رئيس التحرير أحمد متولي
 «شرعية السيسي» تتحول لمناظرة قانونية بين الطلاب

«شرعية السيسي» تتحول لمناظرة قانونية بين الطلاب

ازدحمت صفحات طلاب الدراسات العليا بكلية حقوق القاهرة، على موقع "فيس بوك"، بكثير من التحليلات القانونية حول سؤال «شرعية السيسي» الذي وضعه الدكتور رأفت فودة، في ورقة امتحان دبلومة القانون العام.

سؤال شرعية السيسي

السؤال أثار جدل كبير فى الأوساط الجامعية، ما دفع وزير التعليم العالي، الدكتور أشرف الشيحي، للمطالبة بالتحقيق مع عضو هيئة التدريس "فودة" الذي وضع هذا السؤال فى امتحان طلاب الدراسات العليا.

إجابة الطلاب

استمر الجدل حول السؤال، حيث نشر محمد عصام منّاع، أحد الطلاب الذين خضعوا للامتحان، على صفحته بـ«فيس بوك» إجابته التي دونها في ورقة الامتحان، وجاءت كالتالي:«هذه كانت إجابتي التي ترضي ضميري القانوني وتمثل تجسيدا لما درسته».

واستكمل في تدوينته باقي الإجابة: «جميع السلطات غير شرعية، جاءت وتأسست بموجب بيان مخالف لدستور 2012، ويمثل انقلابا دستوريا من وزير الدفاع الذي نظم الدستور نفسه اختصاصاته، فانقلب على هذه الاختصاصات وضرب بها عرض الحائط، حيث لم يجيء بالدستور إعطاء هذا الاختصاص لوزير الدفاع، ومن ثم فذلك البيان جريمة دستورية، حيث أنه عطل الدستور الذي لا يملك كائنا من كان تعطيله».

وأضاف "مناع": «إذا أردنا إلغاء الدستور يكون ذلك بآليات دستورية وقانونية وليس ببيان، أما القول بأن هناك ظروفا استثنائية، فالرد هنا أن دستور 2012 ينظم تلك الظروف والإجراءات التي تُتخذ فيها، أما الحديث عن ضرورة الإبقاء على الدولة فالدستور المصدر الوحيد الذي لا ينحني ولا ينثني أمام أي شيء».

مناظرة قانونية

فور انتهاء "منّاع" من تدوينته تحولت صفحته على «فيس بوك» لمناظرة قانونية بحتة، شارك فيها زملائه طلاب الدرسات العليا بحقوق القاهرة، للإجابة على السؤال كل حسب ما يمتلك من أسانيد قانونية.

وعلق طارق الشماوي على ما ذكره "مناع" حول شرعية بيان 3 يوليو 2013 وما ترتب عليه من إجراءات، قائلا إن البيان جاء بعد ثوره 30 يونيو، إلا أن "منّاع" رد عليه قائلا: "الثورة لا تسقط الدساتير، هناك آليات لإسقاط الدساتير، فالنفترض أن شخص ما ارتكب جريمة مخالف للدستور يوم 2 يوليو، فكيف سيحاسب؟، لا بد من التفرقة بين 30 يونيو وبيان 3 يوليو، لأن الأولى ثورة والثانية انقلاب دستوري واضح".

"طارق" عقب على تعليق "مناع": يا بني هو كاتبلك – الدكتور – كده، ثورة 30 يونيو وإنها إراده شعب احتمى بمن ساعده على هذه الثورة".

"منّاع" لم يغب أيضا عن التعقيب: يا طارق ما هي مصادر المشروعية يوم 3 يوليو؟ هل يملك أحد تعطيل الدستور، ومثال على ذلك ثورة 25 يناير وبيانات القوات المسلحة حينها، هل اسقطت الثورة الدستور القائم حينها؟".

تعطيل الدستور

«باسم المصلحة العامة تعطل الدساتير».. قال "طارق" قبل أن يضيف «والمصلحة هنا إرادة شعب قام بثورة ووجد من يساعده».

مصطلح «المصلحة العامة» دفع "مناع" للإسهاب في تفسيره، قائلا: من قال إن الشعب يريد تعطيل الدستور، المصلحة العامة تدور في فلك الدستور، وأنا لا أرى مطلقا أي مصلحة عامة في تعطيل الدستور، وكما قُلنا المصلحة العامة تعطل قانونا ولا تعطل دستورا، لا يوجد شيء في العالم اسمه تعطيل الدستور، من يحدد المصلحة العامة؟ هذه الأشياء تؤدي بنا إلى الاستبداد، فباسم المصلحة العامة ضرب بالقوانين والدساتير عرض الحائط".

وكان رد "طارق": من وجهة نظر القائمين على الثورة أن نظام ما قبل بيان 3 يوليو غير شرعي، وأن الدستور لا يلبي مطالبهم ونجحت الثورة وفرضت وجهه النظر وأصبحت قانونا واقعيا، وافتكر يا صديقي نظرية الموظف الفعلي.

منّاع: يا صديقي العزيز كل شخص منا يتواجد في وظيفة لها اختصاصات ولها قانون ينظم تلك الاختصاصات، بينما الدستور هو الذي يحدد وجود السلطات واختصاصاتها، والدستور شمس لا تغيب، فيغيب الدستور بإعلان دستوري يعتبر دستور مؤقت، ولا يغيب بثورة ولا يغيب ببيان.

لم يتوقف "مناع" عند هذا الحد بل ضرب مثلا عمليا وقال: فقط قِسْ البيان على عناصر الدولة القانونية الستة، هل يوجد احترام لفصل السلطات؟ احترام لسيادة القانون؟ احترام للدستور أو احترام لتدرج القواعد القانونية؟، لو أنه بيان خارج إطار الدولة القانونية، فاتمنى منك قراءة دستور 2012 كاملا بنصوصه لترى هل يعالج هذه الظروف أم لا.

في النهاية وجد طارق نفسه يتفق مع نظرية "مناع"، ومن ثم ختم تعليقاته قائلا: اتفق معك يا صديقي.

شرعية بيان 3 يوليو

تدخل الطالب محمد حرز الله، قائلا: "في الحقيقة إن الجزم بوجود إجابة حاسمة لهذا الموضوع المعقد والمتشابك لهو بالخطأ الفادح، ألم ندرس يا صديقي العزيز أنه في حالة طروء أحداث غير عادية، وحدوث ما يُعرف بانشقاق قطبي المشروعية، عندئذ يصبح القانون بمعناه الواسع متضمنا الدستور غير ملائم لمواجهة هذه الظروف؟، بل أن هناك مبدأ يسري على كل الأنظمة القانونية مؤداه وجوب المحافظة على الدولة، فالمشروعية تصبح بلا قيمة دون وجود دولة تحافظ عليها".

عن مصطلح «المصلحة العامة» قال "حرز الله": ألم نتعلم أن المصلحة العامة تبرر الخروج على قواعد الاختصاص فتعطي الحق للمرؤوس أن يباشر ما خوّل للرئيس؟، بل الأكثر من ذلك يستطيع أحد الأفراد العاديين مباشرة إحدى الوظائف العامة؟، ألم ندرس أن باسم المصلحة العامة تعطل الدساتير وتحصل على إجازة تطول أو تقصر؟.

ورد "منّاع" على "حرز الله": من يملك وصف الغير مشروع بالمشروع،  كيف تستند الى المصلحة العامة ونحن لا نستطيع تعريفها؟، هي فكرة مطاطة يستند عليها الشخص في قتل آخر، وثانيا المصلحة العامة تمارس باسمها أشياء ولكنها تبقى دفع غائي ينبع من دوافع نفسية لا نسطيع مراقبتها في غير الظروف ولا نبحثها إلا بعد بحث كافة العناصر الأخرى لذلك الغرض.

وتابع: لا أحد يقدر على أن يحتكر الصالح العام، أنا أقول لك لن أسمح لك بدخول الجامعة لتوخي الصالح العام!! هل أملك ذلك؟، إن كان مارسها باسم المصلحة العامة، فلست مجبرا على تصديقه ولنبحث في مصادر المشروعية لنرى هل يصدق ذلك أم لا، ونبحث مختلف عناصر القرار.

لم يقتنع "حرز الله" واتجه بالحوار القانوني إلى منحى سياسي: إذا فلنلغي اعتبارات المصلحة العامة تماما، ألم تمر الدولة المصرية بخطر محدق إبان هذه الظروف، كادت أن تُذهب الدولة لحرب أهلية كالتي حدثت فى سوريا؟، ألم نكن على شفى حفرة من النار والهلاك؟، ألم يستدعِ الناس القوات المسلحة للمحافظة على الدولة؟.

فيما كان رد "منّاع": لا تذهب إلى ميدان السياسة، أنا أتحدث أن المصلحة العامة نسبية، أنت تراها متوافرة وتتلخص عملها في تعطيل الدستور باسمها، ولكن هل كل فعل يمارس باسم المصلحة العامة ارفع رِقابَتي عنه، أم أقول أن المصلحة العامة لا تتلخص في رأي الوزير أو رأي الدكتور أو رأيي؟، هذه أمور خلافية ندعها جانبا ونفحص مصادر المشروعية، لا يجوز نزع الملكية إلا للصالح العام.

وأراد "منّاع" أن يستشهد على كلامه بطريقة مرحة بعيدة عن النصوص الدستورية والتحليل القانوني، فوجه سؤال لـ"حرز الله": ياصديقي العزيز سأقتلك باسم الصالح العام هل هذا قانوني؟.

فتبادل "حرز الله" مع صديقه المزاح ويتسائل: هل في ذلك ما يفيد الصالح العام؟، فأجاب منّاع: أنا شايف كده :) باسم المصلحة العامة تزهق أرواح الأبرياء، حرزالله: هههههه المهم أنك عاوز تقتلني؟، منّاع ناهيا النقاش الطويل: باسم المصلحة العامة يا صديقي تضحي بنفسك بقى زي ما ضحينا بالدستور.

عبدالله الشافعي

عبدالله الشافعي

صحفي مصري متخصص في الملف الطلابي بموقع شبابيك، حاصل على كلية الإعلام ومتابع لأخبار الأقاليم، مقيم في محافظة الجيزة.