هل المقاطعة العربية شكلت فارقًا في الحرب الفلسطينية الإسرائيلية ؟ .. إشكاليات حول التحرر من الاحتلال الاقتصادي الغربي

هل المقاطعة العربية شكلت فارقًا في الحرب الفلسطينية الإسرائيلية ؟ .. إشكاليات حول التحرر من الاحتلال الاقتصادي الغربي

إن الحروب في عصرنا الحالي لم تقتصر فقط على الجانب العسكري بل انتقلت إلى ما هو أعلى من ذلك، فأصبح الشق الاقتصادي والتكنولوجي جانب أساسي فيها، الحروب في عصر الألفية الحديثة قد تحسم بدون إطلاق رصاصة واحدة، فقط بالتعاون بين الأفراد والجماعات على المقاطعة الاقتصادية والتحول إلى الصناعات المحلية دون الأجنبية الخاصة بالعدو، فتكون ضربة قاصمة له دون تحريك عسكري واحد في ميدان المعركة، بل ميدان المعركة الحقيقي الآن أصبح داخل كل زقاق من أزقة بيوتنا، في هذا التقرير نركز على مقهوم المقاطعة وكيف شكل فارقًا في الحرب الفلسطينية الإسرائيلية، وهل بالفعل نحن نقوم بالمقاطعة كما ينبغى أن تكون ؟

 

المقاطعة الاقتصادية

في البداية المقاطعة هي الحصار لكن بالمفهوم الاقتصادي، فأنت تحاصر منتجات عدوك فتقطع عنها كل سبل وصول الدعم المادي لها سواء من الأفراد أو الشركات وغير ذلك، فعلى مستوى الأفراد تنشر الوعي بأسماء منتجات المقاطعة لتجنب الشراء منها وعلى مستوى الشركات تمنعها من تقديم التمويل المباشر لعدوك سواء الاستثمارات أو شراء المنتجات هي الأخرى.

إذا فهنا نستطيع القول أن المقاطعة هي من مفهوم القطع، فكما في الجانب العسكري يكون الحصار للقلاع ومناطق تمركز العدو فكذلك يكون حصار اقتصادي لقطع أذرع التمويل الأساسية التي تشتري السلاح والقذائف والدعم للعدو.

 

الحرب الفلسطينية الإسرائيلية

 

إن الحرب التي بدأت أو بالتحديد لفظ "الإبادة الجماعية" وهو الأدق التي بدأت من بعد السابع من أكتوبر من عام 2023م هي الحرب الأشرس والأكبر في النضال من أجل حرية الشعب الفلسطيني أمام العدو الصهيوني الذي يعلنها وبكل بصراحة أنه في هذا الحرب بكل ثقله والدعم الأجنبي له الذي يأتي له من كل صوب وحدب أمام مجوعة صغيرة من المقاومة في مساحة صغيرة لا تتعدى الكيلومترات، الحرب هنا ليست كما يظن البعض حربًا عسكريًا بل حرب اقتصادية أيضًا، سيكون تركيزنا على سلاح المقاطعة في هذه الحرب، حيث برز كسلاح الشعوب الأساسي في مواجهة هذا العدو، فأصبحت رقعة الشطرنج الآن ليست فقط في بقعة غزة بل في كل العالم.

 

ما هي فوائد المقاطعة ؟

 

اتفقنا سابقًا عن أن المقاطعة هي الحصار أو قطع الإمداد المالي عن منتجات العدو، وهذه إن كانت هي الفائدة الوحيدة من المقاطعة فقد كفت ووفت، لكن هناك فوائد أخرى جمه من المقاطعة أصابتها الشعوب ورأتها مرأى العين خلال العام ونصف من الحرب الحالية وهي كالتالي:

  • التيقن أننا كنا في احتلال اقتصادي كبير لم نكن ننتبه له، حيث أكثر من 90% من المنتجات التي تنهش في أسواقنا العربية هي منتجات تابعة لشركات تدعم العدو.
  • أن هناك شركات محلية وطنية كانت مهمشة لم ولن نكن لنعرفها أبدًا.
  • التوجه لدعم المنتجات المحلية حتى وإن كانت دون الجودة التي كانت في المنتج المقاطع، لكن كما نعرف فإن السبب الأساسي وراء ذلك هو عدم دعمنا الأساسي لها وتفضيل المنتجات الأخرى عليهم.
  • النظر إلى فكرة التحرر الاقتصادي وأن نصنع منتجاتنا بأنفسنا فنحن نمتلك الامكانيات ولكن كان ينقصنا الظروف المناسبة وها هي قد حانت.
  • تحويل الكوادر المدربة التي كانت تعمل في شركات المقاطعة إلى الشركات المحلية والاستفادة منها في تطوير منتج محلي.
  • التيقن الكبير أن الشعوب عندما تتحد فإن أثرها يكون عابر للقارات والتأثير الكبير وفق الإحصائيات هو الدليل الدامغ على أن المقاطعة مازالت سلاح فعال في مواجهة العدو الغاشم.
  • المقاطعة خلال الحرب الأخيرة هي الأعم والأكبر عن حملات المقاطعة التي كانت من ذي قبل، حيث التوحد حول قضية واحدة جعل شدة الأثر تطال الشركات الكبرى وتكبدها الخسائر الجمه.
  • أن الشركات الكبرى لا يهمهم إلا كيف يحصلون على المال من جيوبنا، وأن نظرتهم لنا ما هي إلا نظرة دونيه، فهم تحولوا من الاحتلال المباشر العسكري الذي كان الشكل التقليدي القديم إلى الاحتلال الاقتصادي الناعم ونحن كما نحن شعوب العالم الثالث في نظرهم.
  • أن تأثير الفرد كبير حتى إن كان يقاطع منتجًا واحدًا، فالفرد مع الفرد الآخر يصبحان مجموعة والمجموعة مع المجموعة تشكل جمعًا، والتأثير يصبح أكبر.

فوائد كثيرة من المقاطعة لم نكن لنعرفها إلا من خلال المحنة الأخيرة وهو أقل القليل الذي نقدمه لإخواننا في نكبتهم الحالية.

 

هل المقاطعة أمر مستحدث ؟

 

المقاطعة ليست أمر مستحدث فقد حدثت حملات مقاطعة من قبل وكان لها تأثير قوي وتغيير في مجرى التاريخ، نذكر البعض منها:

  • مقاطعة ترام تونس: في تونس الحبيبة وبالتحديد في عام 1912م حيث تعرض طفل تونسي للدهس من ترامواي تابع لشركة فرنسية، كان هذا الحدث هو الشرارة التي زادت من الغضب الشعبي تجاه المحتل الفرنسي حينها، حيث كانت الشركة المالكة تتعامل بشكل عنصري تجاه العمال المحليين من أهل تونس، فبدأت حملة المقاطعة الكبرى بمشاركة عدد من الشخصيات الوطنية كانت خطوة كبيرة في نزع جرثومة الاحتلال من البلاد.

 

 

  • الجملة الشهيرة من مهاتما غاندي "كلوا مما تنتجون، والبسوا مما تصنعون، وقاطعوا بضائع العدو.. احملوا مغازلكم واتبعوني" في حادثة شراء بريطانيا القطن الهندي بسعر بخس وبيعه بعد تصنيعه إلى ملابس بثمن غالي للهنود، فكانت المقاطعة وقتها شعله كبيرة في نعش الاحتلال البريطاني في الهند والذي أدى فيما بعد بجانب عوامل المقاومة إلى طرد بريطانيا من البلاد في عام 1947.

 

  • المقاطعة للمنتجات الإسرائيلية، وهنا الطريق كان طويلًا وكبدت المقاطعة خسائر كثيرة للعدو، فهل تعلم أنه في عام 1955م سنت دولة لبنان قانونًا خاصًا اسمته قانون مقاطعة إسرائيل وكانت حينها أول دولة عربية تسن مثل هذا القانون، ووفق بيانات جامعة الدول العربية فإن نتيجة المقاطعة كبدت الكيان المحتل خسائر وصلت إلى 90 مليار دولار في عام 1999م و46 مليار دولار للشركات العالمية.

 

إشكاليات حول المقاطعة

 

انتشرت بعد الدعوة لحملات المقاطعة بعد طوفان الأقصى جمل هي السم في العسل كما نقول، تتحدث عن أثر المقاطعة السلبي على الاقتصاد المحلي للدول، فهنا البعض تحدث أن "الموظف العربي" سوف يفقد وظيفته مما يعني نسبة بطالة عالية، وعلى الجانب الآخر هنا من قال أن هناك بعض المنتجات لا يمكن الاستغناء عنها، والبعض الآخر اتهم مباشرة من يشجع على المقاطعة بأنه عدو للوطن ويريد الخراب له، دعونا هنا نفند هذه الإشكاليات نقطة نقطة.

 

 

هل للمقاطعة أثر سلبي على قطاع العمل ؟

 

في أول إشكالية سوف نفند نقطة "البطالة" التي تنتج عن المقاطعة للشركات الأجنبية على الأراضي العربية، في البداية عليك أن تعلم أن السوق عرض وطلب، وهناك منافسة محلية طبيعية بين المنتج الأجنبي والمنتج المحلي، وبما أن المعظم تقريبًا تعود على المنتج الأجنبي فأصبح هو الأساس بينما المنتج المحلي هامشي ولكن لم يختفي من السوق بشكل كلي على أمل حدوث أمر يقلب الطاولة رأسًا على عقب وها قد جاءت الفرصة وهي مقاطعة الشركات الأجنبية، هنا دعونا نقف عند نقطة العمالة، العمالة المدربة في الشركات الأجنبية لديها من الخبرة العالية التي تجعل الشركات المحلية تتهافت عليهم لتستفيد من هذه الخبرة في النهوض بالمنتج المحلي وهو ما حدث في جمهورية مصر العربية عندما ارتفعت الأصوات ضد زجاجة الصودا كوكاكولا فجاءت الشركات المحلية مثل سبيرو سباتس لتعلن توظيف الكوادر التي سوف تترك العمل في مصانع شركة كوكاكولا وما شابهها، وبالرغم من أننا لا ندعم المنتجات المضرة للصحة ولأثرها السلبي على وظائف الجسم لكن المقصد من ضرب هذا المثال هو أن العمالة المدربة انتقلت للعمل في الشركات المحلية وهذا يعني أن شائعة "البطالة" ما هي إلا حجة واهية ليس إلا.

 

هل المقاطعة يجب أن تكون 100% ؟

 

هنا نأتي لتفنيد النقطة الثانية حول إشكاليات المقاطعة وهي أن هناك الكثير من المنتجات لا يمكن مقاطعتها حرفيًا، وهناك البعض ممن يحسبون علينا يقولون "ها أنت تنشر من الفيس بوك وهو يدعم الكيان" و"ها أنت تستخدم جوجل وهو يدعم الكيان" وغير ذلك من الجمل التي هدفها الوحيد ضرب المقاطعة سواء عن جهل أو عن عمد، صديقي العزيز، هناك قاعدة تقول "مالا يدرك كله لا يترك كله"، دعونا نتفق في البداية على أن هناك منتجات رفاهية من الواجب مقاطعتها بشكل كلي مثل منتجات الطعام والشراب، فهي منتجات مضرة في الأساس على صحتنا، فنحن بالطبع نعرف الدراسات الكثيرة التي تكلمت مرارًا وتكرارًا عن أثر الكوكاكولا والبيبسي على الصحة والمواد الداخلة فيها تسبب الأمراض الكثيرة، لا أعرف صراحة لماذا هناك الكثير متشبث بها إلى هذا القدر ! فهذه المنتجات من الواجب عليك أن تخرجها من حياتك دون أدنى تفكير، وبالطبع لن ننسى منتجات كينتاكي وماكدونالدز لن أتحدث بالطبع عن طريقة تحضير الطعام فيها بجانب أنها من الوجبات الأساسية التي لها دور في السمنة وأمراض القلب وغيرها.

حسنًا دعنا الآن ننتقل إلى الشق الخاص بمواقع التواصل الاجتماعي، في البداية عليك أن تعرف أن المورد الأساسي لربح هذه المواقع هي الإعلانات، فكلما قمت بالدفع لهذه المواقع كلما زاد ربحها والعكس صحيح، إذا السر في أن تدرك طبيعة ربح هذه المنصات ثم تتجنبه، فعندك على سبيل المثال الفيس بوك، وفق التقارير الرسمية فإن ربح المنصة من الإعلانات بلغ 121.80 مليار دولار في عام 2024، إذا فالمقاطعة هنا ليس أن تترك المنصة وتذهب إلى الصحراء الجرداء لتتواصل مع الناس من خلالها بل أن تمنع دفع أموالك في الإعلانات الممولة فيها، وهنا تكون المقاطعة ذات أثر فعال، وكذلك على باقي المنصات عليك البحث عن المصدر الأساسي لربحها وترى هل تقوم بالمشاركة بأموالك فيه أم لا وتمنعه، فلا تنسى أننا في البداية اتفقنا أن المقاطعة تعني القطع أو الحصار، وأنت هنا تحاصر مصادر ربح عدوك في أحد المنصات الداعمة له.

هنا يجب التنويه كذلك أن تكون ذكيًا في المقاطعة فتبحث عن طرق للمقاطعة فعالة لما تقاطعه من منتجات وليس بأن تستسلم للأمر وتقول في نفسك أن الأمر مستحيل ! تذكر إن المقاطعة هي حرب اقتصادية والمعنويات والتفكير والدهاء هي الأساس فكن في صف إخوانك، بالطبع هناك بعض المنتجات لن نستطيع أن نقاطعها وهذا أمر لا مفر منه مثل المنتجات الطبية خصوصًا للأمراض المزمنة، لكن فكر معي، إذا كانت منتجات المقاطعة 10 منتجات على سبيل المثال، وقمت وقاطعت 7 منتجات منها، هل هذا أفضل أم أن لا تقاطع بشكل نهائي ؟ بالطبع مقاطعة المنتجات التي تقدر عليها سيكون له تأثير قوي من عدم فعل أي أمر لنصرة إخوانك.

 

هل للمقاطعة ضرر على الوطن ؟

 

إن من يتحدث عن أن للمقاطعة أثر سلبي على الأوطان فإنه بكل تأكيد عميل للمحتل الأجنبي، فالهدف الأساسي من المقاطعة هي تحويل القوة الشرائية للمنتج المحلي بدلًا من المنتج الأجنبي، وهنا يحدث ما يسمى التحرر من الاحتلال الاقتصادي للوطن والتشجيع على الصناعات المحلية وكذلك رفع نسب التوظيف والتقليل من البطالة، والنتيجة هي انتعاش الاقتصاد، فهنا المقاطعة هي داعم أساسي وقوي للمنتج الوطني والرفعة من شأنه، فكيف يفكر هؤلاء ممن يقولون أن المقاطعة تضر بالوطن !

 

دور وسائل التواصل الاجتماعي في نشر المقاطعة

 

إن وسائل التواصل الاجتماعي هي أكبر سبب في انتشار حملات المقاطعة في الشرق الأوسط والعالم، حملات التوعية من خلال هذه المنصات وصلت إلى مستويات قياسية، وهنا أتحدث عن حملات فاقت تقريبًا التوعية بالحملات بالسنوات الماضية، حيث تطور التكنولوجيا حاليًا جعل الهاتف في يد كل شخص تقريبًا حتى الأطفال الصغار، وجعلت العالم كله يتعاطف مع القضية الفلسطينية مما أعطى سببًا قويًا لدعم حملات المقاطعة ضد الشركات التي تدعم الكيان المحتل.

فأصبح الطفل يستطيع بكل سهولة وبضغطة زر أن ينشر قائمة منتجات المقاطعة وتصل إلى آلاف المتابعين، لذلك قامت مواقع التواصل بالتحديد فيس بوك وانستغرام التابعتين لشركة ميتا META بتضييق الوصول إلى الحسابات التي تتحدث عن القضية والتي ضد الكيان وإغلاقها ومنع وصول كلمة الحق عليها وبالرغم من ذلك استطاع رواد السوشيال ميديا اختراع آليات للتحايل على الخواريزميات حتى لا تغلق الحسابات وللاستمرار في دعم القضية، لذلك أرى أنه لا حجة لنا أبدًا في عدم المشاركة في حملات التوعية والمقاطعة حتى لو بمنشور واحد على حساباتنا، حتى لو رأى هذا المنشور شخص واحد فقط، ابذل ما عليك من مجهود فمجهود الفرد مع الفرد يصبح كتلة قوية تدعم الحق وأهله.

 

هل أنا مؤهل للمقاطعة ؟

 

إن هذه النقطة هي النقطة الأهم في التقرير، هل أنا بالفعل مؤهل للمقاطعة ؟ هل أنا بالفعل جدير بأن استخدم هذا السلاح لنصرة أخي في فلسطين ؟ سؤال يظهر لك سهلًا لكنه صعب، انتشرت مقولة على مواقع التواصل الاجتماعي تقول "جاء اختبارك في كيس شيبسي وبيبسي" لو تأملت قليلًا في هذه المقولة ستجد بأنه بالرغم من سهولة الاختبار الواقع علينا وهو مقاطعة منتجات ترفيهية أكل وشرب وألعاب وغيرها إلا أنه هناك فئة كبيرة من الناس سقطت في هذا الاختبار، حيث هناك بعض الممثلين في بعض البلدان خرجوا ليضربوا بالمقاطعة عرض الحائط مقابل حفنه من المال وقاموا بالإعلان لمنتجات المقاطعة وهناك مؤسسات أخرى دون التعريض لها قامت بتجديد عقود لشركات المقاطعة لديها، وكأن العار ملازم لتلك الفئة والتخلص منه أمر صعب، أنا هنا لست بغرض الهجوم عليهم أو التشهير بهم فأنا لم اذكر أي أسماء أو صفات بل الفكرة أن المقاطعة لها أهلها فلتكن منهم حتى لا يذكرك التاريخ بالخيانة التي لن تستطيع الهروب منها حتى بعد موتك، فحتى هذه اللحظات هناك أشخاص هلكوا قديمًا في العصور الماضية ومازالت ذكراهم السيئة مستمرة حتى اليوم، لذلك اعقد النية أن تكون هذا الشخص الذي ينصر إخوانه بالمقاطعة، فأنت أهل للثقة.

هنا يأتي في بالك عدة أسئلة اعرفها جيدًا وهي هل المقاطعة الفردية خلال فترة أكثر من عام جاءت بالنتائج المرضية ؟ هل خسرت بالفعل مؤسسات كبرى داعمة للكيان ؟ أم أن الشعارات الرنانة حول المقاطعة هي من ضمن التفريغ الشعبي للاحتقان جراء هذه الأحداث ؟ دعني أجيبك حول ذلك كله.

 

المقاطعة في أرقام

 

العناوين الرئيسية في مختلف الصحف حول حملات المقاطعة هي "المقاطعة تشتد وخسائر الشركات الداعمة لإسرائيل تتفاقم" و"بالأرقام..خسائر الشركات العالمية الداعمة لإسرائيل بسبب حملات المقاطعة نجاح شعبي كبير" و"المقاطعة تكبد ملاك امتيازات العلامات التجارية خسائر فادحة.. وماكدونالدز أبرز الخاسرين" وغيرها، دعونا نتعرف على خسائر الشركات تحت عنوان المقاطعة في أرقام:

  • مجموعة LabelVie والتي تمتلك العلامة التجارية الشهيرة متاجر Carrefour الفرنسية في المغرب اختصرت ضربة المقاطعة القوية لها بقولها "لقد تأثرنا" عبارة مختصرة لكنها تعني الكثير، وجاء تأثر الشركة بشكل كبير في المغرب وفق بيان "صوت المغرب" الذي اعتبر المقاطعة مكسب كبير.

  • الأمر لم يكتفي بالمغرب حيث أعلنت شركة كارفور كذلك خروجها من الأردن وسلطنة عمان وفق التصريحات الرسمية، فسيل الخسائر التي تكبدتها الشركة وصلت لمستويات قياسية جعلتها تعلن خروجها بشكل رسمي منهما وفق التصريح الرسمي من BDS.

 

خسائر شركة ستارباكس

 

أعلنت الشركة تراجع مبيعاتها في سبتمبر الماضي 2024م بقيمة 7% وذلك بالمقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي بسبب حملات المقاطعة، وانخفضت مبيعات الشركة في الولايات المتحدة بقيمة 6% وبقيمة 9% في الأسواق الدولية وبقيمة 14% في الصين، وانخفاض سعر سهم الشركة بمقدار 25% ليسجل 80 سنت، كما أعلنت مجموعة الشايع المالكة لإمتياز ستاربكس في الشرق الأوسط في بيان قولها "نتيجة للظروف التجارية الصعبة المستمرة على مدى الأشهر الستة الماضية، اتخذنا قرارا مؤسفا وصعبا للغاية بخفض عدد الزملاء في مقاهي "ستاربكس" في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا"، وصرحت الشركة أنها تضررت بشكل كبير بسبب الأحداث الجارية وأن نتائجها تأتي دون التوقعات في السوق، وفي بداية حملة المقاطعة خسرت الشركة 11 مليار دولار في قيمتها السوقية.

خسائر ماكدونالدز

 

"خسائر بالكوم" هو التعبير الأدق لما حدث لشركة ماكدونالدز، ومازاد الطين بله كما نقول خروج الشركة في بداية الحرب في غزة بتوزيع وجبات مجانية على جنود الكيان المحتل مما جعلها من الشركات التي تم التركيز عليها بشكل كبير ضمن حملات المقاطعة، وقد جاءت النتيجة مبهرة حيث أعلنت الشركة خسائر كبيرة، ففي تقرير من شبكة BBC في تاريخ 6 فبراير من 2024م تحت عنوان "مبيعات سلسلة ماكدونالدز تتراجع عالمياً بسبب حملات المقاطعة" أوضح أن الشركة فشلت في تحقيق هدف مبيعاتها الرئيسي وانخفضت الأسهم حينها 4% وهذا فقط في بداية الحملة عليها، وفي هذه اللحظة وفق آخر تقرير حول خسائر شركة ماك فقد خسرت أكثر من 50% من المبيعات في عدد من الدول العربية وخسارة 7 مليار دولار بعد ساعات قليلة من اعتراف مديرها المالي بتأثير المقاطعة القوي في منطقة الشرق الأوسط، وفي الفترة الأخيرة هناك تصاعد كبير من الفرنسيين لمقاطعة ماك تحت شعار "حماية الاقتصاد المحلي أولوية، والتبعية لواشنطن لم تعد خياراً مقبولاً" وأنه وفق استطلاع رأي في صحيفة الغارديان بأن  أكثر من 60 في المئة من الفرنسيين يدعمون هذه المقاطعة.

 

حملة المقاطعة على كوكاكولا

 

وفق تقرير 2023م فقد تراجعت أرباح شركة بيبسيكو بنسبة أكثر من 50%، ووفق تقرير لجريدة المال المصرية فإن مبيعات الشركة تراجعت بشكل كبير في عام 2024م مقابل العلامة التجارية المحلية V7 المصرية، وتعد حملة المقاطعة على كوكاكولا شديدة جدًا فهي على قائمة المنتجات في الحملة وتشهد تراجع كبير في مختلف دول العالم حتى في الدول الغربية، حيث وفقًا لـ FOA ( Friends Of Al-Aqsa Peace In Palestine) فإن من أسباب مقاطعة شركة كوكاكولا هي أن الشركة تمتلك مصنعًا في منطقة عطروت، وهي مستوطنة إسرائيلية غير شرعية أُقيمت على أراضٍ فلسطينية مسروقة. يتم تهجير المجتمعات الفلسطينية قسرًا لإفساح المجال لبناء مستوطنات غير قانونية كهذه، وهي مستوطنات تعد غير شرعية بموجب القانون الدولي.

من خلال وجود امتياز إسرائيلي لها في مستوطنة عطروت غير القانونية، تتجاهل كوكاكولا القانون الدولي وتحقق أرباحًا من الاحتلال غير الشرعي، ويوجد حاليًا ما يصل إلى 750,000 مستوطن إسرائيلي يعيشون في أكثر من 250 مستوطنة إسرائيلية غير قانونية في الضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية، وعندما نشرب كوكاكولا فإننا كمستهلكين نغض الطرف عن الاحتلال غير القانوني لفلسطين.

في عام 2022، أعلنت شركة الأغذية الأمريكية "جنرال ميلز" أنها ستسحب استثماراتها من عطروت، نتيجة مباشرة للضغط من قبل جماعات حقوق الإنسان والنشطاء وغيرهم.

 

بالطبع هناك الكثير والكثير من الأرقام حول خسائر شركات المقاطعة حول العالم والتقارير كثيرة وكثيرة تتحدث عن ذلك والواقع يوضح ما هو أكبر من التقارير أيضًا.

 

قائمة شركات المقاطعة

 

نسرد بعض من شركات المقاطعة المشهورة التي يمكنك مقاطعتها وهي على سبيل المثال لا الحصر:

  • في مجال السيارات: Hyundai وMercedes Benz وRentalcars وVolvo.
  • في مجال الملابس: LVMH وZARA وAmerican Eagle وBulgari / Bvlgari وCarrefour وCaterpillar وCeline وChanel وDiesel Frangrances وDior / Christian Dior وDKNY وFendi وFenty Beauty by Rihanna وGiorgio Armani Beauty وGivenchy وKenzo وLoewe وLouis Vuitton وMaison Francis Kurkdjian وMaison Margiela Fragrances وMarc Jacobs وMarks and Spencer / M&S وMugler Beauty وPrada Beauty وRalph Lauren Frangrances وRiver Island وSkims وSTELLA by Stella McCartney وTed Baker وTiffany & Co وTom Ford Beauty وValentino Beauty وVictorias Secret وViktor & Rolf Beauty و Yves Saint Laurent Beauty / YSL Beauty.
  • في مجال القهوة: Coffee Mate وCosta Coffee وLavazza وNescafe وNespresso وStarbucks.
  • في مجال المقاولة: G4S.
  • في مجال المشروبات: Coca-Cola وPepsi وNestle وIce وUnilever وProcter & Gamble وStarbucks وMondelez وSprite و7up وFanta وMountain Dew وTropicana وMirinda وHawai وCiel وCappy Pulpy وArwa وZico وFuze Tea وShani وAquarius وAquafina وGatorade وRockstar Energy وGame Fuel وLipton Iced Tea وLipton وSchweppes وMonster Energy وAcqua Panna وAppletiser وBurger King وDasani Water وDiet Coke وDr Pepper وEden Springs وGlaceau Smartwater وBuxton وInnocent Smoothies وKFC وMcDonalds وOasis وPizza Hut وغيرهم.

وهناك الكثير من المواقع المتخصصة في تحديد منتجات المقاطعة في مختلف المجالات وتقديم البديل المحلي المناسب.

ما هو دوري في المقاطعة ؟

 

نأتي إلى الجزء العملي، فبعدما تعرفنا على مفهوم المقاطعة وإشكاليات حولها وبعض من قليل من أرقام خسائر الشركات الداعمة للكيان وأسماء بعض هذه الشركات في مختلف التخصصات، يأتي دورك الآن، فكما يقول نحن لا نريد أن يكون هذا التقرير تقرير مضيعة للوقت، فإن لم تخرج منه بنصيحة عملية أو هدف لتحقيقه فقد ذهب المجهود المبذول فيه، لذلك ركز معي في هذه النقاط:

  • أنت بكل تأكيد فرد له القدرة على التأثير على المجتمع المحيط به، فلا تقلل من مجهودك حتى لو كان صغيرًا.
  • قاطع أكبر قدر ممكن من المنتجات الداعمة للكيان حتى لو وصل بك الأمر لمقاطعة منتج واحد فقط، فهذا أفضل من عدم المقاطعة من الأساس.
  • شجع من حولك على المقاطعة بالنصيحة وبالكلمة الطيبة.
  • شارك حملات المقاطعة على مواقع التواصل الاجتماعي ليستفيد أكبر قدر ممكن من المتابعين وزيادة الوعي المجتمعي.
  • علم أطفالك مفهوم المقاطعة والهدف منه وتحدث معهم عن القضية الفلسطينية.
  • كن فردًا منتجًا، ففي حال استطعت إنتاج وتصنيع منتج بديل لمنتج مقاطعة فواجبك أن تتحرك الآن لتقديمه للمجتمع حتى لو لم يكن منتج مثالي.
  • تحدث بالفيديوهات حول أثر المقاطعة وخسائر الشركات فهذا يشجع الناس من حولك وأن مجهود المقاطعة بكل تأكيد يثمر بنتائج.
  • إن لم تستطع أن تكون في صف الحق فلا تصفق للباطل، ففي حال لم تستطع المشاركة في المقاطعة - رغم عدم وجود عذر لذلك - فلا تقم بإحباط من حولك ممن يقاطعون أو تثني عزيمتهم فأنت بذلك تخدم العدو.
  • عليك أن تكون فردًا منتجًا وأن تعلم أن المقاطعة هي فرصة للتحرر الاقتصادي من المحتل الأجنبي.
  • ادعم المواقع التي تنشر تفاصيل حول منتجات المقاطعة حتى تصل إلى العديد من الناس.

 

كلمة أخيرة..

في النهاية إن المقاطعة هي واجب لا فرار منه فهو كما نقول أضعف الإيمان، قم بالمقاطعة حتى لو كنت الوحيد على الساحة التي تقوم بذلك فبداية الغيث قطرة يا صديقي، تشجع على الخطوة وادعم منتج بلدك المحلي فهو أولى من المنتج الأجنبي وتحرك وطور مهاراتك حتى تصنع منتج محلي يجعل وطنك حرًا غير مقيد بمنتج من شركة أجنبية يستفيد من السوق لصالحه، بيدك القرار في آخر المطاف.

 

 

المصادر:

 

شبابيك

شبابيك

منصة إعلامية تخاطب شباب وطلاب مصر