ما ذكره ابن القيم والغزالي وكتب التراث عن «الجنس في الجنة»
الجنة وفق معتقدنا الديني هي دار النعيم في الآخرة، يدخلها الإنسان بعد الحساب ليعيش مُخلدًا بلا أي نوع من العذاب، وذكرت الآيات القرآنية أشكال النعيم في الجنة مثل الطعام والشراب، وأيضًا لذة الجماع بين الرجل والمرأة.
كيف رأى علماء الدين والتفسير ما عبّرت عنه الآيات في مسألة الجنس والاستمتاع به في الجنة خاصة مع الحور العين؟ هذا التقرير من «شبابيك» يعرض لآراء العلماء الفقهية كما ذكرها أصحابها.
خالد الجندي.. لا «جنس» تقليدي في الجنة
ذكر عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية الشيخ خالد الجندي، في برنامجه «لعلهم يفقهون»، أن الجنة ليس بها الجنس التقليدي بين البشر، لأن جسم الإنسان سيتعرض لتعديل إلهي، ليشعر الإنسان بلذة الجماع بمجرد اللمسة أو النظرة دون مواقعة وتلامس كما يحدث في الدنيا.
جاء تفسير «الجندي» بهذا الشكل نظرًا لأن الجنة لا بول فيها أو غائط بحسب قوله، وبالتالي تنتفي الحاجة إلى الأعضاء التناسلية ويصبح الجماع بين الرجل والمرأة بشكل آخر مختلف عن الدنيا.
أحمد كريمة.. التفاسير واضحة
أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر أحمد كريمة، أشار في حديثه لـ«شبابيك» أن هذه الأسئلة مكانها الطبيعي قاعات الدراسة الأزهرية وفي المراكز البحثية التخصصية، ولا تُطرح للإعلام والعوام مصداقًا للآية الكريمة رقم 36 من سورة الإسراء {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۚ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا}
يضيف «كريمة» بأن بعض الفلاسفة أنكروا الأمور المحسوسة كالبعث والمعاد واللذة الجنسية في الجنة على أنها أمور رمزية، لكن الإمام أبي حامد الغزالي المُلقب بحجة الإسلام رد على هؤلاء في كتابه «تهافت الفلاسفة» وأثبت أن النعيم جسماني محسوس والعذاب كذلك.
الآيات القرآنية تؤكد الحقيقة بشأن النعيم المحسوس كما يرى الدكتور أحمد كريمة، كما ورد في الآيتين رقم 35 و36 من سورة الواقعة {إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً (35) فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا} فهنا إشارة صريحة في كلمة «أَبْكَارًا» للدلالة على النعيم المحسوس، بالإضافة إلى ذكر أخبار الجنة وما فيها من الفاكهة ولحم الطير والأنهار والألبان.
يرى أستاذ الشريعة الإسلامية أن هذه الأسئلة تنشر البلبلة والحيرة بين الناس، بينما توجد أمور أخرى لها الأولوية مثل محاربة الانحدار الأخلاقي في المجتمع.
سالم عبد الجليل.. الجنة متروكة لخيالنا جميعًا
وكيل وزارة الأوقاف السابق، الدكتور سالم عبد الجليل يرى، أننا لا يجب أن نضيق على أنفسنا بشأن الجنة وما فيها من نعيم، فالنص القرآني صريح في قوله تعالى في الآية 54 من سورة الدخان {كَذَٰلِكَ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ}.
الآية هنا وصفت الزواج لكنها لم تصف الكيفية بحسب قول الدكتور سالم، وبالتالي فهي متروكة لخيال كل إنسان أن يتوقع النعيم الذي سيجده في الجنة ولا يقلل من رحمة الله في هذه النقطة، فالله يقول في الحديث القدسي كما رواه البخاري «أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر».
يشير «عبد الجليل» كذلك إلى القول باختلاف كيفية الجنس في الجنة عن الدنيا هو من باب الغيب الذي لم ينزل فيه نص صريح، وهكذا يبقى الوصف على أصله الذي نعرفه، فالآيات تحدثنا بما نعقله.
ابن القيم الجوزية.. المرأة في الجنة تظل بكرًا
الإمام ابن القيم الجوزية، من أشهر علماء المذهب الحنبلي وتلميذ الإمام ابن تيمية، ألّف كتابًا كاملاً في الحب وأحوال أهله باسم «روضة المحبين ونزهة المشتاقين» وتحدث فيه عن جمال الحور العين في الجنة ضمن فصل «في ذكر فضيلة الجمال، وميل النفوس إليه على كل حال».
ذكر ابن القيم أن تفسير الآية 36 من سورة الواقعة {فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا} يعني أن الفتاة البكر أفضل في الجنس من المرأة الثيب (غير العذراء) وأشار إلى نصيحة الرسول محمد (ص) لأحد صحابته أن يتزوج بكرًا، لأنها لم تجرب هذا الأمر من قبل فتحبه معه أكثر.
كما أشار مؤلف الكتب إلى حديث آخر للنبي (ص) قال فيه «أن أهل الجنة كلما وطئ أحدهم امرأة عادت بكرًا كما كانت، فكلما أتاها وجدها بكرًا» في إشارة لمزيد من النعيم بمواقعة المرأة البكر، فهي لا تصبح كأهل الدنيا، تزول بكارتها بعد المرة الأولى.