوجيا، وقد ظهر سنة 1971 بينما تشتعل الحرب بين العرب وإسرائيل، فكان من الغريب ابتكار شخصية شريرة عربية في هذا الوقت الحرج.

يحترم «رأس الغول» خصمه «باتمان» كثيرًا ويحاول ضمه إليه دائمًا، كما أن ابنته «طليعة» تساعده في مخططاته الإرهابية مضطرة، ولهذا يقع «باتمان» نفسه في هواها، فتبادله المشاعر وتنقذه كثيرًا من الموت.

زوجة باتمان العربية طليعة

مع الوقت يتزوج باتمان بالفتاة «طليعة» وينجب منها ابنه الوحيد «داميان واين» الذي ينجرف إلى عالم العصابات والإرهاب على خطى جده «رأس الغول» إلا أن «باتمان» ينقذه ويغير مساره إلى الخير فيصبح «روبين» الجديد الذي يساعد أباه ومن بعدها يصبح الوطواط نفسه.

بطل حقق الثراء لمبتكره

أكثر أفلام باتمان نجاحًا

استمر «باتمان» في حصد النجاح التجاري إلى اليوم، بظهوره في عدة أفلام ناجحة أشهرها «فارس الظلام» الذي حقق ثاني أعلى إيرادات في تاريخ السينما عام 2008.

كان «بوب كين» خليطًا بين مؤلف وتاجر، لهذا اتفق مع شركة «دي سي كوميكس» على كتابة عقد يمنحه حقوقه الكاملة في شخصية «باتمان»، بل أصر على كتابة اسمه تحت كل قصة لبطله، رغم أن صديقه الكاتب «بيل فينجر» شاركه في كل شيء لكنه لم يحصل على نسبته ونسيته كتب النقاد.

بهذه الطريقة أصبح «بوب كين» غنيًا مثل بطله في القصة، ومن المفارقات أن «باتمان» يهدي شقة الزوجية لـ«سوبرمان» في إحدى القصص! وظل هذان البطلان يتصدران عالم الشخصيات الخارقة إلى أن جاء عام 1962 بشخصية الرجل العنكبوت التي استطاعت وحدها منافسة «باتمان» و«سوبرمان» على عرش الكوميكس.

المصدر

  • *شخصيات خيالية.. إيهاب أحمد عمر *أرض الخيال.. ميشيل حنا *عشاق الأدرينالين.. أحمد خالد توفيق، سند راشد، تامر إبراهيم *الوطواط.. أحمد خالد توفيق

محمود حافظ

محمود حافظ

روائي وصحفي، مهتم بالسينما والأدب ومزجهما بالتاريخ والفلسفة