مسرح العرائس يساعد الأطفال في مواجهة السرطان
يهمل كثير من الأطباء المتخصصين في علاج السرطان الجوانب الترفيهية لمرضاهم، وهو ما قد يمتد لبعض الآباء والأمهات، الذين يركزون على خضوع أطفالهم المصابين بالسرطان لكورسات علاجية قائمة على العقاقير، دون الاهتمام بالجانب النفسي، لكن ما يجهله البعض أن الصغار قد يتعرضون لانتكاسات مرضية بسبب ضعف الجانب النفسي والترفيهي في عمليات العلاج.
الباحثة نهلة حمدي المدرس المساعد بقسم الإعلام التربوي في جامعة المنوفية، والمتخصصة في الفنون المسرحية، تشير إلى أن الجانب النفسي في علاج الأطفال المصابون بالكانسر لا يقل أهمية عن العقاقير، وجلسات الكيماوي التي يخضع لها الصغار، بل في غالب الأوقات لن تكون الأدوية فعالة إذا ما أهمل الفريق المعالج الجانب النفسي للطفل.
المسرح يحسن مزاج الأطفال
نهلة التي ناقشت رسالة دكتوراة بعنوان «فاعلية مسرح العرائس في تخفيف الشعور بالوحدة النفسية لدى الاطفال المصابين بالسرطان» في فبراير 2019، تقول لـ«شبابيك» إنها توصلت إلى أن استخدام بعض الأساليب الترفيهية، لاسيما المسرح يساعد بشكل كبير على تحسن مزاج الأطفال المصابين، وربما يدفعهم للشفاء بجانب العقاقير والأدوية التي يخضعون لها.
الأطفال يعانون نقص مهارات وعزلة
تؤكد الباحثة أنها فكرت في دراستها التي حصلت منها على درجة الدكتوراه بتقدير ممتاز بعد زيارات متعددة لمستشفى 57357 المتخصصة في علاج سرطان الأطفال.
في المستشفى اتَّضَحَ أن الأطفال المصابين بالسرطان يعانون من نقص في المهارات الاجتماعية، والعديد من المشكلات النفسية التي تؤدي بهم إلى الشعور بالعزلة والوحدة؛ لأن دخول الطفل للمستشفى وخضوعه للفحوصات الطبية المختلفة، وتلقيه لأنواع متعددة من العلاج، يُعرِّضُهم للمعاناة من مشكلات نفسية واجتماعية وجسمية.
أول المشكلات التي قد يعاني منها مريض السرطان وفقا للباحثة يتمثل في المخاوف المرضية والاكتئاب والانعزال والملل واليأس والوحدة النفسية، وهو ما يؤثر على تقبل الطفل للعلاج.
في هذه الأثناء فكرت نهلة في عمل برنامج ترفيهي، وقياس مدى فاعليته إذا ما طبق على الأطفال المصابين بالسرطان، وبالفعل اختارت مسرح العرائس، ليكون تجربتها الحية على الأطفال المصابين.
نهلة تقول في دراستها إن خطورة مرض السرطان والأمراض المزمنة بالنسبة للأطفال تتعدى غيرهم من المصابين بنفس المرض، لأنها تؤثر على مراحل نمو وتطور الطفل، حيث يتعرض الصغار لانتكاسات وعلاجات كيميائية، إضافة لمظاهر الألم والمشكلات النفسية والاجتماعية التي تنشأ عن المرض.
بعض الأطفال الذي أدرجوا ضمن المبحوثين في الدراسة كانوا يعانون حالات الإعياء البدني الشديد، حتى أن ذلك يمنعهم من ممارسة حياتهم بشكل طبيعي، بالإضافة إلى انفصالهم عن الأسرة ومكوثهم في المستشفى لفترات طويلة نسبياً واحتكاكهم بأشخاص جدد هم الأطباء والممرضات، وهو ما يسبب مشكلات نفسية كبيرة قد تؤثر على مسار العلاج الكيماوي.
بلهجة حاسمة تقول نهلة إن كثير من الدراسات العلاجية أكدت فاعلية برامج الترفيه في التخفيض من المشكلات المترتبة على الإصابة بمرض السرطان، لذا سعت من خلال استخدام مسرح العرائس لقياس نسبة تخفيف الشعور بالوحدة النفسية، التي يعاني منها الأطفال المصابون بالسرطان.
العرائس تضيف للأطفال مهارات جديدة
بحسب الباحثة، عملت الدراسة على زيادة قدرة الأطفال على مواجهة الظروف الصحية والنفسية، من خلال إكسابهم بعض المهارات الاجتماعية والحياتية التي من شأنها أن تساعدهم على تجاوز حدة الأزمة والمعاناة وما يصاحبها من بعض الأعراض النفسية الأخرى.
كان هدف الدراسة منذ البداية استخدام مسرح العرائس كوسيلة مؤثرة وفعَّالة في التخفيف من الشعور بالوحدة النفسية لدى الأطفال المصابين بالسرطان، والذين هم عيِّنة الدراسة، وثبت ذلك بالفعل.
المسرح ضرورة ملحة في العلاج
وتنصح الباحثة في حديثها لشبابيك أهالي الأطفال المصابين أو حتى القائمين على العلاج في المستشفيات بضرورة تصميم وبناء برنامج قائم على مسرح العرائس «عرائس القفاز وعرائس العصا» لتخفيف الشعور بالوحدة لدى الأطفال.
وتشير إلى ضرورة إكساب الاطفال بعض المهارات الاجتماعية التي تمكنهم من تخفيف آلامهم النفسية، إضافة لمساعدتهم على تقبل حقيقة مرضهم والتعامل معه.
وتشير الخبيرة في الإعلام التربوي إلى أن العمل على تحسين الحالة النفسية للأطفال المرضي بالسرطان يقلل فترات علاجهم، وتنصح بضرورة تعلم الأطفال كيفية استخدام خامات البيئة في صنع عرائس من الجوارب القديمة وعلب العصير الفارغة، المعالق الخشب، لأن ذلك سيقلل من نسب شعورهم بالوحدة.
توصلت الدراسة أيضا إلى ضرورة ممارسة الأطفال المصابين بالسرطان لبعض أنشطة المسرح، لأنه له دور كبير في تخفيف آلامهم؛ حيث أظهرت النتائج وجود فروق دالة إحصائيًّا بين متوسطات رتب درجات الأطفال عيِّنة الدراسة قبل وبعد تطبيق البرنامج التدريبي.
وتطالب نهلة في دراستها بضرورة توسيع الخدمة النفسية في مجال الأورام النفسي، على أن تشمل كل الفريق العلاجي بداية من الطبيب، والصيدلي، والممرضة، نهاية بكل من يقدم خدمة للطفل المريض بالسرطان.
سرطان الثدي قد يصيب الرجال أيضا.. وهذه أعراضه
الطب النفسي يؤيد رسالة مسرح العرائس
يؤيد استشاري الطب النفسي، إبراهيم مجدي، ما جاءت به الباحثة نهلة حمدي في رسالتها، قائلا بأن الحالة النفسية ضرورية للمريض خصوصا إن كان طفلا تتأثر بشكل كبير، لافتا إلى أن أي مجهودات لتحسين المزاج النفسي للمريض سيكون لها أثر كبير جدا على حالته الصحية.
ويضيف في تصريحات لـ«شبابيك» أن مريض السرطان يري في عين كل المحيطين به نظرة شفقة، وهي ما تشعره بأن حالته الصحية متدهورة، وأن أيامه معدودة في الدنيا، لذا فإن حالته النفسية تكون سيئة في الغالب.
ويؤكد أن التعامل مع طفل السرطان بأساليب نفسية صحيحة تمكنه من الاستعداد أكثر لمواجهة المرض وبالتالي التعافي أسرغ.