بالهمس واللمس وحاجات تانية.. دليلك للانتصار على الخرس الزوجي
يدخل بيته متعبًا، بعد يوم عمل طويل، يكاد لا يرى أمامه، يطلب من زوجته إعداد الطعام، وبعد تناوله، يرتاح قليلا، ثم يقوم ليمسك بهاتفه ويتصفح مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، وزوجته بجانبه تشكو سوء حظها، بسبب إهمال زوجها لها، هكذا أصبح حال أغلب الرجال، وهذا ما يسمى بـ«الخرس الزوجي».
الخرس الزوجي من أخطر المشاكل التي تهدد استمرار الحياة الزوجية للكثير من الأزواج، وفي هذا التقرير من «شبابيك» نسلط الضوء على هذه المشكلة، وأسبابها، والنتائج المترتبة عليها، وأساليب حلها.
احصائيات وأرقام
رصد مكتب تسوية المنازعات بمحاكم الأسرة في 2015 أن «الخرس الزوجي» تسبب في 9 آلاف حالة طلاق للضرر، وبالخلع، وهذا الانفصال يدخل ضمن مصطلح الانفصال المبكر، حيث تراوحت مدد الحياة الزوجية بين المنفصلين بين 3 و12 شهرا باستثناء حالات تراوحت فيها مدد الارتباط الزوجي بين 10 و40 عاما، وتسبب الأزواج في الطلاق أو الخلع بنسبة 70% مقابل 30% للزوجات.
فيما بلغت عدد دعاوى الانفصال بسبب آثار التكنولوجيا الحديثة المدمرة على الزوج والزوجة إلى 3500 دعوى خلال العام 2015.
الأسباب الجوهرية للخرس الزوجي
- ليه بيختاروا السكوت:
استشاري العلاقات الأسرية، وصاحب فكرة مدرسة «اتجوز صح» أحمد وجيه، قال إن الرجل يصمت عندما يواجه مشكلة، أو تطارده بعض الصعوبات، أو المتاعب النفسية أو الجسدية، فيحتاج أن يختلي بنفسه، ويفكر في حل لهذه المشكلة، والتي قد تأخذ فترة طويلة، ولا يحتاج من أحد أن يقطع عليه خلوته، وعندما يتم حل المشكلة يعود الرجل كما كان.
وللرجل عالمه الخاص، فعندما يعود من عمله، يكون مرهقًا، وغير مستعد على الإطلاق للتحدث أو حتى الانصات، وغالبًا يكون مستغرقًا في العمل ومشاكله.
وكشف «وجيه»، عن الأسباب الأخرى التي تؤدي إلى صمت الرجل، ومنها طبيعة زوجته، خاصة إذا كانت ثرثارة، وتقاطعه كثيرا، وتشعره بأنها تفهم بشكل أعمق وأكثر منه، وتوجه إليه اللوم والاتهام، خاصة إذا لجأ إليها في مشكلة، أو خطأ ارتكبه.
وعلى النقيض تمامًا، أحيانا تلجأ المرأة للصمت، خاصة المرأة العاملة، ويكون وجودها في البيت، وهو دور مادي وتنفيذي لكافة مهام المنزل، من طهي، تنظيف، ومذاكرة لأطفالها، وبالتالي تنتظر متى تنتهي لتهرول إلى سريرها وتنام، أما أيام الأجازات، فيكون دورها أعمق في البيت، وتستغل هذا اليوم لتنظيف البيت بشكل أعمق، وتعد الوصفات التي تلاءم الأسبوع، ويكون صمتها ناتج عن التعب والإرهاق، وبالتالي تنسى نفسها، وزوجها، ويتحول البيت إلى مكان لأداء المهام فقط، ويكون خالي من المشاعر.
وقدم وجيه أسباب أخرى لصمت المرأة، ومنها؛ أنها تلجأ إلى التعبير عن غضبها من زوجها، خاصة إذا كان يتجاهل مشاهرها، إما في أثناء التحدث إليها، أو حتى في أثناء تواجده معها في الفراش.
وتابع «وجيه» أنها تلجأ للصمت في حال كان زوجها انفعالي وعصبي، وبالتالي تحاول تجنبه، أو إذا كان يسخر منها، ويشعرها وكأنها غبية.
- طبيعة الاختلاف بين الرجل والمرأة:
تشكو شيماء أحمد من أن زوجها لا يتحدث معها إلا باختصار شديد، قائلة: «دايما بيرد عليا على قد السؤال وبس، وممكن كمان يسأل باختصار، وبعد ما احكيله التفاصيل، يرد بتمام، غير إن عمره ما اتكلم معايا عن تفاصيل شغله، وتفاصيل المشاكل اللي بيواجهها، دايما يقول عندي مشكله ويقول السبب باختصار».
وهنا خبيرة التطوير الاجتماعي والنفسي، والمدربة في مدرسة «اتجوز صح»، مي جمال، تشير إلى الاختلافات الموجودة بين الرجل والمرأة، موضحة أن الرجل يحب الاختصار في الحديث، ويحب الدخول في المضمون مباشرة، ويكره الإغراق في التفاصيل، لأنه يبحث على الحل مباشرة، عكس المرأة التي تهتم بالتفاصيل.
وأضافت «جمال» أن الرجل بطبيعته أحادي التفكير، ولا يستطيع القيام بأكثر من عمل في وقت واحد، أي إما يحدثك، وإما يعمل، عكس المرأة، التي تستطيع التركيز في عدة أمور في وقت واحد.
الاختلاف بينكو طبيعي وهو ده سر الخلاف اليومي.. لكل مشكلة حل
- الغزو التكنولوجي:
تصرخ «عزة» من زوجها، قائلة: «الموبايل مش بيفارق ايده، حتى على الأكل، والنوم، كتير أوي أطلب منه يركز معايا، أو يهتم بيا، يقولي معاكي يا حبيبتي، وألاقيه أصلا مش سامعني، وكتير أوي بتقلب خناق، ويسيبني ويدخل ينام، وبردو الموبايل في ايده».
وفي هذا السياق، قالت استشاري الطب النفسي زينب مهدي، إن الاستخدام الخاطئ للتكنولوجيا أصبح بمثابة شبح، يهدد العلاقات الزوجية، ويفتح الباب لتسلل الخرس الزوجي، الذي يبدأ بقلة الحديث، ثم انعدامه.
و«مهدي» توضح أن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت جزءا لا يتجزء من حياة الرجل في بيته، وذلك لطبيعة الرجل في الرغبة في التطلع والفضول والحديث مع الفتيات على الانترنت ليكتشف أكثر ويتحدث أكثر ويعرف العديد من الأسرار عما يدور في عالم حواء.
وأضافت، طمع الرجل، وأنانيته، وعدم رضاؤه بالمراة التي تزوجها، تجعله يتجه إلى إشباع حاجته من الخارج، فيحكي ما يغضبه لصديقته على فيسبوك، بدلا من زوجته، ليشعر بحنانها، لأنه اكتفى من حنان زوجته.
وأشارت إلى العمل الدائم على الانترنت، الذي يعقبه تعب واجهاد من الزوج، فلم يجد وقتا ليجلس مع زوجته ويعرف شكواها ويشبعها نفسيا قبل جسديا، بل يجد الأسهل في اللجوء إلى الانترنت للترفيه عن نفسه.
النتائج المترتبة على الخرس الزوجي
الخرس الزوجي مشكلة كبيرة، وعميقة، ينتج عنها نتائج سلبية متعددة، فقد يلجأ أحد الأطراف إلى الخيانة، وربما الانفصال، والطلاق.
وفي هذا السياق قالت أسماء مراد، استشاري العلاقات الأسرية، ومدربة الأنوثة، إن الخرس الزوجي قد يؤدي إلى «صمم مزور».. أي إذا بادر أحد الأطراف بالتحدث للطرف الآخر، ولا يستمع إليه، وكأنه أصم، لانه تعود على السكوت وعدم المشاركة في الحوار.
وأشارت استشاري العلاقات الأسرية، إلى خطورة هذه المشكلة على الأطفال، موضحة أن الأطفال قد يتعرضون إلى الإحساس بالوحدة، نتيجة لإحساسهما بالتفكك الأسري.
الوقاية خير من الطلاق
وأكد محمد مصطفى، أنه عانى لفترة من الوقت من بعض المشاكل دفعته للصمت في البيت، قائلا: «عدت عليا فترة صعبة جدا بسبب كتر المصاريف، ومشاكل الشغل، لقيت نفسي بدخل البيت بس عشان أنام وارتاح، ومبقتش أحب اتكلم مع حد خالص، ومراتي كانت بتصوت مني، وفضلت تتخانق معايا، وتتهمني بالتقصير، ومقدرتش الظروف خالص، وبعد ما كان البيت مكان ادخل ارتاح وأنام فيه، بقا مكان للمشاكل».
وأضاف «محمد»: «وبعد كده لقيت نفسي بشكل تلقائي بكلم واحدة على النت، وبحكيلها مشاكلي، وكانت بتسمعني أوي، وساعدتني جامد، إني اتخطى الفترة دي، وفجأة لقيت نفسي حبيتها، وهنا لقيت مراتي تعبت وعملت عملية، بعدها حسيت بالذنب تجاه مراتي وعاتبتها، والصراحة اتفاجئت لما لقتها سمعتني، هي اتضايقت شويه، وسابت البيت، بس رجعت بعد 4 أيام، متغيرة وعاقلة جدا».
وهنا يتجلى دور المرأة في حل مشكلة الخرس الزوجي، لامتلاكها أقوى سلاح يمكن أن تواجه به الرجل، وهو «الأنوثة»، مثلما أوضحت أسماء مراد، مؤكدة أن المرأة يمكنها أن تتغلب على صمت زوجها ببعض الحيل، وأبسطها النظرة، موضحة أنها من أقوى الأسلحة التي تستخدم لمحاربة الصمت، قائلة: «بصي لجوزك بحب وهو مشغول أو وهو باصص على موبايله، وطولي، هتلاقيه حس بيكي على طول، وأبسط حاجة هتلاقيه ابتسم».
وأضافت «مراد» أن الابتسامة هي بداية التخلص من هذه المشكلة، فربما في المرة الأولى سيبتسم ويصمت، وفي المرة الثانية سيبادلك الابتسامة، وفي الثالثة، قد يفتح معك حديثَا.
وتابعت قائلة: «ممكن لو التفت ليكي وأنتي بتبصي له، تهمسي بصوت رقيق، بحبك، أو وحشتني، أكيد هيرد عليكي، وهنا استغلي الفرصة وافتحي معاه كلام بسيط أو اساليه عن يومه».
باللهمس واللمس والنظرات
أشارت مراد إلى ما وصفته بـ«مثلث المشاعر»، الذي يمكنه التغلب على المشكلة بكل بساطة، وهذا المثلث أضلاعه تتكون من «الهمس» أي التحدث بصوت منخفض رقيق، و«اللمس» ولا يقتصر على العلاقة الزوجية، بل يمكن لمس يديه برفق، والطبطبه عليه بحنان، أو احتضانه بحب، دون أي غرض آخر، «النظرات»، مؤكدة أن النظرة هي رسول الحب.
وأكدت أن المرأة إذا حققت هذه المعادلة ستجعل الرجل يشتاق إلى الدخول للمنزل، والجلوس إليها، والتحدث معها، بل وترك موبايله بعيدا، فماذا يريد الرجل من المرأة إلا أن تكون رقيقة وجميلة.
وأشارت مدربة الأنوثة إلى حيلة رائعة، تجعل زوجها يزداد حنينًا إليها، ألا وهي عدم الجلوس إلى جانبه لفترات طويلة، بل نصحتها بأن تكون في كامل زينتها، وتتحرك أمامه وتعد له السندوتشات الشهية والعصائر اللذيذه، وهنا ستجده، هو من يتحرك ورائها، ويطلب منها أن تجلس إلى جانبه، مؤكدة أن التغيير يتطلب المرونة والصبر.
الرقة واللين الحل الأمثل
أميرة تقول إنها تعاني مع زوجها، لأنه «مش بينطق في البيت غير عشان يتخانق وبس، وفي الخناقة بلاقيه بيتكلم كتير، وبعد ما الخناقة تخلص بلاقيه سكت، ياما بيتفرج على التلفزيون أو قاعد على النت».
ونصحتها «مراد» باستخدام اللين والرقة معه، أي عندما تجده منفعلًا، وثائرًا، عليها أن تهدئه وتدرك سبب غضبه، وتتلاشاه، والاعتذار في حال كانت مخطئة، وعدم استخدام العبارات التي تغضبه.
بلاش الأسئلة المستفزة
«أسماء» تقول: «لما بحاول افتح كلام مع جوزي، بيصدني، وبيخليني أندم إني كلمته، من رد فعله. كتير مثلا أساله ماله لما ألاقيه راجع تعبان، أو احاول ألفت نظره للتغييرات اللي بعملها في شكلي، أو أساله إذا كان بيحبني ولا لأ عشان افتح معاه كلام، بس رد فعله بيكون قاسي جدا».
وهنا لفتت «مي جمال» نظر المرأة، إلى أن هناك بعض الأسئلة تستفز الرجل، بل تثير غضبه، وتجعله يفضل الصمت، وهي:
«يا ترى لسه بتحبني؟»، فإذا قامت المرأة بسؤال الرجل هذا السؤال عند مشاهدته لمباراة كرة قدم، أوانشغاله أو تركيزه في شيء ما، بالطبع سيكون رد الفعل غير لطيف.
«مالك؟» تجنبي هذا السؤال عند عودته متعبًا أو غاضبًا من العمل، وإلا ستجدي رد فعل عنيف جدا، بل يجب انتظاره حتى يهدأ.
«هو أنا تخنت؟» هذا السؤال ستكون إجابته سببا لمشكلة كبيرة، فإذا كانت الإجابة بنعم ستغضب الزوجة وتثور، أما إذا كان لا فهذا تفسير لإهماله لها، وفى الحالتين ستغضب، لذا لا ينبغي أبدا اللجوء إلى هذا السؤال، فلايجب أبدا أن تلفت الزوجة نظر زوجها لأى عيب.
«أنت مش شايف حاجة متغيرة فيا؟»، لاتسألي زوجك بشكل غامض، فالرجال بطبيعتهم لايهتمون بالتفاصيل الصغيرة.
«عاجباك؟»، إذا وجدت الزوجة زوجها ينظر إلى امرأة أخرى حتى وإن كانت في التلفاز، عليها ألا تلفت انتباهه إليها.
الحوار حل مثالي للتغلب على صمت الزوجة
أما للتغلب على صمت الزوجة، يقدم له «وجيه» روشته مثالية للتغلب عليه:
- صحح المفاهيم، فالمرأه تحب التحدث، لذا اتركها تتحدث وتعبر عن حالها، وعليك أن تنصت إليها باهتمام حتى وإن لم يكن لديك حل.
- تجنب النقد الدائم، والضغط عليها، بل قم بمشاركتها بعض الأعباء التي تحملها.
- صارحها وناقشها، واحذر أن تسخر منها أو تقاطعها.
- تعلم تقنيات الحوار الناجح ، وهي: (الأذن - اللسان - النظر - حركة اليدين - نبرة الصوت - اللمس - السكوت - مكان الحوار).
- اسمع، ولا تقل «أنا» بل قل «نحن»، وتأكد أنها تبوح لك بكل متاعبها.
- تقبّل كلام الطرف الآخر.
- استخدم تعبيرات وجه مناسبة.
-لا تسعى لتحقيق أهدافك أنت أو ما ترضاه.
-احذر اللجوء إلى العنف كالضرب والسب واللعن، أو التهديد بالزوجه الثانية، أو الهجر وترك المنزل، أو الطلاق، أو اللجوء للاصدقاء والأقارب والجيران.
- لا تذكر الخلافات القديمة.
وفي السياق ذاته، أكدت «مراد» أن الرجل معه مفتاح الحل، فالمرأة بطبيعتها تحب من يحتويها، ويساندها، ويغرقها بالعواطف، والكلمات الرقيقة، لذا فما المانع من مسندتها عاطفيا، والتعامل معها برفق.