الحرب على ورق الكوميكس.. «طرزان» سلاح هام في صراع العرب وإسرائيل (صور)
حين تسمع كلمة «طرزان» تتذكر على الفور ذلك الرجل الأبيض مفتول العضلات عاري الجسد، خاصة حين يقفز بين الأشجار في الأدغال مطلقًا صيحته العالية ليحارب الأسود ويحكم القرود.
على الرغم من هذه الصورة المعروفة لشخصية قصصية وسينمائية شهيرة، يخبرنا التاريخ أن «طرزان» خرج من الغابة لينحاز في قصصه إلى العرب وإسرائيل معًا!. كيف حدث هذا وما معناه؟
طرزان الإسرائيلي!
مع إعلان دولة إسرائيل في فلسطين المحتلة سنة 1948، سعى الكيان الصهيوني بكل طريقة ممكنة إلى تثبيت حكمه وإثبات حقه في الوطن الجديد الذي يعتبره «أرض الميعاد».
لم يهمل الصهاينة وقتها عن الجانب العسكري والسياسي، وفي نفس الوقت لم يغفلوا عن الجانب الثقافي والشعبي، خاصة أنهم يرغبون في غرس القيم الإسرائيلية في جيل الأطفال الجديد الناشئ في الأرض المحتلة، لهذا فكروا في استغلال شعبية شخصية خيالية مثل «طرزان» يحبها الكبير والصغير.
بالفعل صار «طرزان» جنديًا صهيونيًا في أوائل القصص المطبوعة في إسرائيل عام 1952، وفيها صدرت القصص لطرزان باسمه العبري الجديد «حسبلان» وبدأ مغامراته في سبيل إسرائيل.
شملت هذه المغامرات مساعدة «طرزان» للمهاجرين اليهود على دخول فلسطين أثناء الانتداب البريطاني، كما يسعى في مهمة أخرى إلى فك حصار مصري على قناة السويس ليفتك بعدد من الجنود المصريين، خاصة بعد العدوان الثلاثي عام 1956.
لم يحارب «طرزان» الإسرائيلي العرب فقط، بل واجه النازيين أيضًا، فظهر في رواية أخرى ليحبط مخططًا استعماريًا بين مصر الناصرية وبقايا ألمانيا النازية للسيطرة على إفريقيا، وكأن جرح النازية وهتلر لليهود لم يلتأم بعد.
الرد العربي.. «طرزان» معنا!
كان استغلال إسرائيل لـ«طرزان» غير قانوني بالمرة، لأن حقوق الشخصية تعود لمؤلفها أمريكي الأصل، ولهذا لم يكن من الغريب أن يرد العرب بقصص أخرى غير قانونية للشخصية خاصة أن قصص «طرزان» ترجمت للعربية منذ الثلاثينات.
هكذا ظهرت روايات وقصص أخرى في مصر ولبنان وسوريا عن «طرزان» المساند للقضية العربية والمحارب في صف فلسطين ضد الصهاينة، ولاقت هذه القصص نجاحًا وانتشارًا كبيرًا في الدول العربية.
عرب كوميكس.. هنا تجد أهم القصص المصورة في العالم
طرزان الأصلي.. العنصرية في أوضح صورة
بالعودة إلى أصول شخصية «طرزان» الأصلية، فقد ظهرت سنة 1912 على يد المؤلف الأمريكي «إدجار رايس بوروز» في رواية بعنون «طرزان القردة» ليحكي فيها قصة الرجل الذي ربته القرود وكبر بين الحيوانات ليحكم الأدغال كلها.
هذه الفكرة بحد ذاتها اعتبرها العديد من النقاد مثالاً للعنصرية الصريحة، فكلمة «طرزان» تعني في الأساس «صاحب البشرة البيضاء» بلغة القرود، وكأن المؤلف يعني أن الرجل الأبيض وحده يسيطر على الحيوانات الغبية والقبائل البدائية الهمجية في الغابة.
كان «طرزان» متهمًا بالعنصرية للبشرة البيضاء قبل أن ينحاز للجانب العربي أو الإسرائيلي، لكن بعض النقاد الآخرين يرون في هذه التهمة نوعًا من التحامل، لأن كل القصص الشبيهة بطرزان بطلها رجل أبيض كذلك.
ليس طرزان وحده
لم يكن طرزان أول شخصية خيالية تستخدم لأغراض سياسية وعسكرية، فهناك شخصيات ابتكرها المؤلفون خصيصًا لهذا السبب كما يبدو اسمها مثل «كابتن أمريكا» الذي يشتهر حاليًا في الأفلام الهوليودية كبطل خارق.
في أثناء الحرب العالمية الثانية ومع دخول الولايات المتحدة في المعارك، ظهر «كابتن أمريكا» لأول مرة ليحارب النازية ويشحن قلوب الشعب الأمريكي ضد دول المحور، ويضرب الكابتن هتلر نفسه في إحدى قصصه.
حتى بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وجد «كابتن أمريكا» دورًا في الحرب الباردة مع الاتحاد السوفيتي، وهكذا بدأ الكابتن رحلة جديدة في مواجهة الخطر الشيوعي.
حتى في مصر، ظهرت سلسلة كاملة للناشيئن والشباب بطلها ضابط المخابرات المصري المعروف برجل المستحيل، والتي واجه فيها كافة المخابرات الدولية المعادية وعصابات المافيا، بما فيها الموساد الإسرائيلي ذاته صراحة.
هذه الأعمال تعتبر إشارة مهمة لسلاح الخيال في الحروب إلى جانب الرصاص والقنابل، ويقول الشاعر الفلسطيني «معين بسيسو» في كتابه «أدب القفز بالمظلات» أن على العرب الاهتمام بثقافة طفلهم وزرع القيم فيه بدلاً من الخزعبلات التي تملأ ثقافة هؤلاء الأطفال.