لبس عريان وحرية.. هكذا غيرت الحركة النسوية ملابس الفتيات
لما جاء القرن الـ19 كانت المرأة على موعد مع تغيير كبير وجذري في ملابسها. وقتها ظهرت في أمريكا وأوروبا ثم الشرق الأوسط، الحركات النسوية التي دعت لتحرير المرأة اجتماعيا وفكريا، لكن تلك الحركة النسوية في الغرب أثرت على الموضة، ودعت لتصبح أزياء النساء أكثر عملية وانفتاحا.
فتحولت المرأة من ارتداء الفساتين كزي نسائي وحيد، إلى ارتداء البنطلون ثم البدلة الرسمية والـ«ميني جيب»، لكن كيف ولماذا تسببت الحركة النسوية في كل هذا؟
البنطلون
كانت الحركة النسوية تدعو لملابس عملية تتيح للمرأة حرية التحرك وحرية أجسادهن كذلك، ومن هنا تم تقديم «البنطلون» كأول تغير جذري في ملابس المرأة.
تقول «كوكو شانيل» مؤسسة العلامة التجارية المعروفة والتي لعبت دورا كبيرا في تغيير أزياء النساء: «لقد أعطيت المرأة حسا من الحرية، وأعطيت لهن الحق في أجسادهن التي غرقت في العرق بسبب موضة الدانتيل والكورسيه والحشوة الداخلية للملابس».
كانت النساء يرتدين في ذلك الوقت «الفساتين» الطويلة. وترتدي المرأة تحت هذه الفساتين العديد من الطبقات وبالأخص «الكورسيه» الذي يقيد الجسد، كما تقول «شانيل». اعتبر البنطلون وقتها رمزا لتحرر المرأة وانطلاقها.
القديم زاد حلاوة.. أزياء التراث موضة وهوية وتميز
الأزياء الرسمية
مرة أخرى تعود «كوكو شانيل» التي آمنت كثيرا بمبادئ الحركة النسوية، لتلعب دورا في تغير موضة الفتيات؛ مع بداية القرن العشرين.
فعندما جاء عام 1923 كانت كثير من النساء في الغرب أصبحن نساء عاملات، فقدمت «شانيل» للفتيات موضة الأزياء الرسمية، والتي تمثلت في «التايور» وكذلك «البدلة البنطلون».
انتشرت هذه الموضة سريعا بين الفتيات العاملات، بعد أن ارتدتها فنانات هوليود مثل «كاثرين هيبورن» والتي اعتبرت رمزا للفن والموضة والنسوية معا، وفقا لموقع «Bustel».
كانت «هيبورن» من أكثر فنانات هوليود ولعًا بالبناطيل، حتى قبل أن تصبح موضة؛ للدرجة التي أفردت لها صحيفة «التايم» البريطانية مقالا بعنوان «ماذا ترتدي كاثرين هيبورن في الوقت الذي لا ترتدي فيه بنطالا»؟
السيقان العارية
ستينيات القرن الماضي كانت الفترة التي شهدت ميلاد الـ«ميني جيب» التي ترتفع عن الركبة بضعة إنشات، وصممتها البريطانية «ماري كوانت».
ورغم أن الـ«ميني جيب» اعتبرت في هذا الوقت وبالنسبة للمجتمعات الأوروبية شيئا مبتذلا وغير محتشم، إلا أن «كوانت» كانت تدافع عن تصميمها من منطلق نسوي.
في مقابلة لها مع صحيفة الـ«جارديان» تقول: «الناس تعتبر الشيء مبتذل عندما يكون جديدا عليهم».
كانت «كوانت» تدافع عن حق المرأة في إبراز جمالها والاستمتاع بأنوثتها. وفي تقرير لـ«بي بي سي» نشر في عام 2014 تقول الكاتبة «كاتيا فورمان»: «اعتبرت الميني جيب شيئا معبرا عن الشباب، بل أكبر من ذلك، بما يمكن اعتبارها حركة تاريخية، فقد ارتبطت بحركات التحرر الجنسي وحبوب منع الحمل».
أبسطهالك.. «فيمينزم» أو «نسوية».. يعني إيه؟
الكورسيه
منذ القرن الـ16، والكورسيه كان وسيلة لإظهار شكل الجسد المثالي، ويبقيه مشدودا، بما يسمح له أن يبدو نحيفا ومتناسقا في مختلف أنواع الثياب، ومع مجيء العصر الفيكتوري أصبح الكورسيه موضة لا يمكن الاستغناء عنها. لكن هذا الكورسيه أحد الأزياء التي رأتها النسوية تضع معاييرا محددة للجمال وتقيد من حرية المرأة.
ووفقا لموقع «Bustl» فلم يجبر الرجال النساء على ارتداء الكورسيه، بل كانت النساء من ترتدينه لجذب أنظار الرجال. لكنه كان رمزا لتقيد المرأة لتناسب معايير الجمال التي يراها المجتمع، وكذلك يتسبب في ضغط أعضاء الجسم والتسبب في مشاكل صحية عديدة، أشهرها ضيق التنفس وضمور العضلات.
عامل اجتماعي آخر تسبب في تراجع موضة الكورسيه كما يقول «جاك بلونجر» المحرر بموقع «L'Opinion»، وهو الحرب العالمية التي تسببت في وفاة عدد كبير من الرجال، فحلت النساء محلهم في المصانع وأماكن العمل، والتي لم يكن الكوسيه بالزي الملائم لها إطلاقا، لأنها احتاجت إلى ملابس عملية أكثر.
موضة الوزن الزائد
لم يقف تأثير النسوية على الموضة في العصور السابقة، فهذه الأيام تنتشر شيئا فشيئا موضة «الوزن الزائد» التي أطلقتها «جابريل جريج» منذ عام 2012 لتكسر احتكار القوام أو الوزن المثالي لعالم الموضة.
أول ما صممته «جريج» هو ملابس سباحة من قطعتين لصاحبات الوزن الزائد، والتي لاقت رواجا كبيرا حتى إن كثير من الشركات الكبرى بدأت تقلدها.
وإذا كانت موضة الميني جيب انحسرت منذ زمن بعيد في مصر، وعاد الكورسيه على استحياء بين الفتيات، وظهرت حركات نسوية مصرية تدعو الفتيات للعودة إلى ارتداء الفستاين؛ لكن أزياء الوزن الزائد بدت الصيحة الأعلى صوتا هذه الأيام.
«أزياء الوزن الزائد هي حركة نسوية بامتياز»، وفقا لما جاء بموقع «Life Size Magazine».
لكن هذه الحركة لا تدعو للمساواة بين الجنسين أو بقدر ما تدعو إلى تحرير المرأة من مقاييس معينة للجمال، واعتبار أن لكل جسد جماله الخاص. وظهرت العديد من عارضات الأزياء للوزن الزائد، وهو شيء لم يكن مألوفا لعصور طويلة.
لعل الحدث الأخير والأكثر تعبيرا عن هذه الفترة هو الهجوم الذي لاقته شركة «فيكتوريا سيكرت» للملابس النسائية في المملكة المتحدة، عندما روجت لمجموعة من الملابس الداخلية النسائية بعنوان «الجسد المثالي» أو «The Perfect Body». استنكرت الحركة النسوية أن تكون هناك معايير مثالية لجمال المرأة تتمثل في القوام النحيف.