الأغاني الشعبية.. تجارب واقعية لا يقربها نجوم الصف الأول

الأغاني الشعبية.. تجارب واقعية لا يقربها نجوم الصف الأول

ينظر البعض للأغاني الشعبية على أنها في مرتبة أقل، ونفس الأمر بالنسبة لمطربي هذا النوع من الغناء، ولكن هل استمعتم جيدا لكلمات الأغاني سواء ما يطلق عليها «الشعبية» أو غيرها؟

من يؤثر أكثر؟

الشاعر خليل عز الدين يقول إن أغلب المطربين الشعبين، مروا بتجارب واقعية، وأرادوا التعبير عن تلك التجارب بهذه الأغاني، لذا تجد المطرب الشعبي في الغالب هو من يقوم بالتأليف، والتلحين، والغناء، وأيضا يرفعها على «اليوتيوب» بنفسه، دون التقيد بمتطلبات السوق. ويلخص «عز الدين» ذلك بالقول: «الأغاني الشعبية تمس المواطنين أكثر، وتعالج قضاياهم».

وعلى العكس، تجد نجوم الصف الأول، يُنشدون أغاني من كلمات، وتلحين متخصصين، وأيضا تقوم شركات متخصصة بإنتاجها، وتوزيعها، لذا فتجدهم يخاطبون مشاعر الشباب والفتيات فقط، دون التطرق لمشاكلهم الحقيقية والواقعية التي تناقشها الأغاني الشعبية.

ولكن هل تعبر أغاني نجوم الصف الأول عنك حقا أم أن ما تشعر به في أثناء الاستماع إليها مجرد «وهم»؟

استشاري الطب النفسي أسماء حفظي، تُجيب بأن الأغاني الرومانسية تلعب بالمشاعر، وتجعل الشباب والفتيات في حالة حب وهمية، وخاصة غير المرتبطين، فتجد الفتيات يتقمصن الحالة، ويبحثن عن الحب الذي تقدمه تلك الأغاني، مشيرة إلى أغاني أدهم سليمان، التي تجسد الحب بطريقة خيالية، مثل كلمات «أنا التايه في ملكوتك»، وهذا يجعل الفتيات يتمردن على من لا يقدم لهن تلك المشاعر.

وهناك أغاني تثير مشاعر الاشتياق، خاصة إذا كانت موجودة، فتزيدها اشتعالا، كأغنية الفنان عمرو دياب، المطرب الأول في مصر بالنسبة للكثير من الشباب، «يدق الباب، أقول هي.. أقول رجعت خلاص ليا، وتخلص غربتي وافرح، وأخاف من فرحتي افتح، تكون لاعبة الظنون بيا، وتطلع تاني مش هيا»!

هل تؤثر الأغاني بشكل سلبي على مشاعر البنات؟

وفي المقابل، إذا نظرنا لأغنية شعبية للمطرب سيد الشيخ، التي تجسد مشاكل حقيقية، ومن كلماتها: «أدى أب علشان بناته مد ايده للحرام.. انهاردة بيشكي حاله مين هيسمعله كلام.. خاف عليهم من الزمان قال يسيبهم في الأمان.. باع ضميره غصب عنه كل ده في لحظة شيطان.. وأهو دلوقتي بيبكي وخايف من اللي هيحصل تاني كمان».

ورغم بساطة كلمات الأغنية، إلا أنها تعطي دروسا متعددة، كالأب الذي اتجه للسرقة للانفاق على بناته، وأيضا الشاب الذي تعرف على أصدقاء سوء أفسدوا حياته، وأطفال الشوارع، وقهرة الأم على ابنها السجين، وفقا لـ«حفظي».

وتوضح استشاري الطب النفسي أن هؤلاء المطربين، في الغالب يشعرون أنهم يقدمون رسالة، لذلك فهم حريصون على تقديم أغاني تحمل في مضمونها رسالة هادفة، مثل أحمد شيبة، ومحمود الحسيني، وأغنيتيه «العبد والشيطان»، و«السيجارة البني»، التي ناقشت الإدمان، وضياع الشباب.

 الرباعي والزهر

قدم النجم التونسي صابر الرباعي، في برنامج «كل يوم جمعة» في فبراير الماضي، أغنية «آه لو لعبت يا زهر»، وهي أغنية شعبية للمطرب أحمد شيبة، وحازت على أكثر من 3 مليون إعجاب على صفحة «الرباعي» على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، ما يجعلنا نطرح هذا السؤال: هل الأغاني الشعبية لون من الغناء من الطبيعي أن يلجأ إليه أي مطرب؟

الناقد الفني عصام زكريا يجيب عن هذا السؤال، ويقول إن اللون الشعبي من ألوان الغناء، وقدمه أغلب المطربين، في مختلف العصور، وباختلاف أنواع الغناء الشعبي، فنجد أن العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ غنى شعبي، عندما غني «كل ما أقول التوبة»، وأيضا محمد منير، خاصة في المناسبات، والأفراح، قد يقدمون بعض الأغاني الشعبية.

والأغاني الشعبية بصفة عامة، لها ثقافتها، وجمهورها، وفي الغالب تقدم للطبقة الوسطى، والشعبية فقط، والدليل على ذلك أنه من المستحيل أن تجدها في القطاعات الرسمية في البلد، أو مذاعة على محطات الإذاعة والتلفزيون الرسمية، أما أغاني نجوم الصف الأول، فهي تنقل الثقافة الرسمية للشعب، وفقا لـ«زكريا».

ويضيف أنه من الطبيعي أن تجد أن الأغاني الشعبية تعبر عن قطاع عريض من الشعب المصري، لأن غالبيته، ينتمي للطبقة الوسطى، وبالتالي تعبر عن مشكلاتهم، وقضاياهم، لذا تجد هؤلاء المطربين قادرين على استخدام هذا اللون للوصول إلى قطاع أكبر من الشعب.

الدنيا شمال.. هكذا تؤرخ المهرجانات الشعبية لمعاناة الغلابة

حسناء الشيمي

حسناء الشيمي

صحفية مصرية تهتم بالكتابة في ملف العلاقات واللايف ستايل