حديث أول ليلة من رجب.. ماذا جاء في السنة النبوية؟
يسعى الحريصون على اتباع السنة النبوية إلى استجلاء ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم بخصوص ليلة الأول من رجب، في ظل ركام من الروايات الضعيفة التي غيبت الهدي الأصيل لصالح مرويات لا تصمد أمام موازين الجرح والتعديل.
حقيقة الأحاديث عن أول ليلة في شهر رجب
تكشف عملية التدقيق التي أجراها علماء الحديث أن السنة النبوية القولية «الصحيحة» خلت من أي نص يخص ليلة أول رجب بفضل محدد أو أجر معلوم.
وتوضح المراجع العلمية أن الأحاديث المشهورة، مثل «رجب شهر الله»، و«فضل رجب على سائر الشهور»، هي أحاديث وصفها ابن حجر في كتابه «تبيين العجب» بأنها إما ضعيفة جدا أو موضوعة.
بدع شهر رجب.. هذه الأمور ابتعد عنها تماما
ويضاف إلى ذلك، أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يثبت عنه أنه خص هذه الليلة بخطبة أو عبادة معينة تميزها عن بقية ليالي الأشهر الحرم.
وتشير الدراسات أن الثابت في السنة بخصوص رجب هو «الإطار العام»؛ أي كونه شهرا حراما يحرم فيه القتال وتعظم فيه الحرمات.
ويبرز هنا الحديث الصحيح الوحيد المرتبط ببداية الشهور، وهو دعاء رؤية الهلال، الذي يقال في أول رجب كما يقال في غيره.
وتوضح هذه الحقيقة أن الشارع أراد للمسلم أن يعظم الزمان كله دون حصر الفضل في دقائق معدودة قد تؤدي إلى الاتكال وترك العمل في بقية أيام الشهر.
وتتجلى الحكمة من عدم ورود نصوص خاصة بليلة أول رجب في حماية «فردية العبادة» وفتح باب الإخلاص، فلو ورد نص قطعي، لتحولت الليلة إلى طقس جماعي قد يخرج بها عن مقصودها الروحي.
وتؤكد المصادر الفقهية أن غياب النص لا يعني عدم الفضل، بل يعني أن الفضل ينال بالاجتهاد المطلق لا بالتوقيف المقيد.
ويشرح العلماء أن السنة النبوية العملية كانت تركز في رجب على زيادة الصيام والعمل الصالح دون ضجيج، وهو ما يعكس جوهر العبادة في الأشهر الحرم.
فضل أول ليلة في رجب.. اعرف الصح بالدليل
وتخلص آراء العلماء إلى أن ما جاء في السنة النبوية بخصوص أول ليلة من رجب هو «الصمت التشريعي» بخصوص التفاصيل، مع «البيان القرآني» بخصوص عظمة الزمان.
وبناء عليه، فإن السنة الحقيقية هي اتباع النبي في تعظيم ما عظم الله، والاشتغال بالنافع من القول والعمل، وتجنب نسبة أي كلام مكذوب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، حمايةً لجناب الشريعة من التزييف والزيادة.