صحفيون يؤكدون: «الجرايد بتمص دم الشباب»
يواجه الخريجون صعوبات في بداية حياتهم العملية حتى يحصلوا على فرصة عمل مناسبة، إلا أن هذه الصعوبات تزداد في حالة الخريجين راغبي العمل في مجال الإعلام، وتحديداً الصحافة، سواء كانوا خريجي كليات وأقسام إعلام أو غيرها.
«شبابيك» يرصد في هذا الموضوع المعاناة التي يُلاقيها صحفيون «تحت التدريب» في ظل سوء ظروف العمل، وضعف المكافآت أو غيابها، وصولا إلى تسريحهم من أعمالهم.
استغلال
شعرت فوزية عبيد، خريجة دفعة 2015، أن «الحظ حالفها» بعد أن تمكنت من الحصول على فرصة للعمل في إحدى الصحف الكبرى.
تقول: «أنا روحت على أمل إني ممكن ألاقي فرصة عمل هناك بعد التدريب، أو على الأقل يكون ليه أرشيف باسمي لكن ده محصلش.. أنا كنت مسؤولة عن أخبار التعليم».
وأضافت: «اشتغلت بدون مقابل، لكن المشكلة الأكبر إن اسمي منزلش على الأخبار بتاعتي، غير أول يوم بس، بعد كده الأخبار كانت بتنزل من غير اسم، روحت اشتكيت لرئيس الوحدة، لكن معملش حاجة في الأخر، عشان كده قررت إني اسيب المكان بعد شهرين ونص، زمايلي اللي كملوا لست شهور وسنة كمان، الجريدة هى اللي مشتهم في الأخر».
تستكمل «فوزية عبيد» حديثها قائلة: «روحت بعد كده مع زمايلي لموقع الكتروني وقابلنا مدير التحرير، طلب مننا إننا نجمع تفاصيل عن نفس الخبر من أكتر من موقع، بعدين نكتبه في تقرير واحد، لأنه شايف إن كده هنعمل موضوعات أكتر، لكن احنا رفضنا وقولناله إحنا هننزل الشارع ونعمل تحقيقات، قالنا ماشي ابقوا كلموني، اتصلنا بيه كتير، لكن مردش علينا، ففهمنا إن ده أسلوب زحلقة».
وفضلت مشيرة الصاوي الابتعاد عن مجال الصحافة، بعد «الاستغلال» الذي واجهته، وشرحته بقولها: «اشتغلت لمدة 3 شهور بدون مقابل، بعد كده أخدت مكافأة 300 جنيه، استمريت لمدة سنة، لكن المكافأة مزدتش، مع إني كنت بشتغل 7 ساعات في اليوم وأحياناً أكتر، عشان كده سبت الشغل وبكمل دراسات عليا».
استنفاذ للطاقات
استمر خالد حسين، في العمل بمجال الصحافة دون مقابل مادي لمدة عامين، ووصف ذلك بأنه محاولة من جانب القائمين على المؤسسات الصحفية لاستنفاذ طاقات الشباب دون أي مقابل، مستغلين حلم الخريجين بأن يروا أسمائهم مكتوبة في الصحف، ليستغنوا عنهم بعد فترة ويعيدوا الكرّة مرة أخرى مع مجموعة من الشباب الأخرين.
الدليل الوحيد
ارجع «حسين» رفض بعض الصحف، خاصة الكبرى منها، كتابة أسماء المتدربين على موضوعاتهم إلى عدم رغبتها في الإقرار بأنهم يعملون لديها، لأن ذلك يتيح لهم فرصة اللجوء إلى القضاء والمطالبة بالتعين في الصحيفة، في حالة استغنائها عنهم، وبهذه الطريقة تمحو الصحف الدليل الوحيد الذي يُمكن المتدرب من الحصول على حقه في التعين.
نفس المصير
لاقى أحمد رمضان، خريج دفعة 2012، نفس مصير غيره من الخريجين، فاضطر للعمل تحت التدريب في إحدى الصحف لمدة سبعة أشهر، ويحكي عن تجربته قائلاً: «المؤسسات الصحفية بتمص دم المتدربين من غير أي مقابل ولا ضامن، رغم إن كتابة اسم المتدرب على موضوعاته يعتبر أبسط حق، لكن اسم رئيس القسم أو اسم الصحفي اللي ماسك المصدر كان هو اللي بينزل على شغلي».
ويتابع «قررت أمشي لأن مكنش فيه حاجة بتطور، طول السبع شهور، لا اسمي بينزل ولا فيه مقابل مادي».
وأضاف «رمضان» «روحت جورنال تاني، وأخدت مكافأة 200 جنيه بعد شهرين، واستمريت معاهم لكن المرتبات مزديتش عن 300 و400 جنيه. كنت أنا وزمايلي بنبذل جهد كبير في الشغل، وطلبنا زيادة على المرتب، لكن حصل العكس ونقصنا، لما اعترضنا ورفعنا قضية، صدر قرار بفصلنا من العمل».
سُخرة
يتهم عبدالرحمن صلاح، خريج دفعة 2008، الصحف بالتعامل مع المتدربين والخريجين الجدد بمبدأ «السُخرة»، لكنه اعتبر نفسه محظوظاً بحصوله على مكافأة قدرها 100 جنيه منذ الشهر الأول الذي بدأ فيه العمل كمتدرب في إحدى الصحف، وراتب شهري قدره 600 جنيه، بعد مرور ستة أشهر، وهو الراتب الأعلى في الجريدة التي عمل بها، كما أوضح.
يقول «صلاح» إنه عُين في الجريدة بعد ثلاث سنوات من التدريب، مشيراً إلى أن عدم قدرته على جلب اعلانات للصحيفة هى السبب في تأخير صدور قرار تعيينه، بعد ذلك صدر قرار بفصله من العمل بسبب رأي شخصي على «الفيس بوك».
صفقة
وذكر «صلاح» أن هناك صحف تحاول عقد «صفقة» مع المتدربين، تتمثل في أن يعمل المتدرب بدون أجر، لعدة سنوات، مقابل أن تُتيح له الصحيفة فرصة الحصول على عضوية نقابة الصحفيين، وبالتالي يتمكن من الحصول على البدل الذي تمنحه النقابة لأعضائها، مضيفاً: «في صحف كتير بتعمل كده في الأخر تمشي المتدرب وتقوله ملكش حاجة عندي».
تشريع
طالب «صلاح» بضرورة تدخل النقابة بين المتدربين والمؤسسات الصحفية، لإصدار تشريع يعطي للمتدرب الحق في الحصول على أجر بعد فترة محددة من العمل، لا تزيد عن 3 أشهر، في هذه الحالة فقط سيضمن المتدرب حقه.
المشكلة في النقابة
من جانبه رأى عامر محمود – نائب رئيس تحرير بوابة «فيتو» الإخبارية – أن نقابة الصحفيين هى المسؤولة عن المشاكل التي يعاني منها الصحفيين المتدربين، وليست المؤسسات الصحفية، لأن قانون النقابة ينص على تعيين 15 صحفيا عن كل صحيفة أسبوعية - مثل «فيتو» - فقط كل عام، قائلاً: «عشان كده لازم اختار 2 بس أو 5 بالكتير من المتدربين اللي عندي، هما اللي يكملوا».
وعن مدى إمكانية تعاقد الصحف مع المتدربين، أوضح أنه بخلاف عقد التعيين للقيد في جداول نقابة الصحفيين «نظام التعاقد غير متبع في مجال الصحافة، سواء المحدد بمدة أو غير المحدد».
معايير الاختيار
أما بالنسبة للمعايير التي يتم على أساسها اختيار فريق العمل، أوضح «محمود» أن المعيار الأساسي هو الإبداع والقدرة على العمل تحت ضغط، لأن العمل الصحفي لا يوجد فيه سوى الأجازات السنوية فقط، فلابد أن يعمل الصحفي لمدة 24 ساعة، وهى نفس المعايير التي يتم على أساسها تحديد ما إذا كان من المفترض أن يستمر المتدرب في العمل بالجريدة ويخضع للامتحان التحريري، بعد أن يقضي فترة تدريب لمدة 3 أشهر، أم يتم الاستغناء عنه.