افتح بنموت.. عندما تحول «تيشيرت العمر الأبيض» لكفن (مقال)
بقلم شيماء عبدالعال
«آه يا تيشيرت العمر يا أبيض».. هتافات وأغاني.. تشجيع حماسي طال انتظار اللحظة كي تتحرر حناجرهم وتهتف به.. علم الزمالك يرفرف فوق الرؤوس..
اليوم رائع.. الثامن من فبراير 2015، اليوم الذي ستعود فيه الحياة إلى مدرجات ستاد الدفاع الجوي، سيعود هتاف الزملكاوية ليرجّ الاستاد كما كان دوما..
الإقبال على المباراة كبير.. شباب ورجال.. أسر وعائلات.. اليوم أشبه بالعيد الذي طال انتظاره.. الكل يتأهب للحظات من المتعة المنتظرة.. الفوز بالتأكيد سيكون حليف الفارس الأبيض..
الزحام يزداد ولكن.. جميع الأبواب مغلقة.. وكي تعبر إلى الاستاد عليك المرور من قفص حديدي لا يتسع سوى لشخصين أو ثلاثة على الأكثر..
القفص الحديدي امتلأ عن آخره، لا يمكن تقدير عدد من بداخله.. الضغط يزداد من الخلف فيضطر من بالأمام للتقدم ولكن.. لا مجال..
تتلاحم الأجساد داخل القفص الحديدي.. «افتح بنموت» تخرج من أفواه الجميع مستغيثة.. صارخة.. مملوءة بالرجاء..
يحنّ القفص الحديدي على من بداخله فينهار، يسقط ليتركهم أحرارا لثوان، يلتقطون الأنفاس.. قبل أن يتلوث الهواء بالدخان والغاز المُسيل للدموع..
تتوتر الأجواء أكثر.. الفزع يسيطر على الجميع.. يزداد الهرج.. الكل يحاول الهروب من المصير المحتوم.. وتعود الطبيعة لتفرض قانونها «البقاء للأقوى».. الضعيف يسقط.. والصغير ليس له من مُغيث..
«افتح بنموت» يصرخ بها من سقط.. يُمني النفس بأن تلتقطه أي يد كي ترفعه، أو أن يُفتح له أحد الأبواب ليخرج منه قبل أن يُدهس.. ولا يد تمد.. ولا باب يُفتح..
«افتح بنموت».. تخرج واهنة تدريجيًا.. الصوت يضيع بين الصرخات.. تنازع الرئة كي تقتنص قدرًا من الهواء يُحييها.. وتعجز عن ذلك..
يسقط علم الزمالك أرضا.. تدهسه الأرجل المذعورة فرارا من الموت.. الغاز.. الاختناق.. الدهس.. التدافع.. يسقط ويسقط معه من كان ممسكا به..
تخفت الأنفاس.. تعلن الرئة هزيمتها واستسلامها في حرب الحصول على الأكسجين.. تعود الروح لمن خلقها.. يسكن الجسد وبجواره علم الزمالك.. وبيده تذكرة «التالتة يمين»..
يتحول اللون الأبيض الناصع إلى أسود داكن من الدخان والغبار.. يتحول «تيشيرت العمر الأبيض» إلى كفن.. يضم أجساد توقفت قلوبها التي كانت تنبض بعشق الكيان.. عشق النادي الملكي.. نرشح لك: