من هو سعد الدين الهلالي، وما علاقته بالنيابة العامة والجمعية الشرعية؟
بلحية خفيفة تزين الوجه القابع خلف نظارة طبيبة، وبطلة رصينة لا تنبئ عن التمرد الكامن داخل أفكاره، يطلق الدكتور سعد الدين الهلالي، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، فتاوي صادمة يعتمد فيها على ما يسميه هو فتوى القلب، في تحديد مصير المسائل العالقة في الذهن، ويرجع السيادة دائما في المسائل الكبرى للشعب أو للناس، ويرى أن مهنة الواعظ أو الشيخ دخيلة على الإسلام.
على طريقة من قال لا في وجه من قالوا نعم، يقف الدكتور سعد الدين مسعد أحمد حسن الهلالي على الضفة الأخرى دائما يفتح النار على نفسه وعلى الآخرين، بآراء فقهية تخالف ما تقوله المؤسسة التي تربى فيها، فما حكاية هذا الفقيه المتمرد؟
المتمرد
الحكاية تكون أصدق إذا تحدث عنها أصحابها، والهلالي يصف نفسه بأنه كان متمردا من النشأة في مدينة المنصورة، حيث ولد لأب يعمل موظفا بهيئة السكك الحديدية، وتعلم منه مقولة «استفتي قلبك» حتى أنه يقول لم أكن أعلم حينما كان يردده والدي أنها من أقوال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان يقول حكم ضميرك لمعرفة الحق من الباطل والخير من الشر.
الهلالي صاحب الفتاوي المثيرة والآراء الدينية المخالفة لما يقوله غيره من أبناء الأزهر، مولود في عام 1954، والتحق بالتعليم العام حتى إتمام الشهادة الابتدائية، ثم ارتحل للأزهر في الإعدادية نولا على رغبة والده، الذي دفع به إلى كتاب الشيخ حسن، محفظ القرآن في منطقتهم، ليتم الحفظ مع المرحلة الابتدائية، وكان العام 1965 أول سنواته بالأزهر.
ترك النيابة العامة من أجل الأزهر
الهلالي يقول عن نفسه في حوار أجرته معه مجلة اليمامة السعودية، في أبريل 2014: «تخرجت في كلية الشريعة والقانون بالقاهرة عام 1978 بمرتبة الشرف، وعينت في النيابة العامة، ثم تركتها بعد 3 أسابيع فقط من العمل بها، بعد أن جاءني تكليف من الجامعة للعمل معيداً بكلية الشريعة والقانون، وأسعدني ذلك فالتحقت بالعمل بهيئة التدريس عام 1979».
عن الاستقالة من النيابة يقول الهلالي: «للأسف استقلت من القضاء، لكن هذا قدر الله، وكنت حينها متأثراً بفكر مشايخ الجمعية الشرعية، الذين قالوا لي إن هذا القانون وضعي، مخالف لما أنزل الله وإني سأقضي بما يخالف شرع الله فاستقلت خاصة بعد أن جاءتني فرصة العمل بالجامعة».
التأثر بالجمعية الشرعية
في البداية تأثر الهلالي بأفكار وعاظ الجمعية الشرعية، صاحبة المرجعية السلفية، إلا أنه سرعان ما تمرد عليهم أيضا، حيث يقول: «للأسف كنت أسمع من خطباء الجمعية الشرعية، الذين كانوا يسيؤن للأزهر الشريف، لخلق صورة ذهنية سلبية عنه في أذهان النشء ويزعمون أنهم على الحق، فيقولون الأزهر يحرف شرع الله، لأنه يدرس المذهب الأشعري، وعلوم البدع، كانوا يحشون عقولنا بالأكاذيب، لكن والدي ذلك المصري البسيط الذي لا يعرف هؤلاء دفعني لإعمال عقلي، فكان يقول أفعل ما يطمئن له قلبك، اجعل من قلبك وضميرك دليلك».
بعد هذه المرحلة بدأ الهلالي يعادي خطباء الجمعية الشرعية في منطقته حتى أنه يحكي: « أذكر أنني كنت أسبق إمام المسجد في الحي وأسرع بصعود المنبر يوم الجمعة بدعوة أنه تأخر، وأخطب الجمعة وأنا سني 14 سنة، وكان لدينا تجربة نحن الشباب، كما كنا نصف أنفسنا ونحن أطفال، فعقدنا حلقات علمية في المسجد، وكنا ندعو علماء كباراً، وهم العلماء الكبار في وجهة نظرنا.. هؤلاء المعممين من خطباء الجمعية الشرعية، ودعونا أحد هؤلاء العلماء لإلقاء محاضرة، وفوجئنا باعتذاره، واكتشفنا في النهاية أنه عامل بأحد مصانع النسيج ولم يتعلم العلوم الشرعية في الأساس».
تطبيق على 16 حالة.. المرأة ترث مثل الرجل وأكثر
من مصر للسعودية والكويت
أعير الهلالي خلال عمله بالتدريس للملكة العربية السعودية والكويت وفي الأخيرة حصل على جائزة مؤسسة الكويت للتقدم العلمي لعام 2003م في أحسن كتاب مؤلف باللغة العربية، وكان بحث عن فقه البصمة الوراثية والتي أجاز فيها الرجوع للأساليب العلمية لمعرفة النسب.
بعد العودة للقاهرة عُين الهلالي رئيساً لقسم الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون بالقاهرة، واختير عضواً بلجنة الخمسين لتعديل دستور 2012 وعضو المجلس القومي للمرأة 2016، وحصل على جوائز الدولة التشجيعية وجائزة النيل عام 2010 والعديد من شهادات التقدير والدروع التذكارية من جامعات الأزهر والكويت والعين بالإمارات، ومن وزارات الشئون الاجتماعية والتربية والأوقاف بمصر والكويت وحصل على الدكتوراه الفخرية عام 2013 من جامعة ليدن الأمريكية، وله العديد من المؤلفات والموسوعات الفقهية التي تتعدى 70 كتاباً بجانب نشره مئات الأبحاث في المجلات العلمية والمؤتمرات.