الطلاق عند الرجل.. «أوبشن» يواجه تفكير اقتصادي بحت
«عليا الطلاق بالتلاتة ما أنا واكل» .. «لو روحتِ عند أمك تاني تبقي طالق»، و«عليا الطلاق يا صاحبي لأنتَ قاعد معانا شوية».. أمثلة مختلفة ليمين الطلاق الذي يليقيه الرجل في وقت الغضب ووقت المزاح، وحتى إن لم يكن متزوجا من الأساس.
إلقاء يمين الطلاق «على الفاضي والمليان» عادة شعبية يستخدمها الرجل للتأكيد على أهمية ما يقول، لكنها قد تعطي انطباعا عن الرجل بأنه يستسهل الطلاق لأتفه الأسباب أو يعتبره في أحسن الأحوال بداية للانطلاق وحياة بلا قيود أو مشاكل.
شباب خاضوا تجربة الطلاق بالفعل تحدث معهم «شبابيك» في هذا التقرير، ليشكف عن رأي الرجل في الطلاق وتأثيره النفسي عليه؛ بعيدا عن أوقات المزاح والغضب والمعايير التي تنقلب «وقت الجد».
إحساس بالرفض
بعد عام من الصداقة وعام آخر من الحب بعد الزواج، كان على أحمد صادق (اسم مستعار)، أن يواجه قرار الطلاق الذي طلبته زوجته، بعد مشاكل كثيرة بينهما لم يكن ينوي أن ينهيها بالطلاق.
يقول أحمد: «كان عندي مبدأ من قبل الزواج أن الراجل مينفعش يجبر واحدة مش عايزاه على العيشة معاه. ولما طلبت الطلاق متسرعش وخدنا أكتر من فرصة، كنت عايز حدة الغضب تروح ونرجع نفكر تاني بهدوء.
ورغم أن الموضوع مجاش فجأة وكنت مستعد ومهيأ نفسيا للطلاق؛ إلا أن بعد قرار الطلاق حصل لي شيء أشبه بالصدمة النفسية. القشة اللي قصمت ظهر البعير زي ما بيقولوا. أكتر حاجة كانت مضايقاني هو إحساس أنك مرفوض.. ومرفوض من مين؟ من الشحص اللي حبيته.. وقبل الحب كان فيه بينكم صداقة قوية».
الطلاق «أوبشن»
كان للكاتب والسيناريست وليد خيري تجربة طلاق خرج منها هو وزوجته السابقة كأصدقاء؛ حفاظا على صورة هذه العلاقة أمام طفلهما «مهند».
لا يشجع خيري الطلاق، ولكنه يراه «أوبشن» وأحيانا ضرورة لحل مشاكل كثيرة بين الطرفين.
يقول خيري لـ«شبابيك»: «لو مشاكل الزواج وصلت لمرحلة تحطيم الآخر، أو وصلنا لحيطة سد مهما حاولنا نحل المشكلة يبقى الطلاق هنا ضرورة. الموضوع أشبه بلما يكون عندك حريقة في البيت وكل شيء بيولع ومش عندك غير مخرج واحد.. حريق على المستوى النفسي ومستوى التعامل. هيكون الطلاق هو مخرج الطوارئ. مخرج ملتوي وصعب وله تبعات كتير.. لكنه ضرورة».
الجواز عشان الجمال بس كله مصايب.. الشباب عايز إيه؟
مهزوز نفسيا
الطلاق في نظر «خيري» يجب أن يتم برضا الطرفين تماما؛ فلا مجال للتهديد أو تدخل الأهل أو أي مشاكل تحطم صورة الأبوين أمام الأطفال.
لكن كل هذه الحسبة الدقيقة لا تمنع الرجل من أن يكون مهزوزا نفسيا بسبب الطلاق.
الرجل قبل الطلاق غير بعد الطلاق.. هكذا يعترف خيري: «بعد الطلاق الراجل بيكون مهزوز نفسيا، حتى لو حسب الموضوع من كل الاتجاهات وحاول يحل المشكلة بكل الطرق».
ويضيف خيري «تجربة الطلاق من الأحداث المهمة اللي بتعلم في الإنسان وميقدر يتجاهلها؛ بأحيانا بيكون لها أثر إيجابي وبتخليه أكثر نضحا وقادر يشوف المشكلة بشكل أوضح».
تفكير اقتصادي بحت
ورغم المشاكل الكثيرة بين الزوجين قد يتخوف الرجل من شيء واحد فقط وهو ماذا سيفعل في الأعباء المادية التي سيترتب عليها الطلاق؟ أو ماذا سيفعل بمسئوليات البيت من طبيخ وغسيل والتي لا يجيدها إطلاقا؟
يقول حسام محمد: «الظروف الاقتصادية السيئة بتخلي الرجل يفكر في النفقة والمؤخر اللي أقل حاجة وصل لـ150 ألف جنيه؛ خاصة لو تعب وقعد سنين يجمع في المبلغ اللي هيتزوج بيه؛ بيحس أن مجهود السنين دي كلها راح على الأرض.
الطلاق الصامت.. كلمة يصف بها «علام» حالة 79% من الأزواج الذين يعيشون معا في منزل واحد دون طلاق رسمي؛ لكن في الواقع تكون العلاقة بينهما منتهية تماما.
والطلاق في هذه الحالة يصبح مستبعدا لأسباب مادية أو من أجل الأبناء أو لأسباب اجتماعية؛ خاصة إذا كان زواج أقارب.
تعدد الزوجات.. متعة للرجل ولا هروب من المشاكل؟
سلاح للتهديد
«رمى عليها يمين الطلاق لو كسرت كلامه ولما مسمعتش الكلام، وقعوا في مشكلة تانية ومكنوش عارفين هم كدا بقوا مطلقين ولا لأ».
قصة واقعية يحكيها أحمد صادق لـ«شبابيك»: «بشوف حالات كتيرة الرجالة بتستخدم الطلاق كسلاح تهديد؛ بيحلف بيه كتير عشان كلامه يتنفذ وبيكون مش قاصد، لكن الست مش بتاخد التهديد ده على محمل الجد».
ويعلق استشاري العلاقات الأسرية أحمد علام، بأن «الرجل يستخدم كلمة الطلاق كنوع من التهديد؛ وإذا كان في ظاهر الأمر يحاول أن يظهر سيطرته على زوجته، لكنه يفعل ذلك في الحقيقة بسبب ضعف في شخصيته أو في قدرته على التفاهم بينه وبين زوجته؛ فيلجأ لتهديدها لأكبر شيء تخاف منه، لأنه لا يملك قوة الشخصية أو القدرة على التفاهم مع زوجته».
قرار مريح نفسيا
لم يقدم محمد حسام، صحفي، على خطوة الطلاق بعدُ وإن كان قد اتفق مع زوجته على كل شيء.. يقول: «الطلاق لو حصل هيكون مريح نفسيا بالنسبة لي؛ لأنه هيجي بعد سنين طويلة العلاقة فيها متدمرة بمعنى الكلمة.
لو كان قرار الطلاق بسبب مشاكل عابرة والعلاقة كانت في الأصل من أولها كويسة أكيد كان الموضوع هيكون متعب نفسيا».
الخوف على مستقبل الأبناء
كان حسام قد رتب أموره مع زوجته جيدا ولم تتبقى إلا خطوة الطلاق، لكنه لم ينسى تأثير هذا القرار على الأبناء.
يقول حسام لـ«شبابيك»: «اتفقت معاها على موعد زيارة الأطفال أسبوعيا والحديث معهم هاتفيا بصفة يوميا، وهكون مسئولا عنهم ماديا بالكامل.
والأهم أننا قررنا نخبي عنهم قرار الطلاق؛ وهيبقى الموضوع كأني مسافر القاهرة للشغل وبرجع أزورهم كل أسبوع، لحد ما الأطفال يبتدوا يكبروا عند 12 سنة ونبتدي نفهمهم بالراحة.. بالتأكيد الانفصال في كل حالاته ليه ضرر على الأطفال. لكن بالطريقة دي الضرر هيكون أقل بكتير».
إدمان الجنس.. حكايات الرغبة المتوحشة وأسرار المرض
وماذا عن رأي العِلم؟
لم تكن مشكلة ماليزيا أن نسبة الطلاق فيها ارتفعت لـ34% . لكن ارتفاع نسبة الطلاق أدى إلى انخفاض معدل الإنتاج.
برامج متخصصة وضعتها ماليزيا لتقلل من نسبة الطلاق. وبالفعل انخفضت نسبة الطلاق في ماليزيا حتى أصبحت 7% التي اعتبرت أقل نسبة للطلاق في العالم؛ وارتفعت معها معدلات الإنتاج مرة أخرى.
اسشتاري العلاقات الأسرية الدكتور أحمد علام، يؤكد أن «الطلاق يؤثر على نفسية الرجل ويجعله في حالة توتر وحزن وكبت تصل لدرجة الصراع النفسي. وإن كان يظهر من الخارج أنه يستسهل الطلاق وسعيد بهذه القرار؛ لكن في داخله يكون ندمان على بعض الأمور ويسأل نفسه.. هل كان هذا هو القرار الصحيح؟ هل كان من الممكن أن يعطي الزواج فرصة أخيرة؟ هل كان قرار زواجه أصلا صحيحا؟ هل أخطأ في اختيار شريكة حياته من البداية أم ماذا»؟
هل الطلاق حل؟
كل ما حولك سيدفعك للشعور بأن الطلاق هو «شيء عادي» أو هو حل للمشاكل المتراكمة عليك بعد الزواج.
يقول علام: «انتشار حالات الطلاق، وتدخل الأهل بالسلب عند الإصلاح بين الزوجين، وسهولة التعرف على أي فتاة من خلال مواقع التواصل الاجتماعي ومقارنتها بالزوجة؛ كل هذه الأسباب تجعل بعض الرجال تستسهل فكرة الطلاق لأتفه الأسباب ورغم وجود أكثر من وسيلة لحل المشكلة بدلا من الطلاق.
ورغم كل هذا الطلاق أحيانا يكون حلا لمشاكل الزواج. لكنه لا يجب أن يكون الحل الأول؛ وأن نطرح لأنفسنا أسئلة كثيرة جدا، وأكثر من محاولة للتفاهم بكل الوسائل الممكنة.
وبعد استنفاذ جميع الطرق قد يأخذ الزوجان إجازة من بعضهما دون انفصال رسمي، ليجربا هل فعلا سيتحملان فكرة الطلاق.
فحالات كثيرة تتراجع عن قرار الطلاق بعد تجربة هذه الإجازة الزوجية؛ وفقا لـ«علام».