معلومات عن جورجيا وتاريخها
جورجيا.. قصة العرب والمسلمين مع بلاد الكُرج
ارتبط جزء كبير من تاريخ دولة جورجيا في شرق قارة أوروبا بالعرب والمسلمين، والذين أخضعوها لحكمهم فترة طويلة، إلى أن انفلتت عنهم في عصور ضعفهم.
جورجيا.. الموقع والمساحة والمناخ
وفقًا لدراسة أعدتها منظمة الأغذية العالمية «فاو»، تبلغ المساحة الإجمالية لجورجيا 69.700 كيلو مترًا مربعًا، وهي تقع في منطقة القوقاز، يحدها روسيا من الشمال والشمال الشرقي، وأذربيجان من الجنوب الشرقي، وأرمينيا وتركيا من الجنوب، والبحر الأسود من الغرب لمسافة 309 كيلو مترات.
وتقسم البلاد إلى 11 منطقة إدارية، تضم 67 مقاطعة، إضافة إلى العاصمة تبليسي.
ويمكن تقسيم جورجيا التي استقلت عن الاتحاد السوفيتي في أبريل 1991، إلى ثلاث مناطق فيزيوغرافية، وهي الجبال التي تغطي نحو 54% من المساحة الإجمالية، والمرتفعات التي تشغل نحو 33%، والوديان التي تحتل حوالي 13% من الأراضي.
وتشكل جبال القوقاز الحدود الشمالية لجورجيا، وتصل أعلى قممها إلى حوالي 5000 مترًا فوق سطح البحر، ويقع 70% من أراضي البلاد على ارتفاع يقل 1700 مترًا فوق سطح البحر.
وتعتبر زراعة المحاصيل ممكنة في جميع أنحاء البلاد حتى ارتفاع 2000 مترًا، وما بعد هذا المستوى تنتشر المراعي حصرًا.
وتقسم جورجيا إلى منطقتين مناخيتين، الأولى غرب جورجيا، التي يسودها مناخ شبه استوائي رطب مع شتاء معتدل وصيف معتدل الحرارة، والثانية شرق جورجيا الذي يسوده مناخ شبه استوائي جاف، مع شتاء بارد نوعًا ما وصيف حار وجاف.
جورجيا والمسلمون
ويُعرف أهل جورجيا في المصادر العربية بأهل «الكُرج»، ويسمون أنفسهم بـ«كارتفلي»، ويسميهم الروس بـ«غروز»، بينما يسميهم الأتراك بـ«غورج»، وهو تحريف لاسم «الكُرج»، وبعد أن تنصيرهم في القرن الخامس عشر الميلادي عُرف «الكُرج» بـ«الجيورجيين» نسبة إلى القس سانت جورج. حسبما ذكر محمد بن ناصر العبودي في كتابه «بلاد العربية الضائعة. جورجيا».
ويعود «الكُرج» إلى قبائل إيبيرية قديمة كانت تسكن جبال القوقاز، جمعها اتحاد قبائلي انتهى إلى تشكيل شعب «كارتلي» دولته في القرن الرابع قبل الميلادي.
وفتح المسلمون جورجيا في القرن الأول الهجري، وبقي المسلمون حكامًا على جورجيا إلى القرن السادس الهجري، حيث خرجت عن حكم المسلمين، ثم عاد إليها الحكم الإسلامي على أيدي الأتراك إلى أن انضمت إلى روسيا عام 1783، ومع بداية الحكم السوفيتي تأسست جمهورية جورجيا بحدودها الحالية في عام 1922.
وجورجيا هي أولى الدول التي أعلنت استقلالها عند انهيار الاتحاد السوفيتي، وفيها ثلاث مناطق تتمتع بالاستقلال الذاتي، هي أجاريا وعاصمتها باطومي، وأبخازيا وعاصمتها سوخومي، وأوسيتيا الجنوبية وعاصمتها سيخنوالي.
عاصمة جورجيا في المصادر العربية
تعرف العاصمة لجورجية تبليسي في المصادر العربية بـ«تفليس»، وقد فتحها حبيب بن مسلمة في عهد الخليفة عثمان بن عفان صلحًا، حيث عقد صلحًا مع أهلها عام 25هـ، وأرسل إليها الفقيه عبدالرحمن بن جزء ليعلمهم أصول الدين، وسرعان ما دخل كثير من أهلها في الإسلام، وكانت في العهد العباسي مقرًا للإمارة.
وورد اسم بلاد «الكُرج» في الكتب العربية القديمة سواء باسمها المميز، أو بكونها جزءًا من منطقة أرمينيا القديمة، أو منطقة جبال «قبق» أو «القبج» التي تُسمى الآن بالقوقاز، كما ورد اسم عاصمتها «تفليس» في مراجع عربية كثيرة.
وورد اسم «تفليس» أكثر إبان الفتوحات العربية المسلمة في القرن الهجري الأول، ثم في أوقات انفلاتها وخروجها من الحظيرة العربية المسلمة بعد أن كانت داخلها، وذلك في القرن السادس الهجري.
فذكر المؤرخ ابن حوقل في كتابه «صورة الأرض»، أن تفليس أصغر من مدينة «باب الأبواب» (تقع في جمهورية داغستان)، وعليها سوران من طين، ولها ثلاثة أبواب، وهي خصبة حصينة كثيرة الخيرات رخيصة الأسعار، ويزيد رخاؤها على سائر البلدان الراخية والنواحي الرفهة والخصبة، وهي ثغر جليل كثير الأعداء من كل جهة، وبها حمامات ماؤها سخين من غير نار.
وذكر ابن حوقل، أن أهلها قوم فيهم سلامة وقبول للغريب، وميل إلى الطارئ عليهم، وأنس بمن له أدنى فهمٍ وانتساب إلى شيء من الأدب، وهم أهل سنة محضة على المذاهب القديمة، يكّبرون علم الحديث، ويعظمون أهله، ما يشير إلى أنها في ذلك الوقت كانت في حدود العالم الإسلامي.
وكانت مشاغبات الكُرج «الجورجيين» عندما انفلتوا من المسلمين كثيرة، سجلها شعراء العصور الوسطى، مثل الشاعر العربي ابن النبيه الذي عاش آخر القرن السادس وأول القرن السابع، ومدح الملك الأشرف موسى بن العادل في حربه مع «الكُرج».