شيماء عبدالعال تكتب عن نكبة السوريين: Happy New Year

شيماء عبدالعال تكتب عن نكبة السوريين: Happy New Year

الجميع ينعم بالهدوء، الحياة مستقرة وكل شيء على ما يرام، ثم فجأة تتحول «سوريا» إلى حرب، قصف، سقوط ضحايا، البيوت تُهدم، المدارس تتوقف، الشوارع أغرقتها الدماء.. تشتت، أسر تفرقت، أبناء يُتموا وزوجات ترملوا.. تحول الأخضر المبهج لأسود كئيب، وانقلب الجمال قبحًا، توقفت الحياة.. الهروب هو الحل، لا مفر غيره.. حتى وإن كانت رحلتهم للنجاة تحمل لهم الموت أيضًا.

قوارب مطاطية تتهافت عليها عشرات الأجساد، تتحمل فوق طاقتها كي لا تخور قواها وتسقط في عرض البحر، تحاول أن تكون أكثر رحمة على من فوقها ممن ينتمون اسمًا لفئة البشر.. ينجح بعضها في مهمته بعد أن تتهالك قواه، ويفشل كثيرون في استكمال المسيرة، تُغرف المياة القوارب، تسقط الأجساد في الماء المالح تصارع لالتقاط الأنفاس.. التنفس.. ذلك النشاط الطبيعي الذي لا تنتبه له أبدًا يصبح مُعضلة تنازع بمشقة مضاعفة كي تنجح في اقتناص جرعة أكسجين تبقيك حيًا ولو لدقائق.

برودة الماء تجمد أطرافك، جسدك المنهك من الحرب لا يقوى على محاربة الأمواج العتيّة، لحظات قاسية تصارع الموت، أسوء لحظة قد تعيشها على الإطلاق.. تلك اللحظة التي لا تعرف فيها مصيرك، تخور قوى الجسد وتحتل المياه الرئتين بدلًا من الهواء معلنة نهاية لاجئ آخر لم يُرد سوى الحياة..

في خضم تلك الأحداث، تنتظر أن تنتفض دماء العروبة، أو حتى الانسانية فقط، في عروق العرب، شعوبًا وقادة، ولكن الصمت هو المسيطر، «كل يغني على ليلاه»، كل دولة غارقة في مشكلاتها ولا تحتمل عبئًا إضافيًا.. تستقبل على استحياء بعض اللاجئين، وتقف مكتوفة الأيدي حتى تستيقظ يومًا على جرح كبير.. إيلان..

هل تذكر الطفل إيلان؟ ذلك الذي لفظته أمواج البحر بعد أن مات غرقًا أثناء هروبه مع أسرته؟ حين نُشرت صوره أول مرة في الأيام الأولى من سبتمبر هذا العام 2015، انتفضت الشعوب العربية مطالبة بحل دولي وتدخل عربي لحل الأزمة السورية، بكى الجميع وطالب بحل يجعل إيلان آخر الضحايا.. تصريحات وخُطب منمقة بنهايات مسجوعة، ولكن.. لا أفعال على أرض الواقع، بدلًا من إيلان يموت يوميًا عشرات الأطفال ولا نعلم عنهم شيئًا، مثلما مات أكثر من 70 لاجئا اختناقا في عربة مغلقة بالنمسا يموت يوميًا من هم أكثر، ولا نهتم..

وسط كل هذا «البرود» العربي، تجد نائبة رئيس وزراء السويد تبكي وهي تعلن عدم قدرة بلادها على تنفيذ ما وعدت به من استقبال المزيد من اللاجئين، وتجد ألمانيا، التي استقبلت عشرات الآلاف من اللاجئين، تقرر حظر الاحتفال بالألعاب النارية الكثيفة بالقرب من مخيمات اللاجئين؛ حرصًا عليهم أن يصيبهم الخوف أو الفزع لتشابه صوت القصف والمدافع مع صوت الألعاب النارية.

بدأت الأزمة السورية في فبراير 2011، مضى ما يقارب الـ4 أعوام، في مثل هذا الوقت من كل عام نحتفل، نحن العرب، برأس السنة الجديدة، فيما يظل السوريون في نكبتهم وحدهم، تزداد أحوالهم سوءًا، تزداد غربتهم في أوطانهم، ينتظرون رحيل عام ملئ بالخيبات، في انتظار آخر آملين أن يحمل معه خيرًا؛ ليلم شملهم، ويعيدهم إليهم وطنهم.. سوريا...

كل عام وأنتم بخير.. Happy new year

شيماء عبدالعال

شيماء عبدالعال

صحفية مصرية مهتمة بالكتابة في ملف الأدب والثقافة