حكاية «الثقافة الجنسية» في جامعة الأزهر

حكاية «الثقافة الجنسية» في جامعة الأزهر

ارتباط مصطلح «الثقافة الجنسية» بمؤسسة دينية بحجم الأزهر كان كفيلا بتدخل صحيفة الجارديان البريطانية للحديث عن أزمة أثارها محتوى مشروع تخرج لطلاب الفرقة النهائية للعام الدراسي 2017.

وتناولت الصحيفة تدرج قرارات الكلية تجاه مجلة «أسرار» التي نفذها خمسة طلاب، بداية من تغيير اسمها لرفع الحرج عن الكلية قبل وقف المشروع تماما لاعتباره غير ملائم.

ونفى عميد الكلية، الدكتور عبد الصبور فاضل، وقف المشروع بسبب مضمونه، وقال إن الأمر يتعلق بجوانب إدارية.

تواصل «شبابيك» مع الطلاب للرد على ما أثير حول مشروع تخرجهم الذي وصفته جريدة الجارديان في تقريرها بالمثير للجدل.

بداية الأزمة

في منتصف مايو الماضي بعد تداول أخبار تفيد باستعداد الكلية لمناقشة مجلة في الثقافة الجنسية تحمل اسم «أسرار» لمناقشتها ضمن مشاريع التخرج نفى عميد الكلية اعتمادها ضمن مشروعات التخرج لهذا العام.

وقال في تصريحات منسوبة له إنه تواصل مع المسئول عن مشروعات التخرج وتأكد أنه لا توجد مجلة تحمل نفس الاسم أو تناقش تلك القضية، مشددا على أن جامعة الأزهر ليست مكانا لمناقشة الثقافة الجنسية.

ويحكي الطلاب أن عميد الكلية طالبهم بعدها بتغيير اسم المجلة إلى «خطوط حمراء»، والتكتم على الأمر وعدم الحديث عن المجلة حتى يتم الانتهاء من مناقشتها.

وينفي الفريق تنفيذ المجلة بدون علم الكلية مؤكدين أنهم عرضوها على رئيس القسم ووكيل الكلية قبل الموافقة عليها وإسناد الإشراف عليها لمعيد بالكلية وكتابة رئيس القسم لمقال بالمجلة يوضح فيها أسباب قبوله لتنفيذها.

من مشروع كويس إلى مرفوض

وفي 30 مايو خلال امتحان الطلاب الخمسة لمادة المقال الصحفي استدعاهم الدكتور عبد الصبور لمكتبه.

ويروي الطلاب ما حدث قرابة الثلاث ساعات في مكتبي عميد ووكيل الكلية بأن فاضل بادر بالثناء على محتوى المجلة والتأكيد على أنها تحتوي على موضوعات قيّمة.

لكنه اعترض على عنوان في صفحة الأخبار بالمجلة على لسان الفنانة دينا الشربيني تقول إن الحرية الجنسية تمنع ظاهرة التحرش، قائلا: «المجلة كلها كويسة لكن الخبر اللي اتكتب بخبث دا كفيل بتحويل الكلية كلها لمجلس تأديب».

ويتابع الفريق أنه رغم محاولات شرح محتوى الخبر لعميد الكلية بأنها تقصد بالحرية الجنسية التثقيف الجنسي وأنه رأي شخصي يُحاسب عليه صاحبه جاء رد العميد: «الخبر دا يتشال وإلا هأجل مناقشة المشروع».

ودافع عميد الكلية عن موقفه بأنه يخشى أن تُهاجم الكلية في الصحف بعد تداول نسخة من المجلة قائلا: «أي حاجة تتكتب في المجلة في القرآن أو الإنجيل أو التوراة أو أي داهية تتحسب على الكلية».

وبعد اقتراح باستبعاد الخبر تدخّل أحد أعضاء هيئة التدريس ليوهم عميد الكلية بوجود دعوة للشذوذ الجنسي بالمجلة بادّعاء وجود كلمة «العلاقة الجنسية بين الرجال» رغم أن المادة تتحدث عن دراسة علمية عن تأثير العلاقة الجنسية على الجانب الروحي لدى الرجال بعنوان «دراسة علمية: العلاقة الحميمة تزيد من الإيمان بالله».

ويحكي الفريق أن عميد الكلية بعد ما يقارب نصف ساعة من الخروج من مكتب وكيل الكلية عاد ليبلغهم بقرار أصدره ما وصفه بـ«اللجنة المُشكّلة» بالاعتراض على المشروع، وتكليفهم بمشروع جديد.

محتوى المجلة

يقول أعضاء الفريق إن المجلة تضمنت تحقيقا عن التحرش الإلكتروني وكيفية مواجهته وملف كامل عن تدريس الثقافة الجنسية وهل تصلح للطلاب المصريين أم لا.

ولفتوا إلى أنهم أجروا حوارا مع الشيخ الأزهري أحمد كريمة، للتعليق على الأداء الإعلامي لمقدمي البرامج التي تتناول الثقافة الجنسية، وحوار مع الدكتورة هبة قطب تحدثت فيه عن رؤيتها لمعالجة الوعي في مصر.

بالإضافة إلى  تقارير عن سلبيات الإعلانات الجنسية على الفضائيات، وخطورة المواقع الإباحية على الشباب، وعدة مقالات أحدها لأستاذ علم حديث بالجامعة إيهاب أبو عمر يوضح فيه تعامل الإسلام مع الأمور الجنسية.  

البديل

يقول الفريق إن عميد الكلية طالبهم بتنفيذ مشروع جديد دون جهد ولا يستغرق أكثر من ثلاثة أيام لتنفيذه ليتم عرضه على لجنة داخلية بالكلية غير التي ستناقش باقي المشروعات للتخلص من المجلة المُثار حولها الجدل.

وأضافوا أن عميد الكلية نوّه عن حاجته لمشروع شكلي يتم كتابته على ورق الطباعة العادي في عدد قليل من الصفحات ليتم تصديره على أنه هو المشروع الرئيسي لهم.

وحكوا أنهم اختاروا اسم «البديل الرياضي» ليُفهم الاسم على أنه بديلا عن شئ آخر وإشارة إذا ما تم تكذيب وجود مجلة الثقافة الجنسية مستقبلا إلى أنهم أرغموا على تبديلها.

مأجورين من أعداء الأزهر

واتهم الدكتور عبد الصبور فاضل الطلاب بأنهم مأجورين من جهات معينة لتدمير الكلية بحسب قولهم، مطالبا إياهم بتسليم جميع النسخ المطبوعة حتى لا يتم استغلالها من قبل من وصفهم بمن يستهدفون الأزهر.

وأشار الطلاب إلى أن هدفهم من المجلة كان الخروج عن التقليد والتكرار وإثبات أن كل الموضوعات يمكن مناقشتها بطريقة متزنة حتى وإن كانت أمورا جنسية والتأكيد على أن الأزهر ومنهجه لا يخشى من الخوض في تلك المسائل.

إقرار وتعهد خشية التسريب

«امضولي على ورقة بتسليم جميع النسخ وأي نسخة تخرج لأي وسيلة إعلامية تكونوا مسئولين عنها قانونيا»، ينقل الطلاب عن عميد الكلية إلزامه لهم بالإقرار على مسئوليتهم عن تسريب أي نسخة من المجلة.

ويحكي الطلاب أنهم اعترضوا على الطلب لاحتمال أن يكون التسريب من داخل الكلية والتي تسلمت 15 نسخة إلا أن عميد الكلية أكد أنها ستتعرض للحرق.

ويشير الفريق إلى أنهم فوجئوا منذ أيام بتعليق من عضو بهيئة التدريس بالكلية يدعو أحد المدافعين عن فكرة إصدارها بمنشور على «فيس بوك» للاطلاع على النسخة المتواجدة معه وما بداخلها من إسفاف وخروج عن الحياء بحد وصفه.

ولفتوا إلى أنه تم تسوية أمر الإقرار بالتعهد بمسئوليتهم عن تسريب النسخ من خلالهم فقط ما يعني أنهم غير مسئولين في حالة تم تسريب نسخة من قبل جهة أخرى.

 

أحمد عبده

أحمد عبده

صحفي مصري متخصص في الشأن الطلابي، يكتب تقارير بموقع شبابيك، حاصل على كلية الإعلام من جامعة الأزهر، ومقيم بمحافظة القاهرة