الشتيمة مفيدة من الناحية النفسية والجسدية.. هكذا يخبرنا العلم

الشتيمة مفيدة من الناحية النفسية والجسدية.. هكذا يخبرنا العلم

يطلق الإنسان من فمه بعض الكلمات النابية وغير اللائقة أحيانًا فيما يُعرف بالشتيمة، لتوجيه رسالة غضب أو استهزاء، ولكن كيف تؤثر هذه الشتائم في نفسية قائلها وجسده كما أثبتت الدراسات والأبحاث.

متى بدأ السب والقذف؟

يستخدم الإنسان الكلمات النابية في التعبير عن نفسه منذ الصغر في أعمار متفاوتة، حيث تقول عالمة النفس الأمريكية «كريستين جاي» إن الطفل في العادة يبدأ في الشتيمة بمجرد بلوغه السادسة من عمره.

أما الأخصائية النفسية سهام حسن فتحكي في كتابها «نفسية طفلك من سنة إلى 18» عن حالة طفل مصري بدأ بالسب في عمر الثالثة فقط، وترى أن السبب الرئيسي يعود إلى ما يسمعه الطفل من والديه ويكرره سواء كان شتيمة أو قول جيد.

الشتيمة مُسكن للألم

في دراسة بحثية بجامعة «كيل» البريطانية، عكف الباحثون على دراسة العلاقة بين الشتيمة والألم الجسدي، فكانت المفاجأة أن الشتائم لها دور في تسكين الألم لفترة قصيرة من الوقت.

مع مراعاة أن هذا التأثير المُسكِن لا يحدث لمن اعتاد الشتم كثيرًا، بل يعمل مع الذين يتجنبون هذه العادة، فتصبح الشتيمة عندهم شيئًا جديدًا له أثر ملموس.

التجربة التي أجراها الباحثون كانت بسيطة، طلبوا من عدة أشخاص وضع أيديهم في دلو ملئ بالماء المُثلج لأطول وقت ممكن واحتمال الألم، فكان المشاركون يطلقون الشتائم لتسكين الألم وينجحون في هذا طالما كانوا لا يعتادون الشتم طيلة الوقت.

التفسير الفسيولوجي للأمر اعتبر أن الشتم نوع من بذل المجهود والانفعال، مما يحرض الجسم على إطلاق هرمون الأدرينالين لخفض هذا الألم والمجهود.

لهذا السبب كان المشاركون الذين يفرطون في الشتائم «60 مرة في اليوم» ضعفاء الاستجابة تجاه إطلاق الهرمون، فهم يشتمون بلا داعي في العادة، أما من يشتم لعدة مرات فقط، فهو أكثر تأثرًا بها.

للتعبير الأفضل عن المشاعر

الشتائم من الناحية النفسية قد تكون مؤشرًا لارتفاع مستوى الذكاء والحضور في الحديث لأنها تجعل صاحبها أكثر تعبيرًا عن مشاعره وأفكاره وفق أستاذ النفس السويدي «نيلس إيك»، كما أن هذه الألفاظ البذيئة تساعد في الحديث عن الأمور الشائكة، فلا يمكن حذفها تمامًا من القاموس.

لكن «إيك» ينصح باستخدام كلمات خفيفة غير قاسية إذا أراد المرء قول كلمة نابية وإلا لكانت الشتائم ضرورية لإظهار الذكاء، حتى لا ينتهي به الأمر إلى إهانة الآخرين أو المبيت في السجن بتهمة السب والقذف.

الشتيمة تساوي الصدق

وجدت دراسة حديثة بجامعة «ماسترخت» الهولندية أن هناك علاقة وثيقة بين الصدق والشتائم، مع التأكيد أن الدراسة وصفت الشتم بالعمل غير الأخلاقي في العموم والمرفوض من الناحية القانونية، طالما أنه يهين الآخرين.

الأدلة التي لاحظتها الدراسة على ارتباط الصدق بالشتيمة، أن المتهمين ظلمًا يطلقون الشتائم أثناء التحقيق معهم أكثر من المتهمين مرتكبي الجرائم نفسها، وشملت الدراسة أيضًا الإطلاع على تحليلات النزاهة الحكومية في 48 ولاية أمريكية، فاتضح أن الولايات الأقل في معدل إطلاق الشتائم كانت أقل في النزاهة الحكومية، على عكس الولايات الأكثر شتيمة.

رغم هذا كله، ربطت الدراسة بين معدلات الشتيمة المرتفعة وارتكاب الجرائم اللا أخلاقية، لأن محتوى الشتم قد يحرّض صاحبه على الأفعال السيئة، والنصيحة التي وجهتها الباحثون في النهاية للجمهور أن يتجنبوا أي إساءة حتى لو جعلتهم الشتائم أكثر صدقًا.

الشتائم لتنفيس الغضب.. والمصريون بلسان طويل

يصف المؤرخ «ابن إياس» شعب مصر بأنه «طويل اللسان» ويفسر عمرو المنشاوي هذا الوصف في كتابه «قاموس الشتائم المصرية» أن المصريين يقاومون ويدافعون بالشتيمة، ليخرجون البخار المكتوم داخلهم حتى لا ينفجرون.

الشتيمة قد تكون سلاح المصريين المعنوي ضد الظلم والغلاء والفُحش وسوء المعاملة، ونظرًا لتعدد المقدسات عند المصريين مثل الأم والدين وغيرها، فقد تعددت الشتائم التي تُهين هذه المقدسات.

محمود حافظ

محمود حافظ

روائي وصحفي، مهتم بالسينما والأدب ومزجهما بالتاريخ والفلسفة