حكم الدعاء في أول ليلة من رجب.. أقوال العلماء المعتبرة

يستقطب حكم الدعاء في ليلة الأول من رجب اهتمام الأوساط الدينية، حيث يسعى المسلمون لفهم الموقف الشرعي الدقيق من تخصيص هذه الليلة بالابتهال، في ظل تباين الرؤى بين الاستحباب والتبديع.

ما حكم الدعاء في أول ليلة في شهر رجب؟

تنبثق مشروعية الدعاء في ليلة أول رجب من القاعدة الأصولية التي تعتبر الدعاء «عبادة مطلقة» لا تتقيد بزمان ما لم يرد نهي.

وتوضح التقارير الفقهية أن المذاهب الأربعة تعاملت مع هذه المسألة بمرونة عالية؛ فالشافعية هم الأكثر تصريحا باستحباب الدعاء في هذه الليلة بخصوصها، معتبرين إياها من مفاتيح الخير.

ويستندون في ذلك إلى قول الإمام الشافعي الشهير بـ «بلغنا أن الدعاء يستجاب في خمس ليال»، وهو بلاغ وإن لم يكن حديثا مسندا، إلا أنه يعبر عن استقرار العمل به في الصدر الأول.

​​​​​​​

وتشير المصادر الحنفية والمالكية أن الدعاء في رجب عموما مستحب لكونه من الأشهر الحرم، دون أن يفردوا الليلة الأولى بنصوص خاصة، لكنهم لا يمنعون من التوجه إلى الله فيها.

وفي المقابل، يشدد فقهاء الحنابلة على أن «تخصيص» الليلة بصيغ دعائية جماعية أو اعتقاد أنها سنة مأثورة عن النبي هو محل نظر، لكنهم يبيحون الدعاء الفردي المطلق، مؤكدين أن باب المناجاة يظل مفتوحاً في كل زمان ومكان، وخاصة في الأزمان التي شرفها الله.

وتتجلى الحكمة من استحباب العلماء للدعاء في هذه الليلة في «تجديد العهد» مع الخالق، فالمسلم الذي يستقبل شهره بالدعاء، يرسخ في قلبه مفهوم العبودية والافتقار إلى الله في مواجهة تقلبات الحياة.

ويؤكد العلماء أن هذه الليلة تمثل «محطة شحن» معنوية؛ فالدعاء فيها يزيل ركام الغفلة ويمهد الطريق لشهر رمضان.

ويخلص كلام العلماء إلى أن الدعاء في أول ليلة من رجب هو عمل صالح يثاب فاعله، ولا ينكر على من تركه، مما يجعله دائرا في فلك «المندوبات» التي ترفع الدرجات.

ويضيف المحققون أن الموقف الوسط هو الذي يجمع بين ممارسة العبادة وبين لزوم السنة؛ فالدعاء مشروع، ولكن «توقيت» هذا الدعاء بليلة رجب الأولى هو من قبيل استثمار الوقت الفاضل لا من قبيل التشريع المستقل.

وبناء عليه، يوصي العلماء باستغلال هذه الليلة في طلب العفو والعافية، وصلاح شأن الأمة، مع الحذر من الوقوع في فخ «الصلوات المبتدعة» التي قد تشوه نقاء هذه العبادة القلبية.