الأطباء المصريين الذين وضعوا حجر الأساس للطب الحديث في مصر

الأطباء المصريين الذين وضعوا حجر الأساس للطب الحديث في مصر


أول أطباء عرفتهم مصر في تاريخها الحديث.. نِتاج بعثات الباشا إلى أوروبا

في إطار سعيه لإقامة دولة حديثة، لم يكتف محمد علي باشا بتأسيس المدارس والمعاهد العلمية بمصر، بل اعتزم أن ينقل إلى مصر معارف أوروبا وخبرة علمائها في مختلف المجالات ومنها الطب، وكان نتيجة ذلك تكوين قاعدة من الأطباء المصريين الذين وضعوا حجر الأساس للطب الحديث في مصر. عبد الرحمن الرافعي استعرض بعضاً من الرعيل الأول لهؤلاء الأطباء في كتابه «عصر محمد علي».

محمد علي البقلي

كان ناظراً لمدرسة الطب، وكبير أطباء وجراحي مستشفى قصر العيني، ومن أنبغ نوابغ البعثات العلمية. وُلد في مركز البقلي زاوية منوف، ودخل مدرسة أبي زعبل التجهيزية، فمكث بها ثلاث سنين، ثم التحق بمدرسة الطب وكان ناظرها الفرنسي كلوت بك، فنبغ وفاق أقرانه.

ولما أتم البقلي دراسة الطب اختاره كلوت بك ضمن البعثة التي أُرسلت لفرنسا للتبحر في العلوم الطبية، فالتحق بمدرسة الطب بباريس، وشهد له جميع أساتذتها بالتفوق على من معه رغم انه كان أصغرهم سناً.

يُذكر عن البقلي أنه كان باراً بأهله، فمرتبه حين ألحق بالبعثة كان مائة وخمسين قرشاً، ترك منه خمسين لوالدته، وأبقى لنفسه المائة.

وعندما عاد إلى مصر سنة 1883، عُين مدرساً للجراحة والتشريح بمدرسة الطب وكبيراً لجراحي المستشفى.

وفي عهد الخديوي إسماعيل عُين ناظراً لمدرسة الطب ورئيساً لمستشفى القصر العيني، ثم رئيساً لأطباء الحملة الحربية التي جردها الخديوي إسماعيل على الحبشة بقيادة السرادار راتب باشا، فأدى خدمات جليلة لجنود الحملة، واستشهد هناك سنة 1876.

ومما يُذكر للبقلي، أنه بذل جهداً كبيراً في مكافحة الكوليرا التي انتابت مصر سنة 1865، وكافأته الحكومة على جهوده بالنيشان المجيدي من الرتبة الثالثة.

كان البقلي محباً للخير، يعطف على الفقراء من المرضى، فلا يطلب منهم أجراً، وله في الطب مؤلفات عديدة منها كتاب في الجراحة الصغرى سماه «غرر النجاح في أعمال الجراح» في جزأين، و«نشر الكلام في جراحة الأقسام»، وفي سنة 1865 أصدر مجلة «اليعسوب» بالاشتراك مع الدكتور أبراهيم دسوقي بك، وهي أول مجلة طبية عربية ظهرت في مصر.

محمد علي والبقلي

إبراهيم النبراوي

تلقى التعليم الأوليّ في كُتاب بلدته في نبروه، ثم تعلق بالبيع والشراء والتجارة، وسافر إلى القاهرة فخسر فيها فدخل الأزهر، واشتغل بطلب العلم إلى أن اختارته الحكومة مع من اختارتهم من الأزهر لإلحاقهم بمدرسة الطب بأبي زعبل، فنبغ فيها وكان من أحد أعضاء البعثة الذين اختارهم الدكتور كلوت بك لإتمام علومهم في فرنسا.

أقام النبرواي بفرنسا 13 سنة، وأتم علومه وعاد للقاهرة سنة 1833، وعين أستاذاً بمدرسة الطب، وذاع صيته واشتهرت كفاءته فاختاره محمد علي طبيباً له، وقربه وأغدق عليه المنح، ونال رتبة أميرالاي، وكان مقصد الأمراء والبيوت الكبيرة في العلاج.

اصطحبه محمد علي في رحلته بأوروبا سنة 1848، واختاره عباس باشا الأول أيضاً طبيباً له بعد ولايته الحكم، واصطحبته والدة عباس باشا في رحلتها إلى الحجاز، ولما رجع من الحج وجد زوجته الفرنسية التي تزوجها أثناء دراسته بأوروبا قد توفيت.

قام النبراوي بترجمة عدد من المؤلفات الطبية من الفرنسية للعربية مثل «الأربطة الجراحية»، و«نبذة في الفلسفة الطبيعية»، و«أصول الطبيعة والتشريح العام» والمؤلفين الأخيرين لكلوت بك. وتوفي سنة 1862.

أحمد حسن الرشيدي

من نوابغ خريجي مدرسة الطب المصرية والبعثات، ومن أركان النهضة الطبية العلمية بتآليفه وتراجمه، وأكثر علماء الطب تأليفاً وترجمة وتعريباً.

نشأ الرشيدي في الأزهر، وانتقل منه إلى مدرسة الطب في أبي زعبل، وأتم العلوم الطبية في فرنسا ضمن أعضاء البعثة الرابعة، وبعد عودته عُين أستاذاً في مدرسة الطب، وأخذ في الترجمة والتأليف بهمة لا تعرف الكلل، وبلغت مؤلفاته تسعة في عهد محمد علي.

وفي عصر عباس الأول ومحمد سعيد باشا ركدت حركة العلم والتأليف، فلما صارت الخديوية إلى الخديوي إسماعيل قربه إليه وحثه على العمل فعاد للتأليف مرة أخرى.

كلوت بك

حسين عوف وإبراهيم دسوقي

كلاهما من تلاميذ البعثة السادسة، وكلاهما أتم دراسة الطب والجراحة بمدرسة قصر العيني، وبلغا رتب يوزباشي ، ثم أرسلا إلى النمسا سنة 1845 للتخصص في الرمد.

ولما عادا إلى مصر أمر محمد علي باشا بإقامتهما في القاهرللانتفاع بعلمهما وعلاجهما لأمراض العيون، فتخرج بعض التلاميذ على يدهما وتخصصوا في الرمد وتم إرسالهم على المدن للقيام بمهام أطباء الرمد.

مصطفى الواطي

من تلاميذ البعثة الخامسة، أتم الطب في مدرسة الطب المصرية، وأرسل إلى باريس وأقام بها سنتين ونصفا للتخصص في طب الأسنان، وعندما عاد إلى مصر ترأس قسم ترجمة الطبيات بفروعها في قلم الترجمة ثم صار وكيلاً لمدرسة الطب.

حسين غانم الرشيدي

من أعضاء البعثة الرابعة. كان من مصححي الكتب الطبية بمدرسة الطب، ثم سافر إلى فرنسا سنة 1832، وأقام فيها 13 سنة، وأتقن علم الصيدلة، وبعد عودته عُين أستاذاً لهذا الفن بمدرسة الطب، ثم عين مديراً لمعمل الصيدلة في عهد محمد علي.

المصدر

  • كتاب «عصر محمد علي». عبدالرحمن الرافعي.

محمد أحمد

محمد أحمد

صحفي يكتب في التراث والثقافة الشعبية