عبد الله.. 4 أعوام من البحث عن خطبة جمعة
قبل 4 سنوات من الآن كان عبد الله مقلد «22 عامًا» يعيش في إحدى محافظات الصعيد، قبل أن ينتقل للقاهرة للالتحاق بالجامعة ليكون أحد سكان شارع الوحدة بمنطقة إمبابة بالجيزة، إلا أن طقوسه الدينية تغيرت بتغير محل إقامته.
قبل انقضاء السنوات الأربع كان عبد الله، الذي يدرس حاليا في السنة الأخيرة لكلية الآداب، يسعى نحو المسجد يوم الجمعة، قبل رفع الآذن بوقت متسع، يجلس فيه يتلو بعض الآيات القرآنية، ويردد بعض الأذكار ثم يأوي إلى أحد الأركان منتظرًا سماع الخطبة، وحضور الصلاة ثم العودة للمنزل.
في الجيزة تغير كل شيء
الأوضاع تغيرت بشكل كامل بعد أقل من شهر في الجيزة، حيث تخلي الشاب العشريني عن غالبية طقوسه الدينية في هذا اليوم، بعدما وجد حالة المساجد في المنطقة لا تشبه ما كان موجودا في محافظته في السابق.
بات عبد الله حاليا لا ينزل من البيت إلا إذا سمع خطيب الجمعة ينهي خطبته الأولى، بحيث يستطيع أن يجلس في المكان بضعة دقائق ومن ثم حضور الصلاة والانصراف بعدها.
«أحيانا كثيرة أقف خارج المسجد منتظرا الإقامة ثم أفترش سجادة الصلاة بجوار المتأخرين مثلي بالشارع، ونؤدي الصلاة سريعا ثم ننصرف»، هكذا يقرر عبدالله ما يفعله أسبوعيا.
ويقول: «الشيخ الذي يلقي خطبة الجمعة في المسجد المجاور للسكن حاليا لا يقدم أي معلومة جديدة، فقط يردد بعض العبارات المحفوظة لدى الجميع ثم يختم الخطبة بدعاء مشابه كل مرة ويدعو الناس للصلاة».
العبارات السابقة يبرر بها عبد الله تأخره عن خطبة الجمعة وتغيير مصار طقوسه الدينية، في هذا اليوم الذي يقدسه المسلمين عموما.
ويكمل الشاب حكايته قائلا: «في بداية سكني بالمنطقة كان يوجد أحد علماء الأزهر يخطب في أحد المساجد الكبرى هنا، وكنت حريص على حضور خطبته كل أسبوع، وكان الأمر جيد جدا بالنسبة لي».
ويضيف: «لكن قبل سنتين تحديدا غادر الإمام هذه المسجد، ومن بعده تولى الأمر شخص غيره، يلتزم بشكل حرفي بالخطبة التي توزعها وزارة الأوقاف على الخطباء أسبوعيا، وبالتالي أصبح الأمر ممل جدا».
وأقرت وزارت الأوقاف في 2016، خطبة جمعة موحدة تلتزم بها كافة المساجد في مصر، ضمن القرارات التي اتخذها وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، في برنامج تجديد الخطاب الديني، الذي دعا إليه الرئيس عبد الفتاح السيسي في الفترة الأولى لرئاسته.
كعب داير بحثا عن خطيب مميز
بعد شعور عبد الله بالضيق من حضور الخطبة بالمسجد المجاور له بدأ في البحث عن مسجد آخر «لفيت على كل المساجد اللي موجودة في المنطقة والشوارع القريبة مني».
ويضيف: «كنت كل مرة أعيد تهيئة نفسي لحضور الصلاة في مسجد جديد طمعا في العودة لطقوسي السابقة، لأن الأمر كان بالنسبة لي أقرب لاحتفال روحاني أقضيه أسبوعيا لكن للأسف لم أجد ما يناسب تطلعاتي».
روتين أسبوعي ممل
كان لعبد الله طقوس أسبوعية على المستوى الديني فكان يخصص هذا اليوم كله للعبادة يستيقظ قبل شروق الشمس ليصلى الصبح، ثم يجلس لقراءة سورة الكهف، وبعد الإفطار ينتظر في المنزل بعض الوقت ليتجه بعدها لصلاة الجمعة.
حاليا لم يعد عبد الله يعبأ بكل هذه الأمور: «الشيخ أصلا كل مرة بيقطع الخطبة الأولى في ربع ساعة، وبعدها 5 دقائق للخطبة الثانية ثم يبدأ في ترديد دعاء خاتمة الخطبة، وللأسف لا يحفظ إلا صيغة واحدة من الدعاء يرددها كل مرة».
في نهاية حديثه لـ«شبابيك» يقول عبد الله إنه يتمنى أن تهتم وزارة الأوقاف والأزهر بأئمة المساجد بحيث لا يصبحوا منفرين للناس من دينهم، وحتى لا يتوه أمثاله الحريصين على أداء طقوسهم الدينية بشكل كامل في رحلة البحث عن خطيب بارع ومميز.