رئيس التحرير أحمد متولي
 قصة حياة الفنان الراحل حسين صدقي

قصة حياة الفنان الراحل حسين صدقي


حسين صدقي.. قصة واعظ السينما المصرية الذي أوصى بحرق أفلامه

في عام 1917، كان حي الحلمية الشعبي بالقاهرة على موعد مع ميلاد حسين صدقي، والذي اقتحم في شبابه عالم السينما والتمثيل، وترك خلال مسيرته الفنية التي زادت عن 25 عامًا 32 فيلمًا، عُدت من علامات السينما المصرية.

وكعادة أقرانه من الفنانين في ذلك الوقت، بدأ حسين صدقي خطواته الفنية من على خشبة المسرح، فالتحق بفرقة جورج أبيض والتي كانت تعد من أبرز الفرق المسرحية آنذاك، ثم تركها وانضم لفرقة عزيز عيد، وذلك عن طريق الفنانة فاطمة رشدي التي أعجبت بموهبته التمثيلية.

ثم التقته المنتجة أمينة محمد، والتي استغلت وساهمته ودفعت به للمشاركة فيلمها «تيتاوونج» عام 1937، والذي لعبت بطولته.

حسين صدقي المثير للجدل

والمثير في حسين صدقي لم تكن الأفلام التي تركها وأثار بعضها جدلًا مثل فيلم «الشيخ حسن»، لكن الأكثر إثارة هي تلك التحولات الحياتية التي مر بها، وانتهت به إلى ترك وصية لأبنائه عند وفاته حثهم فيها على حرق كل الأفلام التي تصل إليها أيديهم.

وقبل تلك التحولات، بدأت تظهر توجهات حسين صدقي الاخلاقية في السينما، فشارك عام 1942 في فيلم «العامل»، والذي دافع فيه عن حقوق العمال، وألحقه بـ«الأبرياء» عام 1944، وتناول فيه قضية الأطفال المشردين.

وفي منتصف الأربعينيات من القرن الماضي جاءت الخطوة الأهم في تاريخه، عندما أنشأ شركة «مصر الحديثة للإنتاج»، والتي ساهمت في صناعة نجوميته، بل وخطّت طريقًا جديدًا للسينما لتتتواكب مع المتغيرات التي أعقبت الحرب العالمية الثانية (1939-1945).

صورة للفنان حسين صدقي 

حسين صدقي والشيخ حسن

وبين 32 فيلمًا شارك فيها الفنان الراحل، يمثل فيلم «الشيخ حسن» علامة فارقة، ليس في مشواره الفني فحسب، ولكن في تاريخ السينما المصرية، نظرًا للجدل الكبير الذي أثاره حينذاك، ما أدى إلى منعه من العرض عام 1951، إلى أن تدخل الرئيس الأسبق جمال عبدالناصر وأمر بإعادة عرضه عام 1954.

ويناقش الفيلم قضية التسامح الديني بين المسلمين والمسيحيين، عبر  قصة الشيخ حسن الأزهري الذي يحب فتاة مسيحية تدعى «لويزا»، ثم يدعوها للإسلام ويتزوجها، فتنجب طفلًا ولكن تموت الأم فجأة، فيأخذ الجد المسيحي الطفل ليعيده إلى والده الشيخ حسن.

ولم يكن «الشيخ حسن» هو الفيلم الوحيد الذي مُنع من العرض، فقد أنتج فيلمًا عن النبي يوسف عليه السلام، ولاقى نفس المصير، لكنه لم يُعرض بعد منعه.

ولم يظهر الجانب الديني في هذين الفيلمين فقط، فقد أنتج من خلال شركته فيلمًا عن «خالد بن الوليد».

حسين صدقي والنزعة الأخلاقية

كانت النزعة الأخلاقية التي تميزت بها أفلام حسين صدقي سببًا في تلقيبه بألقاب عدة، أبرزها «خطيب السينما»، و«أبو السينما النظيفة»، و«واعظ السينما».

لكن ثمة عوامل عديدة ساهمت في تشكيل هذه النزعة التي اتسمت بها أعماله الفنية، أهمها علاقته بوالدته التركية، والتي تولت تربيته على الالتزام الديني الشديد بعد وفاة أبيه وهو في الخامسة من عمره، فنشأ «صدقي» محافظًا على أداء الصلوات في مواعيدها، وحافظًا للقرآن الكريم، وملتزمًا بأخلاقه، لكن ذلك لم يمنع من حبه للفن.

العامل الثاني تمثل في علاقته بشيخ الأزهر الشيخ محمود شلتوت، والذي كان يحثه دائمًا على تقديم رسالته الدينية من خلال السينما، ما دفعه إلى مزج أعماله سواء تلك التي لعب بطولتها أو تلك التي أنتجها بقيم دينية ومُثل أخلاقية.

حسين صدقي وحياته الخاصة

تزوج حسين صدقي بالسيدة سميرة المغربي، وأنجب منها ثمانية أولاد، خمسة ذكور وثلاث فتيات، واتخذت زوجته قررًا بألا يدخل أولادها عالم الفن مهما حدث.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل كثيرًا ما ألحت على زوجها بترك عالم التمثيل، وكان قاب قوسين أو أدنى من تحقيق رغبتها لولا تدخل آخرين أثنوه عن قراره باعتزال الفن، ومؤكدين أنه يقدم رسالة أخلاقية عبر أعماله.

لكن هذا التأثر ظهر قبل وفاته عام 1977، عنما أوصى أبناءه بحرق أفلامه التي تصل أيديهم إليها.

محمد أحمد

محمد أحمد

صحفي يكتب في التراث والثقافة الشعبية