مؤمن أبو هاشم يكتب: أود الهروب
الوحدة صديق سيء في بعض الأحيان، خاصةً عندما تجبرك على اقتحام ذلك المخزن الذي تخبئ بداخله السر وراء تلك الندبات في قلبك، تفتحه على مصراعيه لتبدأ رحلتك بين طيات جملة من الألم الذي كنت تحاول الهروب منه مرات ومرات.
لكن هذه المرة لا مفر، فأنت كالصيد السهل الآن، تبدأ في استعادة كل ذكرى مؤلمة مررت بها، فتحاول الهرب ولكن هذه المرة بطريقة مختلفة، بالبكاء.. تبكي حتي تشغل عقلك عن تلك الذكريات، تبكي لأنك وجدت في البكاء وسيلة مريحة للهرب لا أكثر، تماما كالذي يلقي بنفسه في النهر ليرتوي، هي ليست بالطريقة بالمثلي ولكنها علي الأقل تشوش على قلبك تلك الذكريات التي حاولت نسيانها كثيراً لكنك فشلت في النهاية فاضطررت لإبقائها بداخلك لبعض الوقت.
ولكن دعك من كل هذا ما رأيك في بعض النوم؟ حسنا وبعد صراع طويل مع الوحدة تستطيع النوم و لكن مهلا ليس في الأحلام أيضا، الأحلام عادة ما تكون وسيلة هروب فعاله جدا لصاحبها خاصة اذا كنت من ممارسين الأحلام ولكن هذه المرة يخرج الحلم عن سيطرتك الخاصة يجسد لك كل ما كنت تخشاه ولكن هذه المرة أكثر قسوة من أي مرة مضت.
عقلك الباطن الذي ينسج لك تلك الأحلام بارع جدا في نسج تلك التفاصيل المرعبة التي لا تحبها كثيراً بطريقة قاسية لدرجة أن أعظم مخرجي السينما لا يستطيعون أن ينسجوا مشاهد كهذه، ولكن عقلك يستطيع ذلك بكفاءة عالية، لأنه يملك من تفاصيل تلك الذكريات أدقها ويستطيع أن يميز جيدا أيهما أكثر قسوة ليختارها بعناية فائقة لتشكل ذلك الحلم الذي لا تستطيع أن تميز بينه وبين الواقع، و من ثم بطريقة مفزعة تستيقظ و تكتشف ان كل ذلك ما هو إلا حلم وتلك هي اللحظة الأكثر رعباً في القصة كلها يا صديقي.
عندما تكتشف أنك كنت تحلم وأنك مضطر إلي العودة لهذا الواقع السخيف و تجالس وحدتك مرة أخرى تتبادل معها أطراف الحديث المعتاد حول ذكرياتك ومن ثم تتعجب كيف انك لا تستطيع نسيان تلك الذكريات التي تذكر نفسك بها في اليوم آلاف المرات.