قصة البطاطس.. كيف تحولت لوجبة عالمية؟
البطاطس.. «أكلة» يعشقها الجميع بمختلف أصنافها.. لكن هل فكرت يومًا من أين جاءت هذه الثمرة اللذيذة، وكيف انتشرت حول العالم وأصبحت وجبة عالمية؟
الإجابة ليست أمريكا، وليست إيطاليا بالطبع، فقبل أن تصل البطاطس للولايات المتحدة، مرت برحلة طويلة عمرها مئات السنوات.. تعالوا بنا نتعرف عليها في السطور القادمة، كما رواها موقع «Whats Cooking ِAmerica».
الهنود الحمر والبطاطس المهروسة
كان أول ظهور للبطاطس في أمريكا الجنوبية، حيث اكتشف علماء الآثار بقايا ثمار البطاطس في «بيرو» و«تشيلي» وتعود لإمبراطورية «الإنكا» التي بناها الهنود الحمر منذ 500 عام قبل الميلاد.
زرع الهندد الحمر البطاطس واعتبروها وجبة أساسية ومقدسة أيضًا، فكانوا يدفنون ثمار البطاطس بجانب موتاهم. وكانوا يهرسون البطاطس ويجففونها، ثم يضعونها في صناديق لاستخدامها في أوقات الحرب أو المجاعات.
وغير البطاطس المهروسة كان الهنود الحمر يتناولون البطاطس مع الحساء، وكان يتوسلون بها إلى الله في صلواتهم. ومن إحدى هذه الصلوات:
أيها الخالق، الذي أعطيتنا الحياة وكل الأشياء التي صنعها الإنسان
حتى يعيشوا ويتكاثروا ويزرعوا الثمار في الأرض
مثل البطاطس وغيرها من الأطعمة، فلا يموتوا جوعًا وبؤسًا
من الهنود الحمر لأسبانيا
في القرن السادس عشر بعد الميلاد، وتحديدًا عام 1532، وعندما وصل الغزاة الأسبان إلى بيرو، بحثًا عن الذهب، لفتت البطاطس انتباهم، لأنها كانت ثمرة غريبة عليهم، وأيضًا للاهتمام التي تحظى به من الهنود الحمر.
وفي عام 1556 أخذ المستكشف الإسباني «جونزالو دي كيسادا» ثمار البطاطس إلى أسبانيا، بدلًا من الذهب الذي لم يعثر عليه.
وبدأ الأسبان يدركوا أهمية البطاطس بعد أن وجدوا أن البحارة الذين يتناولونها لا يعانون من أعراض نقص فيتامين «C» وهي الإرهاق الشديد والشحوب وعدم القدرة على الحركة، والحمى وظهور الجروح المفتوحة نتيجة ضعف الشعيرات الدموية، ثم الوفاة.
اقرأ أيضًا⇐«هو ليه الهامبرجر اسمه كدا»
رحلة البطاطس بين دول أوروبا
بعد 32 عام من دخول البطاطس لأسبانيا، بدأت تنتقل تدريجيًا لكل من إيطاليا وإنجلترا وألمانيا وأستراليا وفرنسا. وفي كل مكان تدخله البطاطس لا يكون مرحبًا بها، وتعتبر ثمرة غريبة ومسمومة ولها علاقة بالأرواح الشريرة، وتم ربطها بكل الأمراض التي انتشرت في ذلك الوقت، مثل الزهري والوفاة المبكرة، وحتى تدمير التربة في الأماكن التي تزرع فيها.
في ذلك الوقت، قليلون فقط من أدركوا أهمية البطاطس، مثل المؤلف البريطاني «جون جيرارد» الذي اهتم بزراعتها في حديقة منزله، واهتم بالكتابة عنها أيضًا.
البطاطس في أمريكا
تعرف البطاطس الآن على أنها وجبة أمريكية، لكن الولايات المتحدة لم تكن الموطن الأصلي للبطاطس، وكذلك لم تعترف بها من المرة الأولى!
فقبل القرن الثامن عشر الميلادي، كانت البطاطس قد دخلت للولايات المتحدة عدة مرات، لكنها كانت تزرع على نطاق محدود. وكانت تعتبر طعامًا للحيوانات أكثر منه للبشر.
وإذا كانت الولايات المتحدة هي أول من توسع في زراعة البطاطس، فلم يحدث ذلك على أيدي الأمريكين أنفسهم، بل فعلها المهاجرون الآيرلانديون، الذين كانوا يعتمدون على البطاطس بشكل أساسي في نظامهم الغذائي.
البطاطاس تنقذ من المجاعات
لأن البطاطس تحتوي على كمية كبيرة جدا من النشويات، وبالتالي كمية كبيرة من الطاقة، فكانت الغذاء الذي أنقذ الكثير من الناس في المجاعات.
ففي فرنسا عام 1771 تم تكريم الكيميائي والعسكري «أنطوان أوجستين بارمنتير» لاكتشاف طعامًا يحد من تأثير المجاعات، وهو البطاطس؛ بعد دراسة لفحص المركبات الكيميائية للبطاطس. وقد لجأ «بارمنتير» لهذه الدراسة ليكتشف كيف استطاع أن يعيش على نظام غذائي مكون من البطاطس فقط، في المرات الخمسة التي تم سجنه فيها، خلال الحرب بين فرنسا وبروسيا.
وفي القرن التاسع عشر تعرضت آيرلاندا لمجاعة شديدة، بسبب مرض أصاب محصول البطاطس كله. وقد توفي على الأقل مليون شخص في هذه المجاعة. والتي تسببت أيضًا في هجرة ملايين المواطنين الآيرلانديين إلى الولايات المتحدة وأستراليا؛ حتى إن تعداد السكان قد انخفض من 9 ملايين شخص إلى 4 ملايين فقط.
انتشار البطاطس
بعد المجاعة الكبرى في آيرلاندا، بدأت أمريكا في التوسع في رزاعة نوع جديد من البطاطس لا تصيبه الأمراض، بعد أن توقفت زراعة البطاطس الآيرلاندية.
وفي الجانب الآخر من العالم، وتحديدا في بريطانيا بعد اندلاع الحرب العالمية الثانية، تم تقنين معظم المأكولات وتحديد الكمية التي تحصل عليها كل أسرة، باستثناء البطاطس والجزر؛ وأيضا تم إدخال البطاطس ضمن الشخصيات الكرتونية كجزء من تحبيب الأطفال فيها وتشجيعهم على تناولها؛ وفقًا لموقع «Cook it».