تمثل بحيرة قارون بيئة مائية لأنواع كثيرة من الأسماك والطيور النادرة المحلية والمهاجرة، بل وأحياء برية أيضاً

تمثل بحيرة قارون بيئة مائية لأنواع كثيرة من الأسماك والطيور النادرة المحلية والمهاجرة، بل وأحياء برية أيضاً


بحيرة قارون.. كيف تحولت من بيئة حاضنة للأحياء النادرة إلى طاردة لها؟

تمثل بحيرة قارون بيئة مائية لأنواع كثيرة من الأسماك والطيور النادرة المحلية والمهاجرة، بل وأحياء برية أيضاً، ولكن هذه البيئة تأثرت سلباً بعوامل بشرية أدت إلى تغير ظروفها الطبيعية، فتحولت لبيئة طاردة للأحياء التي كانت تلجأ إليها، ما أثر بطبيعة الحال على وضعها السياحي.

وفي دراستها «منطقة بحيرة قارون.. دراسة في الجيومورفولوجية البيئية» تناولت الدكتورة عزة أحمد عبدالله البحيرة وما أصابها بنوع من التفصيل.

وصف بحيرة قارون

بحيرة قارون طولية الشكل، يبلغ طولها 47 كيلو متر، وأقصى عرض لها 8 كيلو مترات غرب جزيرة القرن، وأقل عرض لها نصف كيلو متر عند امتداد خشم أم الزلط، في حين يبلغ إجمالي طول شواطئها 150 كيلو متراً.

ويتميز الشاطئ الشمالي للبحيرة بالتعرج وذلك بسبب عدم التدخل البشري، بينما أدى هذا التدخل إلى قلة تعرج الشاطئ الجنوبي.

ويبلغ متوسط عمق البحيرة 4 أمتار، ويقل هذا العمق على طول امتداد الشاطئ الجنوبي، ويرجع ذلك إلى عمليات الردم الناتجة عن ما تنقله المصارف إلى البحيرة، إضافة إلى عمليات الردم التي يقوم بها السكان على الشاطئ الجنوبي، ويزيد العمق شمال غرب جزيرة القرن في منطقة البقرة حتى يصل إلى 8 أمتار.

أسماك بحيرة قارون

وتعتبر بحيرة قارون ملاذاً لأنواع كثيرة من الأسماك والطيور النادرة المحلية والمهاجرة، وكذلك لأحياء برية نادرة، وحولها توجد مستنقعات مائية تحتوي على نباتات متنوعة تأتي إليها الطيور المهاجرة، كما توجد الشواطئ الرملية للبحيرة والأماكن الأثرية على السواحل، وتحتوي التكوينات الجيولوجية على حفريات نباتية وحيوانية، وتنتشر بالمنطقة المنشآت السياحية.

وقد تغيرت مساحة البحيرة خلال سنوات القرن العشرين، ففي عام 1926 بلغت مساحتها 220 كيلو متر مربع، وفي عام 1955 تقلصت إلى 213 كيلو متر مربع، وكان ذلك بسبب كمية مياه النيل الواردة للبحيرة، وفي عام 1973 زادت إلى 233 كيلومتر مربع، وذلك بسبب زيادة صرف مياه الصرف الزراعي إلى البحيرة ، وفي عام 1984 زادت إلى 239 كيلو متر مربع، وفي عام 1990 بلغت 234 كيلو متر مربع، وفي عام 2005 وصلت إلى 241 كيلومتر مربع.

مشاكل بحيرة قارون

وأدى التدخل البشري وتحويل البحيرة إلى مصرف تُنقل إليه مياه الصرف  الزراعي عبر المصارف إلى ظهور العديد من المشكلات البيئية في المنطقة، منها زيادة نسبة الملوحة.

فخلال الفترة من عام 1901 إلى عام 2005 ارتفعت نسبة الملوحة من 11.2 جم / لتر إلى 39.5 جم/لتر. لكن يمكن القول أن ارتفاع ملوحة البحيرة بدأ تدريجياً بعد 1931، ومنذ عام 1954 تراوحت النسبة ما بين 31.5جم /لتر إلى 39.5 جم/لتر، ومعنى ذلك أن بحيرة قرون تحولت من بحيرة عذبة إلى بحيرة مالحة تتشابه خصائص مياهها مع مياه البحر.

وترتب على ارتفاع نسبة ملوحة مياه البحيرة تحولها إلى بيئة غير ملائمة لنمو وتكاثر الأسماك، فقد أدى ارتفاع نسبة الملوحة إلى 39جم/لتر عام 1995 إلى انخفاض إنتاج أسماك الجندوفلي والموسى والبلطي والثعابين.

ليس هذا فحسب، فقد تحولت البحيرة إلى بيئة غير ملائمة للسياحة واستقبال الطيور المهاجرة، وتحولت مساحات كبيرة في شمالها إلى سبخات ومسطحات ملحية، ما أدى إلى غلق بعض المنشآت السياحية.

 كذلك أدى ارتفاع نسبة ملوحة المياه الجوفية السطحية في الآبار في الهامش الغربي للبحيرة إلى انخفاض إنتاجية الأراضي الزراعية بسبب ظهور مشكلات تملح التربة.

تلوث فيزيائي وبيولوجي

وترتب على تحويل بحيرة قارون لمصرف تعرض مياهها لتلوث فيزيائي وكيميائي نتج من أملاح النترات والفوسفات التي توجد في المخصبات الزراعية، أو من المعادن الثقيلة مثل الرصاص والنحاس بنسب عالية.

كما تعرضت البحيرة لتلوث بيولوجي ناتج عن إلقاء المخلفات في مياه البحيرة وتحلل المواد العضوية الميتة، بحيث باتت مياه البحيرة غير ملائمة للاستحمام لأنها غير مطابقة للمعايير البكترولوجية.

وترتب على ذلك انبعاث الروائح الكريهة من البحيرة، ووجود أخطار تهدد الإنسان والحيوان والأسماك والتربة الزراعية، وكذلك ظهور مياه البحيرة بمظهر سيء أمام السائحين ما يؤدي إلى الإضرار بالاقتصاد القومي.

وبناء على ذلك انخفض انتاج البحيرة من الأسماك بسبب حرمان مياهها من مياه الفيضان العذبة المحملة بالمخصبات الضرورية لزيادة الإنتاج.

إلى جانب تراكم أملاح الصرف بالبحيرة وارتفاع نسبة الملوحة، وكل ذلك أدى إلى انقراض أنواع من الأسماك وانخفاض الإنتاج السمكي خاصة عند موقع مصبات المصارف.

المصدر

  • دراسة «منطقة بحيرة قارون.. دراسة في الجيومورفولوجية البيئية». الدكتورة عزة أحمد عبدالل.ه

محمد أحمد

محمد أحمد

صحفي يكتب في التراث والثقافة الشعبية